بسم الله الرحمن الرحيم

حركة "فتح"- إقليم لبنان/ مكتب الإعلام والتعبئة الفكرية

النشرة الإعلامية ليوم الجمعة 4 -9-2020

*رئاسة

ترأس اجتماع الأمناء العامين للفصائل: الرئيس يدعو لحوار وطني شامل وحركتي فتح وحماس للشروع في حوار لإقرار آليات إنهاء الانقسام

صمود شعبنا وثبات موقفنا منع صفقة القرن ومخططات الضم الإسرائيلية

مشاريع التطبيع المنحرفة يستخدمها الاحتلال كخنجر مسموم يطعن به ظهر شعبنا وأمتنا

قرارنا الوطني حق خالص لنا وحدنا ولا يمكن أن نقبل أن يتحدث أحد باسمنا ولم ولن نفوض أحدًا بذلك

لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطًا وحيدًا للمفاوضات ولا بخطتها

من يقبل بالضم هو خائن للوطن وبائع للقضية

على الدول العربية إعادة التأكيد على التزامها بمبادرة السلام العربية

لن نحيد عن ثوابتنا الوطنية وفق ما جاء في قرارات المجلس الوطني وإعلان الاستقلال عام 1988

سنقوم بالترتيبات اللازمة لعقد جلسة للمجلس المركزي في أقرب وقت ممكن

كل المصاعب والأثقال المادية تهون أمام عزيمتنا الوطنية المتمسكة بثوابتنا وحقوقنا

لن ننهار ولن نسقط مهما بلغ الضغط الأميركي

لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة

دعا للتوافق على تشكيل قيادة وطنية تقود فعاليات المقاومة الشعبية السلمية

دعا رئيس دولة فلسطين محمود عباس، في كلمته خلال ترؤسه اجتماع الأمناء العامين للفصائل، مساء يوم الخميس، إلى حوار وطني شامل، كما دعا حركتي فتح وحماس بالذات إلى الشروع في حوار لإقرار آليات إنهاء الانقسام وفق مبدأ أننا شعب واحد، ونظام سياسي واحد، لتحقيق أهداف وطموحات شعبنا.

وحضر الاجتماع الذي عقد في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وفي العاصمة اللبنانية بيروت عبر "الفيديو كونفرنس"، إلى جانب الأمناء العامين للفصائل، أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ومستشارو سيادة الرئيس، وعدد من الوزراء، وشخصيات مستقلة، والمفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، ورجال دين مسيحيين وسامريين، وعدد من أمهات وزوجات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ورئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية انتصار الوزير، بمشاركة رئيس لجنة المتابعة العربية داخل أراضي الـ48 محمد بركة.

وقال سيادته إننا سوف نقوم بالترتيبات اللازمة لعقد جلسة للمجلس المركزي في أقرب وقت ممكن، وإلى ذلك الوقت نتفق على الآليات الضرورية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية في أطر زمنية محددة وبمشاركة الجميع.

وأضاف أن اللقاء هذا يأتي في مرحلة شديدة الخطورة، تواجه فيها قضيتنا الوطنية مؤامرات ومخاطر شتى، من أبرزها: ما يسمى بصفقة القرن، ومخططات الضم الإسرائيلية، التي منعناها حتى اللحظة بصمود شعبنا وثبات موقفنا، ثم مشاريع التطبيع المنحرفة التي يستخدمها الاحتلال كخنجر مسموم يطعن به ظهر شعبنا وأمتنا، مؤكدًا أن من يقبل بالضم هو خائن للوطن وبائع للقضية.

وأكد سيادته ان قرارنا الوطني هو حق خالص لنا وحدنا، ولا يمكن أن نقبل أن يتحدث أحد باسمنا، ولم ولن نفوض أحداً بذلك، فالقرار الفلسطيني هو حق للفلسطينيين وحدهم، دفعنا ثمنه غاليا، وسوف تبقى منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبيته المعنوي الجامع الذي يجب أن تتضافر جهود أبنائه وقواه وفصائله جميعاً من أجل حمايته وتقويته وبقائه مظلة لجميع الفلسطينيين في الوطن والشتات.

وشدد على أننا لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطاً وحيداً للمفاوضات ولا بخطتها التي رفضناها ورفضها المجتمع الدولي بأسره لمخالفتها الصريحة للقانون الدولي.

ودعا سيادته للتوافق على تشكيل قيادة وطنية تقود فعاليات المقاومة الشعبية السلمية، وقال: سوف نقوم بالترتيبات اللازمة لعقد جلسة للمجلس المركزي في أقرب وقت ممكن، وإلى ذلك الوقت نتفق على الآليات الضرورية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية في أطر زمنية محددة وبمشاركة الجميع، بما في ذلك تشكيل لجنة متابعة نتوافق عليها جميعاً، وتقدم توصياتها في جلسة المجلس المركزي المرتقبة، وتشكل هذه اللجنة من جميع الفصائل والشخصيات الوطنية.

