تعد اليوغا تمرينًا للعقل والجسد بتاريخها الذي يرجع إلى خمسة آلاف عام من الفلسفة الهندية القديمة والتي تهدف إلى توحيد العقل والجسد والروح وتمكينهم من العمل بتناغم وانسجام، مع تعزيز الصحة البدنية من خلال الجمع بين الوضعيات الجسدية وتقنيات التنفس والتأمل. وقد تم وصف اليوغا في مجموعة الحكم الهندية التي جمعها باتانجالي بأنها "السعي وراء الذات، من قبلها ومن خلالها ". ومصطلح يوغا من اللغة السنسكريتية، ومشتقة من كلمة "يوغ" التي تعني "الإرفاق والربط والضبط"، في إشارة إلى اتصال العقل والجسد الذي يتحقق من خلال ممارسة اليوغا المنتظمة، والتي تعني بشكل أساسي الاتحاد والانضباط.

وفي فلسفة اليوغا غالبًا ما تُستخدم صورة لشجرة ذات جذور وجذع وفروع وأزهار وفواكه لترمز إلى الخصائص والتركيزات المختلفة من خلال فروعها الستة التالية:

1- هاثايوغا: الفرع البدني والعقلي المصمم لرعاية الجسد والعقل.

2- رجايوغا: تختص بالتأمل والالتزام بسلسلة من الخطوات التأديبية المعروفة باسم "الأطراف الانضباطية" لليوغا.

3- كارمايوغا: المسار الذي يهدف إلى خلق مستقبل خالٍ من السلبية والأنانية.

4- بهاكتي يوغا: ترسي طريق الالتزام من خلال توجيه العواطف بشكل إيجابي وزرع القبول والتسامح.

5- جنانايوغا: فرع الحكمة الذي يوجه الدارس ويطور الفكر من خلال الدراسة.

6- تانترايوغا: مسار الطقوس والشعائر أو إتمام العلاقة.

بالتأكيد، وعلى مدى مئات السنين، تطورت ممارسة اليوغا، وعلى الرغم من وجود أنماط وأشكال مختلفة لها، فلا يوجد نمط أكثر أصالة أو تفوقًا على الآخر. وفي عالمنا اليوم، شهدت اليوغا تطوراَ مع التركيز على التمرين والقوة والمرونة والتنفس، وجميعها تسهم وتساعد في تعزيز الصحة البدنية والعقلية.

كما وتهدف اليوغا إلى إبعاد الأمراض عن أذهاننا وأجسادنا من خلال أداء العديد من الوضعيات التي تعزز أجسامنا وتمنحنا الشعور بالصحة. وعلاوة على ذلك، فإن اليوغا تساعد في تصفية الذهن وتحسن ذكاء الأشخاص من خلال الوصول إلى مستوى أعلى من التركيز وتساعد بكيفية التحكم في عواطفنا وتربطنا بالطبيعة وتعزز الصحة الاجتماعية.

ويعتقد أن ممارسة اليوغا تحمل فوائد عديدة، فعلى سبيل المثال ثبت طبياَ أنها تساعد في الصحة العقلية والصحة العامة من خلال تقليل أعراض الاكتئاب والقلق. ويُعتقد أيضًا أن اليوغا تُحسِّن من جودة النوم وتساعد في علاج الأرق وذلك من خلال تقليل التوتر وتوفير التدريب البدني. كما وتسهم اليوغا، كما العديد من أنواع التمارين الأخرى، بزيادة مستوى الطاقة اليومي، ولكن بطريقة لطيفة من خلال تنشيط الدورة الدموية للجسم وإطلاق الإندورفين الذي يتحكم في مستويات الطاقة بالجسد. وتساعد الوضعيات المختلفة لليوغا أيضًا في بناء قوة الجسم وزيادة المرونة من خلال إيقاظ عضلات أجسامنا وتدريبها على الأداء بطريقة ربما لم نشهدها من قبل.

وفي عالمنا اليوم وبتعقيداته وبسبب مستويات الضغوطات التي نتعرض لها، فقد ظهرت لدى العديد من الأشخاص أعراض ارتفاع ضغط الدم حتى في مرحلة مبكرة من حياتهم. وقد أثبتت الأبحاث والتجارب الطبية أن اليوغا تساعد المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. ويسود الاعتقاد أن الالتزام بممارسة إينجاريوغا يفيد بضبط ضغط الدم الانقباضي والانبساطي على مدار 24 ساعة. ومن الفوائد الأخرى الملحوظة لليوغا صحة المفاصل ورفع مستوى الوعي تجاه النظام الغذائي والجسم وتعزيز جهاز المناعة وخفض مستوى هرمونات الإجهاد المعروفة بإعاقة نظام المناعة في الجسم.

وبعد اعتماده كقرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014، يتم الاحتفال بيوم 21 يونيو من كل عام باليوم العالمي لليوغا بحيث تتم توعية الناس تجاه فوائد اليوغا. ولقد اقترح معالي رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أن يكون يوم 21 يونيو يوما للاحتفال باليوم العالمي لليوغا لكونه أطول يوم في العام يشهده النصف الشمالي للكرة الأرضية إضافة إلى أهمية فصل الصيف، من منظور اليوغا، والذي يشير إلى الانتقال إلى داكشينيانا (التحول الصيفي). ويعتقد أيضًا أنه في مثل هذا اليوم قام شيفا - الذي يعد أول يوغي- بالبدء بنشر المعرفة حول اليوغا لبقية الجنس البشري.

وعلى مدار السنوات الماضية، تم الاحتفال في فلسطين باليوم العالمي لليوغا بحماسة كبيرة، ولكن هذا العام وعلى عكس الأعوام المنصرمة، فإن احتفال بعثتنا هنا في فلسطين يأتي في ظروف استثنائية بسبب جائحة فيروس الكورونا العالمية. والتزامًا بالأنظمة والتدابير المتعلقة بالتباعد الاجتماعي، وبسبب التزامنا القوي بالحفاظ على سلامة الجميع، قمنا بالاحتفال بيوم اليوغا عبر الإنترنت وبمشاركة العديد من ممارسي اليوغا من مختلف المدن والمحافظات الفلسطينية. إننا نأمل أن البشرية بوحدتها ستتغلب على هذا التحدي الكبير وأن يشهد العالم نهاية هذه الجائحة قريبًا.

 

سونيل كومار