آلاف الفلسطينيين واليهود تجمعوا مساء السبت في ساحة رابين وسط تل أبيب ضد مخطط نتنياهو لضم مناطق من الضفة الفسطينية، من دون شك أن هذه التظاهرة بمثابة صرخة، بمثابة شمعة في عتمة إسرائيل اليمينية المتطرفة والعنصرية، وأن من نظمها وشارك فيها يمكن أن نطلق عليهم مجموعة الأمل، مجموعة تحفر بصبر في صخرة العنصرية الصماء.

أهمية المظاهرة أنها تثبت أن هناك شعبًا عربيًا فلسطينيًا له قوة التأثير والفعل، ولها رمزية سقوط يهودية الدولة، كما أن فيها رسالة للعالم أن هناك معارضة من داخل إسرائيل، لمخطط الضم، هذه التظاهرة يمكن أن تكون رد على ادعاء نتنياهو أنه يقود حكومة وحدة وطنية، لا معارضة لها، وأن المعارضة هي على يمين حكومته ومواقفها، أي أن المعارضة أكثر تشددًا للضم من حكومته.

والأهمية الأخرى للتظاهرة، أنها ليست ضد الضم وحسب، بل هي ضد الاحتلال برمته وبكل أشكاله، ويعلن المشاركون فيها أنهم مع دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. وإذا ربطنا قدرة الجماهير الفلسطينية داخل مناطق الـ 1948 بإيصال 15 عضوا للكنيست. فإن هذه القوة تنعكس على الأرض وسط تل أبيب. وهناك وعي عميق لدى جماهيرنا في الداخل تجاه خطط نتنياهو للضم. وأن صفقة القرن ستقود أيضًا إلى عملية ترانسفير لمواطنين فلسطينيين، ونقلهم إلى الدويلة الفلسطينية المسخ التي يروج لها كوشنير.
والملفت في هذه التظاهرة أيضًا، هو الصوت اليهودي القادم من الولايات المتحدة ويعارض صفقة القرن والضم، والمقصود صوت بيرني ساندرز، الذي كان أحد أبرز مرشحي الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، وهو زعيم الجناح اليساري في هذا الحزب، والمؤيد لمبدأ حل الدولتين، لقد كانت رسالة ساندرز واضحة، أن الاحتلال والضم والعنصرية تتناقض مع مبدأ الديمقراطية والحرية التي تنادي بها الولايات المتحدة الأميركية.
والمفارقة، أن مظاهرة تل أبيب تحدث في ظل صمت العواصم العربية. الصوت الأوروبي وحده كان مسموعًا ضد الضم أكثر بكثير من صوت الأشقاء. فالاتحاد الأوروبي وجه ما يشبه التحذير لنتنياهو، بألا يقدم على الضم، حتى من داخل الولايات المتحدة، كانت الأصوات أكثر وضوحًا من الصوت العربي الرسمي.
لقد رفع علم فلسطين بكثافة في وسط تل أبيب وهذا دليل على أن الحقيقة الفلسطينية هي أقوى من أن تغيب أو يتم إلغاؤها، وأن الرواية الصهيونية ليس بإمكانها أن تنزع الجذور العميقة للشعب الفلسطيني في أرض وطنه. شكرًا لمجموعة الأمل التي أنارت شمعة في عتمة إسرائيل القاتمة، وفي عتمة عواصم العرب.