وتابع الرئيس أنه سيكون على الدول العربية خلال الاجتماع الذي سيكون برئاسة دولة فلسطين، أن تعيد التأكيد على التزامها بمبادرة السلام العربية، وأن إقامة علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال لا يأتي إلا بعد إنهائها للاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني استقلاله بدولته ذات السيادة والمتواصلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، مؤكدا أنه لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة.

وفيما يلي نص كلمة رئيس دولة فلسطين محمود عباس في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية:

بسم الله الرحمن الرحيم

"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" صدق الله العظيم

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرحب بكم جميعا في هذا اللقاء الوطني التاريخي، حيث نجتمع اليوم على قلب رجل واحد، لكي نتعاون ونتكاتف في القيام بواجبنا الوطني الجامع، وفي حمل أمانة قضيتنا الوطنية المقدسة، بل وقضية كل الأحرار والشرفاء في أمتنا وفي العالم أجمع، فكل التحية لهم والاعتزاز بهم وبمواقفهم.

أبدأ كلمتي هذه بتوجيه خالص التحية لأرواح شهدائنا الأبطال وجرحانا البواسل وأسرانا الصامدين، ولكل عائلاتهم في الوطن وفي الشتات، مؤكدين لهم أننا سوف نستمر، وبكل إصرار وثبات، في المحافظة على حقوقهم، مهما بلغ الثمن، ومهما عظمت التضحيات.

كما أوجه التحية لإخواننا من الأمناء العامين القادة الذين تعذر حضورهم معنا اليوم، وأخص بالذكر كلاً من الأخ نايف حواتمة والأخ أحمد جبريل والأخ أحمد سعدات، فك الله أسره وأسر جميع أسرانا الأبطال.

وأرحب أيضا بالحاضرين من القيادات الدينية الذين كانوا معنا على الدوام في مسيرة الحرية والتي لا نزال نخوضها معا، والتي لن تتوقف بحول الله حتى تصل إلى غايتها في تحرير وطننا وإقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها الأبدية القدس بكل مقدساتها.

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة.

إن لقاءنا هذا يأتي في مرحلة شديدة الخطورة، تواجه فيها قضيتنا الوطنية مؤامرات ومخاطر شتى، من أبرزها: ما يسمى بصفقة العصر، ومخططات الضم الإسرائيلية، التي منعناها حتى اللحظة بصمود شعبنا وثبات موقفنا، ثم مشاريع التطبيع المنحرفة التي يستخدمها الاحتلال كخنجر مسموم يطعن به ظهر شعبنا وأمتنا، وما حصل أخيرا الإعلان الثلاثي من الولايات المتحدة وإسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، هذه آخر الخناجر المسمومة التي طعنونا بها.

نلتقي اليوم لكي نواجه كل هذه المخاطر والمؤامرات التي ترمي إلى تصفية قضيتنا الوطنية، ولكي نحمي وحدتنا الوطنية وقرارنا الوطني المستقل.

نلتقي اليوم لكي نتحرك بموقف وطني سياسي موحد، يفتح الطريق لإنهاء الانقسام البغيض، وتحقيق المصالحة، وبناء الشراكة الوطنية من خلال الانتخابات العامة؛ التشريعية والرئاسية حسب قوانينا المعروفة.

نلتقي اليوم لكي يعلم الجميع أننا شعب واحد، وقضية واحدة، تجمعنا فلسطين، والقدس والأقصى والقيامة والمستقبل المشيد بالحرية والسيادة والكرامة الوطنية.

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة

لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، وسنظل نقول دائما إن قرارنا الوطني هو حق خالص لنا وحدنا، ولا يمكن أن نقبل أن يتحدث أحد باسمنا، ولم ولن نفوض أحداً بذلك، فالقرار الفلسطيني هو حق للفلسطينيين وحدهم، دفعنا ثمنه غاليًا، وسوف تبقى منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبيته المعنوي الجامع الذي يجب أن تتضافر جهود أبنائه وقواه وفصائله جميعاً من أجل حمايته وتقويته وبقائه مظلة لجميع الفلسطينيين في الوطن والشتات.

تعلمون أنه منذ عام 1917 خرجوا علينا بوعد بلفور وهو إنتاج أميركي بريطاني وعلينا جميعًا أن نقرأ هذا البيان حرفًا حرفًا، لأنه أنكر منذ البداية، منذ 103 سنوات الشعب الفلسطيني وتحدث عن الشعب الفلسطيني على أنه أولئك الباقون أو الموجودون على هذه الأرض لهم حقوق مدنية ودينية، وبقوا حتى هذه اللحظة يقولون لكم أنتم لكم حقوق مدنية ودينية وليس لكم حقوق سياسية، هذا هو الموقف الذي تقفه إسرائيل ومن ورائها أميركا، واستمر منذ ذلك الوقت بإغفال وإنهاء وجود الشعب الفلسطيني، وكانوا يقولون أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ويعرفون تماما منذ ذلك الوقت أن أرض فلسطين مليئة بالفلسطينيين والبقية قلة موجودة هنا أو هناك، ولكنهم كانوا يقصدون أن نمحو الفلسطينيين من فلسطين لتصبح أرضًا بلا لشعب لشعب بلا أرض، ومع ذلك عانينا كثيرًا لإثبات وجودنا وكيانا ولم نتمكن وبقينا شتاتا في كل أنحاء العالم، إلى أن ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية، ومع ذلك لم يكونوا يعترفون بنا أننا شعب وأن المنظمة تمثل الشعب إلى عام 1974 عندما أخذنا قرارًا بالقمة العربية أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويعني أنه لا أحد يتكلم عنا ولم نفوض أحدا عنا، ونحن الذين يجب أن نتكلم، وهذا لا يعني أن العرب غير معنيين بالقضية الفلسطينية، ولكن من خلال موقفنا ورأينا ومساعينا لا يحق لأحد أيًا كان كما كان يحصل في الماضي وفي السنوات الماضية أن يتحدث باسمنا.

ومن هنا نؤكد أننا لم نفوض أحدا ولن نفوض أحدا، ونحن الذين نتكلم عن قضيتنا الفلسطينية أما أن يأتي هذا أو ذاك ليقول أنني جئت لكم بهذا أو ذاك، أو أن تقول أنا أوقفت الضم لا، فقط شعبنا هو من أوقف الضم وشعبنا هو من أفشل صفقة العصر، ولا نقبل لأحد أن يتكلم باسمنا، نحن الذين نتكلم عن الشعب الفلسطيني ولسنا بحاجة لوصاية أحد أو حماية أحد، ونحن كفيلون برعاية أنفسنا وحماية قضيتنا وشعبنا.

أخواتي.. إخواني.. ويا كل أبناء شعبنا العظيم:

لقد رفضنا صفقة القرن الأميركية جملة وتفصيلاً، وقطعنا علاقاتنا بالإدارة الأميركية حين أعلنت الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال، ثم قامت بنقل سفارتها إليها، كما أوقفنا العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد إعلانها لمخططات الضم، وقررنا أننا في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات معهما، وقلنا للجميع: إنه إذا نفذت حكومة الاحتلال الإسرائيلية أياً من مخططات الضم، ولو على سنتميتر واحد من أرضنا المحتلة منذ عام 1967، فسوف تكون حكومة الاحتلال هذه ملزمة بتحمل المسؤوليات كاملةً في أرض دولة فلسطين كقوة احتلال وفقاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، ونتذكر أننا في 19 أيار الماضي أخذنا قرارا واضحا أن حكومة إسرائيل إذا أعلنت الضم سنقطع العلاقات، وإذا بدأت الضم سنقول لهم تحملوا مسؤولياتكم كاملة، ونحن لن نتراجع عن موقفنا وسنبقى ثابتين متشبثين بهذا الموقف.

صحيح أن هذه المواقف قد ترتب ويترتب عليها مصاعب إضافية أصبحنا نواجهها، وبالذات على الصعيد الاقتصادي، حيث تحتجز سلطة الاحتلال مئات ملايين الدولارات من أموالنا التي يجمعونها بمقابل يعني كل مئة دولار يأخذون 3 دولارات عليها، هذا عدا السرقة التي يسرقونها من هذه الأموال، من خلال سيطرتهم على نقاط الحدود، والتي نرفض استلامها وفقاً للاتفاقات السابقة التي تحللنا منها، وقد زادت الضغوط علينا وعلى الدول العربية منذ بداية هذا العام حتى أن هذه الدول لم تف بالتزاماتها المالية لنا.

نحن طلبنا أن يتم منحنا قروضا مقابل أموالنا وذهبنا إلى أقاصي الدنيا، إلى كل دول العالم نطلب قروضا مقابل أموالنا، إلا أن الإدارة الأميركية في كل مكان نذهب إليه تقول إياكم أن تدفعوا لهم دعوهم بالزاوية حتى ينهاروا، نحن لن ننهار ونحن لن نسقط مهما بلغ الضغط الأميركي، صحيح أنها لسنا دولة مستقلة، ولكن لدينا إرادة ولدينا حق والله سبحانه وتعالى معنا، وهذا يكفي ليحمينا من كل الضغوط ويمنع عنا كل الضغوط التي تأتي من هنا وهناك.

هذا بالإضافة إلى استمرار سلطة الاحتلال وقطعان مستوطنيها، في ممارساتها العدوانية ضد شعبنا، من قتل واعتقالات وهدم للبيوت ومصادرة للأراضي وانتهاك للمقدسات وبالذات في المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي في الخليل، وحصار ظالم لقطاع غزة الحبيب، لكن كل هذه المصاعب، وكل هذه الأثقال المادية، ونحن في خضم جائحة "كورونا"، التي تُحملنا أعباء إضافية، تهون أمام عزيمتنا الوطنية المتمسكة بثوابتنا وحقوقنا المشروعة، وهنا فإنني أوجه التحية لكل أبناء شعبنا على صبرهم في مواجهة هذه الأزمة التي أثق أننا سوف نتجاوزها كما تجاوزنا غيرها من قبل.

بالنسبة لقطاع غزة يعاني ما يعانيه ونحن قررنا غدا أن يذهب وفد وزاري إلى قطاع غزة ومعه 20 شاحنة من الأدوية التي يحتاجون إليها في مواجهة كورونا، لأن لديهم حصار ونقص في أمور كثيرة، ومن واجبنا وما يتوفر لدينا أن نقتسمه معهم وأن نرسله لهم وهذا ما سيحصل غدا.

وبالمناسبة أقول لشعبنا إنه يجب أن تلتزموا بقرارات وزارة الصحة فيما يخص كورونا لأننا نلاحظ ازدياد الإصابات بكل الأراضي الفلسطينية، في الموجة الأولى لم يكن لدينا أكثر من 80 مصابا الآن لدينا إصابات بالآلاف، كل ما نريده هو ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، وألا تكون هناك اجتماعات ولقاءات كالأعراس والأتراح فليس هناك ضرورة، ولا حاجة للتجمعات، وكلما ازداد العدد يصبح من غير الممكن مواجهة هذا الفيروس اللعين والخبيث، وأتوجه لأهلنا للالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي، حتى الصلاة يمكن أن نصلي في البيت وهذا جائز بإذن الله، وأتمنى على شعبنا أن يلتزموا بالتعليمات الصحية لأن الأعداد تزداد بشكل مخيف هنا وفي غزة، وأتوجه بنداء لكل أهلنا ليلتزموا لأن الأمر ليس بهذه السهولة والفيروس يتفشى بسرعة هائلة، ولا أحد يعرف متى ينتهي، وإلى الآن لا يوجد دولة اكتشفت لقاحا لهذا الفيروس، وحتى يكتشفوه ونبدأ باستعماله لكل حادث حديث، والآن نكتفي بالوقاية فهي مهمة جدا وتحمينا من استمرار تفشيه.

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة

لقد أعلنا موقفنا أمام الجميع، وقلنا لكل الوسطاء الذين تحدثوا معنا من أجل كسر الجمود الذي صنعته الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية إننا مستعدون لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة تنطلق من خلاله مفاوضات جادة على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي أعلنتها قمة بيروت في عام 2002 وجاء بها المرحوم الملك عبد الله ووافق عليها جميع العرب والمسلمون، والتي تقول إذا حصل حل للقضية الفلسطينية فكل مسلم يستطيع أن يطبع علاقته ولكنهم أصبحوا يطبعون أولا، إذن نحن متمسكون بمبدأ الأرض مقابل السلام، وفي إطار زمني محدد، وتحت رعاية دولية متعددة الأطراف، الرباعية الدولية وبمشاركة دول أخرى.

وفي هذا الصدد فإننا نؤكد على أننا لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطاً وحيداً للمفاوضات ولا بخطتها التي رفضناها ورفضها المجتمع الدولي بأسره لمخالفتها الصريحة للقانون الدولي. المبادرة الأميركية هي أحادية، قرار أحادي جاء من ترمب وهي مخالفة للشرعية الدولية ولقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وحقوق الإنسان، ونذكر أنه في آخر أيام أوباما جاءت الإدارة الاميركية وأبلغتنا أنها سترسل قرارا لمجلس الأمن، قرأنا القرار واتفقنا عليه بمنتهى السرية، أرسل القرار ووافق عليه الجميع بما فيهم الولايات المتحدة واعتمد، وبعد أن دخل ترمب البيت الأبيض قال أرفض هذا القرار وقال إن عنده مبادرة إلى أن خرج لنا بصفقة العصر وهي في الحقيقة صفعة لا يوجد فيها شيء، قال إقرأوها، وقرأناها ولا يوجد فيها كلمة واحدة أن هناك دولة فلسطينية للفلسطينيين بعد أن يثبتوا ولاءهم بأربع سنوات، هل هذه الدولة قطعة جبنة سويسرية يربطها نفق تحت إمرة إسرائيل، وأنا أتحدى أي إنسان في العالم أن يقبل أن تكون دولته بهذا الشكل، هذه ليست دولة وما عدا ذلك لا يوجد أي شيء في صفقة العصر، لا لن أقبل لن أجلس على طاولة فيها صفقة القرن، إنما نذهب لمفاوضات على أساس الشرعية الدولية والقرارات المتفق عليها بالاتفاقيات، ونقبل أي قرار في مجلس الأمن وأولها هذا القرار الذي قدمته أميركا بنفسها وأخرجته إلى مجلس الأمن في اليوم الذي دخل فيه السيد ترمب إلى البيت الأبيض، نحن نريد مفاوضات وفق الشرعية الدولية، والصفقة ليست شرعية دولية بل قرار أحادي، وبالتالي أنت لا حق لك أن تضع ما تريد، ولذلك نرفض هذا رفضا قاطعا وحتى لا نكون عدميين قلنا تعالوا للمفاوضات الرباعية الدولية التي اختلفت قبل أيام مع أميركا على هذه النقطة، التي (أميركا) طلبت أن تضع الصفقة، حيث اختلفت روسيا وأوروبا والامم المتحدة مع أميركا ومنع اللقاء وانتهى، ولا تريد أميركا أي لقاء لا تكون فيه الصفقة على الطاولة، ونحن لن نقبل هذه الصفقة.

لقد وقف معنا العالم أجمع ضد صفقة القرن ومخططات الضم، العالم في البداية أخذ بهذه الصفقة التي لم يقرأها أحد ولا الذين أعلنوها، وعندما بدأنا نشرح لهم موقفنا وبذلنا جهودا خارقة مع كل دولة العالم قالوا نحن ضدها، وقلنا إذا يوجد تسوية حدود بالاتفاق بالقيمة والمثل لا مانع، أما 33% من الضفة الغربية لا أحد يقبل، أتحدى أي فلسطيني تعرض عليه ويقبل بها لا يمكن أحد أن يقبل لأن هذه قضية خيانية، من يقبل بالضم هو خائن للوطن وبائع للقضية ونحن رفضناه، كما صدرت مؤخراً بيانات جيدة من الأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي طلبنا منهم أن يتحدثوا عن رأيهم ونحن ممتنون لهم، وقالوا إنهم ضد ما يجري وأخرجوا بيانات تؤكد ثبات موقف العرب والمسلمين تجاه قضيتنا، وهو ما نريد منهم تأكيده خلال الاجتماع الوزاري العربي في التاسع من هذا الشهر.

في هذا الشهر هناك اجتماع للجامعة العربية برئاسة دولة فلسطين، سنطرح موقفنا ويجب على العرب أن يلتزموا بقراراتهم، والمبادرة العربية للسلام جلبتها السعودية على الطاولة وليس فلسطين وتبناها جميع العرب والمسلمين في كل قمة وليس مرة واحدة، وفي كل قمة يتم التأكيد عليها بما في ذلك هذه المبادرة التي وضعت بقرار في مجلس الأمن والتي أصبحت جزءا من قرارات مجلس الأمن. ما سيتم بالجامعة العربية يجب أن يكون هناك التزام بقراراتهم، حيث سيكون على الدول العربية أن تعيد التأكيد على التزامها بمبادرة السلام العربية، وبأن إقامة علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال لا يأتي إلا بعد إنهائها للاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني استقلاله بدولته ذات السيادة والمتواصلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، وأقول ها هنا وباسم كل الإجماع الوطني، أن لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة. لا غزة تقبل ولا نحن نقبل، دولة فلسطين هي على حدود 1967، غزة أولا ثم الضفة الغربية بما فيها القدس ولا يوجد دولة في غزة لوحدها ولا دولة في الضفة لوحدها، لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة، نختلف مع إخواننا في حماس وغيرها ولكن كلنا وطنيون ونحمي الوطن، ولا نختلف على الأساسات الصحية التي تربينا عليها منذ نشأت القضية الفلسطينية.

وإنني أؤكد أمامكم اليوم، وليسمع ذلك القاصي والداني، أننا لن نحيد عن ثوابتنا الوطنية وفق ما جاء في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني وإعلان الاستقلال عام 1988، وكانت جميع الفصائل موجودة وكان الحضور 736 عضوا واتفقنا عليها ونحن ملتزمون بها، هذه الثوابت التي شيدت مواقفنا وتحركاتنا منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم، والتي أثمرت فيما أثمرت تثبيت دولة فلسطين في النظام الدولي، بعد ذلك ذهبنا للنظام الدولي، ورفع مكانتها وعلمها في الأمم المتحدة وأصبح علمنا أول علم يوضع في الأمم المتحدة، وضمنت لها عضويتها في عشرات المنظمات والمعاهدات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن اعتراف 140 دولة بدولة فلسطين حول العالم.

المحكمة الجنائية الدولية يعني كل العالم، الآن لأنها لا تعجب ترمب ولأنها تحاكم جنوده الذين ارتكبوا جرائم ما في أفغانستان بدأ يحاربها ويقاطعها ومنع أعضاءها من دخول أميركا وقطع عنها كل شيء، لماذا؟ ألا يوجد سوى أميركا في العالم؟

في 2011 ذهبنا لتقديم طلب عضوية في الأمم المتحدة قالوا لا يحق لكم قلنا نحن شعب وموجودون، وقدمنا طلبا ورفض الطلب بالفيتو المسلط على كل الفقراء بالعالم، بعد ذلك ذهبنا في السنة التالية وقدمنا طلب دولة مراقب وهذا لا يحتاج إلى فيتو ولا غيره وأخذناها في عام 2012 وعانينا الأمرين، ولا أريد أن أضيف أكثر من هذا.

إن دولة فلسطين حاضرة بمؤسساتها المختلفة، السياسية والاقتصادية والأمنية والإدارية، يوجد عندنا كل شيء وأحسن من كثير ولكن ليس لدينا استقلال لانهم يقفون بوجهنا، وقالوا لي بصراحة أنت إذا حضرت وأخذت العضوية فأنت تجاوزت الخطوط الحمراء الأميركية لأنك تؤثر على مصالحنا الدولية. وقد أصدرنا مؤخراً قرارات وقوانين من شأنها زيادة الحماية والأمن لشعبنا ومجتمعنا من مخاطر الفوضى والانفلات التي يسعى عدونا لنشرها في مجتمعنا بغية تمزيق وحدته الداخلية، ولم يعد ينقص دولتنا سوى أن تتحرر أرضها من نير الاحتلال الإسرائيلي، من أجل أن يحل السلام العادل والشامل في هذه المنطقة وفي العالم.

طبعا أخذنا قرارات بمنع الفوضى وبمنع تهريب السلاح الذي تهربه إسرائيل لأرضنا لإشاعة الفوضى كما تشيعها الآن بالداخل، وهذا السلاح مستعد أن يبيعه الجيش الإسرائيلي، وأخذنا قرارات لضبط هذا السلاح ليكون باليد الشرعية فقط كي لا ينفلت الوضع، وكما تريد إسرائيل أن يحصل انفلات لا نسيطر عليه بعد ذلك، ومن هنا صدرت قرارات بهذا الخصوص قبل 3 أيام.

أيتها الأخوات..أيها الأخوة ..أيها الصامدون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس..أيها الفلسطينيون في كل مكان، وبالمناسبة عدد الشعب الفلسطيني 13 مليونا، في فلسطين التاريخية أكثر من 6 ملايين والبقية في الخارج، وجميعهم متعلمون ولا يوجد أمية عندنا مثل غيرنا، ونريد أن نحصل على دولة إن شاء الله.

نحن باقون هنا، لن نغادر أرضنا ووطننا، وسوف نبذل كل ما يمكن لدعم صمود أهلنا وبالذات في مدينة القدس عاصمتنا الأبدية، لن نكرر مأساة 1948 حيث أخرجنا من وطننا، وفي عام 1967 الشيء نفسه، هذه المرة لن نغادر بلدنا، لكي نحمي مقدساتنا المسيحية والإسلامية من مؤامرات الاحتلال، كما وسوف نواصل العمل معاً لتحقيق الوحدة والشراكة الوطنية، وأتمنى أن يكون ذلك عاجلاً غير آجل، هذه البدايات الآن لكي نقف سويا في خندق المواجهة والمقاومة الشعبية السلمية للاحتلال. وأدعوكم هنا للتوافق على تشكيل قيادة وطنية تقود فعاليات هذه المقاومة، الآن آن الأوان أن تكون هناك قيادة للمقاومة تضع الخطط والأنظمة والشروط لتقود المقاومة الشعبية السلمية.

وسوف نقوم بالترتيبات اللازمة لعقد جلسة للمجلس المركزي في أقرب وقت ممكن، وإلى ذلك الوقت نتفق على الآليات الضرورية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية في أطر زمنية محددة وبمشاركة الجميع، لا يستثنى أحد بما في ذلك تشكيل لجنة متابعة نتوافق عليها جميعاً، وتقدم توصياتها في جلسة المجلس المركزي المرتقبة، وتشكل هذه اللجنة من جميع الفصائل لا يستثى أحد كذلك، ومن الشخصيات الوطنية المستقلة، القامات الكبيرة التي يجب أن تكون موجودة ولها دور في دفع هذه القضية للأمام.

وأدعو هنا، إلى حوار وطني شامل، كما أدعو حركتي فتح وحماس بالذات إلى الشروع في حوار لإقرار آليات إنهاء الانقسام، نريد أن نجلس ونتفق، ووفق مبدأ أننا شعب واحد، ونظام سياسي واحد، لتحقيق أهداف وطموحات شعبنا.

بسم الله الرحمن الرحيم "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.

 

*فلسطينيات

"الخارجية" إرهاب دولة الاحتلال يصيب فلسطينية حامل وسط تجاهل دولي متعمد

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، إقدام مجموعات المستوطنين الإرهابية، الليلة الماضية، على استهداف مركبات المواطنين الفلسطينيين العزل قرب بلدة ترمسعيا شمال رام الله، مما أدى إلى إصابة ٤ مواطنين من قرية كفر مالك شرق محافظة رام الله، أحدها وصفت بالخطيرة وهي لمواطنة حامل وفي شهرها التاسع.

وقالت الوزارة في بيان لها، اليوم الجمعة، إنها "إذ تحمل نتنياهو وحكومته المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء وتداعياته الخطيرة، فإنها تؤكد أن هجمات المستوطنين المتكررة والمتصاعدة ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم تأتي في إطار تكامل الأدوار المفضوح بين جيش الاحتلال وميليشيات المستوطنين، وهو تكامل نرى صوره يوميا من خلال إسناد قوات الاحتلال لتلك الميليشيات وتوفير الحماية لها والمشاركة معها في تنفيذ الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين العُزل، وهو ما يشكل تصريحا مفتوحا للمستوطنين لمواصلة استباحة حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم دون أية مساءلة أو محاسبة".

وأضاف: "للأسف الشديد لم تعد حياة المواطن الفلسطيني ذات أهمية لدى المجتمع الدولي الذي سارع للترحيب بتصريحات مشوهة لقيادات حكومية إسرائيلية عن انتقال مزعوم من الضم للتطبيع، لتبرئة دولة الاحتلال بكل مكوناتها عن أية جرائم يرتكبونها بحق مواطنينا الأبرياء. وتستغل هذه المكونات الوضع الدولي المتخاذل لتمرير اعتداءاتها وجرائمها بحق المواطن الفلسطيني وممتلكاته ودفعه عنها".

وتساءلت الوزارة عن جدوى مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته أمام هذا التخاذل في رؤية حقيقة الاحتلال البشع وفي إدانته، "فالمزاج الدولي الذي تصيغه الإدارة الأميركية يتماهى للأسف مع الجبن الدولي في الإشارة بوضوح لجرائم دولة الاحتلال، تجنبا لانتهازية الأخيرة في نعت كل من يتجرأ على الإدانة بختم اللاسامية الذي أصبح سلاحا تستغله دولة الاحتلال لابتزاز دول العالم واخضاعها لهيمنتها. وعليه التقت كل تلك الأطراف لحماية مصالحها ودوما على حساب الإنسان الفلسطيني، واليوم على حساب تلك المرأة الحامل وحياتها وحياة من تحمله في أحشائها".

 

*عربي دولي

بيروت: اهتمام إعلامي كبير باجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني

لاقى الاجتماع المنعقد للأمناء العامين لفصائل العمل الوطني بين رام الله وبيروت يوم الخميس، اهتماماً إعلامياً كبيراً من وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية العاملة في بيروت.

وقامت حوالي 40 وسيلة إعلامية وث80 إعلاميًا بتغطية الحدث الفلسطيني ونقل وقائعه على الهواء لأهميته القصوى في ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.

 

*إسرائيليات

"البحرين ستعلن التطبيع بعد توقيع الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي"

بعد ساعات من قرار السعودية فتح أجواءها لخط طيران ثابت بين إسرائيل والإمارات وأمام جميع رحلات الطيران من وإلى مطار بن غوريون في اللد، أفاد مسؤول إسرائيلي، أن البحرين تتجه إلى الانضمام إلى الإمارات وتطبيع العلاقات الرسمية مع إسرائيل.

وتوقع مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن تعلن البحرين عن تطبيع العلاقات الرسمية مع إسرائيل قريبًا جدًا، بحسب ما أفاد التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "كان" يوم الخميس.

ونقل التلفزيون عن المسؤول الإسرائيلي قوله إن التقديرات تشير بأن الإعلان البحريني عن التطبيع الرسمي، سيكون مباشرة بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث من المتوقع أن توقع الاتفاقية في البيت الأبيض في 13 أيلول/سبتمبر الجاري.

ووفقًا له فإن الولايات المتحدة معنية بتوقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل قبل رأس السنة العبرية الذي يصادف في شهر أيلول الجاري، كما أن إسرائيل مهتمة بمزيد من التعاون في الخليج، لا سيما في مجالات الأمن والتجارة.

إلى ذلك، تم رفض طلب السلطة الفلسطينية بعقد اجتماع عاجل للجامعة العربية للإعلان رسميًا عن معارضة تطبيع العلاقات الإماراتية مع إسرائيل. حيث رفضت البحرين الطلب. كما أن بعض الدول العربية تحاول التأثير على القيادة الفلسطينية وإجبارها على قبول "صفقة القرن".

 

*آراء

أعلامُ الأمةِ أعلامُنا/ بقلم: د. بكر أبو بكر

ساءني وساء الأغلبية تحول الأقلية للتعبيرات الفجّة عن الرفض والتنديد بما لا يتفقون معه، فيطال الرفض الموقف والذات والتاريخ وما يغتفر وما لا يغتفر.

حين نختلف مع بعضنا البعض، أفرادًا وجماعات ودول، فإن أول ما يلجأ له البعض الهادر هو حرق الصور أو الأعلام، أو تشويهها، كما حصل في مراحل مختلفة بالخلافات بين حركة "فتح" و"حماس".

ولما كنتُ من أوائل الرافضين لمثل هذه الممارسات الرمزية الفظّة، فإنني والعقلاء الكُثر كما أعتقد مازلنا عند حدود الرفض لمثل هذا التعامل مع الرموز التي نختلف معها.

في الحدث الأكبر الذي صدم الأمة العربية والإسلامية من زيارة السادات إلى القدس عام 1977 فصاعدًا، وما تلى ذلك من أحداث جارفة، ظهرت جلية نزعة حرق الصور والأعلام، والطعن في العروبة والثورية والنضالية لهذه البلد أو الشعب العربي أوذاك، وهي السياسة التي يقوم بها الغوغاء من القوم، وتلقى قبولاً من هذا الطرف السياسي المستفيد أو ذاك، ولكنها في المقابل تنسج حبالًا ضخمة حول أعناق فكرة الأمة أو الثقافة الواحدة، الرحبة المتسامحة التي تجد غوغاءها من المسوغات ما تستخدمه لتحارب به بعضها البعض.

الخلاف المفضي إلى الشِقاق والاحتراب والتفرقة، هو الخلاف الذي يُحَث عليه وتُقام له اللجان وفرِق العمل المتخصصة عند الإسرائيلي، وعند العقول الاستعمارية الامبريالية الغربية المهيمنة، والتي تظهر تجلياتها السخيفة واضحة على المقهى العالمي المسمى (فيسبوك) وأشباهه.

الحلف الصهيوني العنصري الذي لا يبغي إلا افتراش أرض العرب من المحيط إلى الخليج، هو الذي ينظر للعرب بفرح غامر، ماداموا متفتتين مجزئين، ويُحقن في جسدهم كُره أنفسهم، كُره العرب والعربية، وتكثيف عوامل الافتراق رغم عِظَم عوامل الاتفاق.

إن تكامل السياسة العدائية الإسرائيلية مع الفكر العنصري الغربي، وتنامي فكرة الشعوبية (الإقليمية) بين دول العرب، هي دعوة صريحة لحرق جثة الأمة بدلًا من استعادة صحتها وحيويتها، ودافعيتها للتقدم والإبداع، فتتحول إلى تكتل أو قوة إقليمية في العالم القديم على الأقل، في مواجهة تكتلات الغرب والشرق الكبيرة والمزدهرة.

إن من بدايات النزول من علياء الفكرة وفلسفة البناء والنقد والمركزية للقضية والتناقض الرئيسي ومنهج التوحيد هو تحقير الذات وتسفيه الأخ الآخر فينا، ليس فقط برأيه، وإنما بشخصه ورموزه، ما هو في قيم العرب غير قابل للغفران.

إنه بدلًا من أن يتم احتضان كل رموز الأمة وتقديمها جنبًا إلى جنب، تقوم القِلَة المحبطة (في مواجهة القلّة المنتشية بفعلتها) وعن عمد بطعنها وحرق أعلامها، وهي أعلامنا، وكأننا نقدم ذلك في حقيقة الأمر هدية للصهاينة.

نعم إن هناك أشخاص أو مواقف لأشخاص ممن يمكن أن تطلق عليهم اسم المهرولين أوالمتبّعين أوالمتحالفين مع الأعداء، أو المتصهينيين (والصهينة قناعة وإيمان قاطع كما حال الرئيس الامريكي وبعض فُسّاق العرب من اللواكع)، ولكن هذه القلّة-وسعينا أن يظلّوا قِلّة- التي تسير في دروب الظلم والاستبداد واستغلال القوة والسلطة وربما الإعلام وعقول الغافلين لا يجب أن ننصاع لها.

علينا الإمساك بجمرة الحرية والديمقراطية والمدنية الوسطية الجامعة، وتوسيع مساحات الاتفاق وتضييق الخناق حول الآراء المخالفة والمواقف المنحرفة.

علينا مقاومة الظلم والاستبداد والتناقض الرئيس، والتماسك حول إيماننا ومسعانا لتحقيق التآلف القومي والعروبي والديني المتسامح بين كل شعوب الأمة العربية عربًا وكوردًا وأمازيغًا ومسلمين ومسيحيين وكل الطوائف التي تواجدت معًا في هذه البقعة الجغرافية الحضارية المباركة، في حالات من الصعود والهبوط، وفي كليهما حافظت على ثقافة فيها ما فيها، ومازالت تجمعنا باللسان والدين والإرث المشترك والمستقبل الواعد.

أن تختلف مع شخص لا يعني أن تمس ذاته، وإنما أن تتعرض لفكرته أو رأيه أوموقفه بالنقد العلمي الموضوعي، فنقد الموقف هو المقصد وليس شتم الشخوص بذواتها، فالأول قابل للتفهم بموضوعيته، وفي المقابل قابل للتغيير، والثاني لا يُقبل ولو حلف صاحبه ألف يمين أنه يقصد كل الخير.

أن تنفصل الأمة عن ذاتها يبدأ بالترويج المقصود لاحتقار الانتماء لها، لثوبها المعطّر بالمسك، وكأن الحضارة الجامعة بمكوناتها المتسامحة التي ذكرناها قابلة للنزع ما هو مستحيل إلا لمن طاب له العيش تحت مظلة الانبهار بالغرب أو التنعم باستهلاكية الاذلال التي لا تقيم وزنًا للعلم والصناعة والزراعة ومنابع القوة البشرية الذاتية فينا.