من الغريب حقًا، حتى مع الجهل، أو حتى مع روح العناد والمكابرة، أن يكون هناك اليوم، من  لا يدرك أن الحجر المنزلي وفي مواجهة فيروس "كورونا" الخطير، هو أولاً لأجل صحته، وصحة عائلته، وعموم أهله وجيرانه ومعارفه، وتاليًا لأجل صحة شعبه ووطنه، بِكونه الحجر الذي يؤمن الحماية الممكنة والفاعلة، من هذا الفيروس الذي تكمن خطورته بالتخفي في الجسد الذي يحتله لأيام معدودات، كي لا تظهر عليه أيّة أعراض تنبه لوجوده، ما يجعل حامل الفيروس يتنقل في محيط مجتمعه، ويخالط أهله ومعارفه، دون أي  تحسب، وهذا ما يسمح بتفشي الوباء على نطاق أوسع، كلما ظل التنقل ممكنًا، والمخالطة بصفة عامة، واقعة !! وبكلمات أبسط وأكثر وضوحًا وواقعية، فإن الحجر المنزلي لا يستهدف في المحصلة سوى حماية العائلة ومحيطها الاجتماعي، من خطر التنقل والمخالطة، لأجل أن تظل هي ومحيطها، في منأى عن الفيروس اللئيم.

ما من غاية من وراء هذا الحجر حقًا، سوى هذه الغاية النبيلة، بضرورتها ومسؤولياتها الوطنية والاجتماعية، وأخلاقياتها الإنسانية، وبحكم إنها غاية التقوى قبل أن تكون غاية الوقاية، وتقوى الله، طريق الفلاح في الدنيا والآخرة، والوقاية طريق السلامة والعافية، لأن درهمها كما نعرف خير من قنطار علاج.

 حتى الآن، لم تتزايد عندنا أعداد المصابين بفيروس "الكورونا" إلا عن طريق تنقل حامل الفيروس، ومخالطته لمحيطه الاجتماعي، وثمة من يشخص بحمله المرض، عند نقاط المراقبة الصحية التي حققتها إجراءات الحكومة، فيخضع للحجر الصحي، غير ان مكابرة الجهل تدفع به للهرب من هذا الحجر، فيزيد الطين بلة، كما حدث في "دير جرير" مثلا، إذ تمكن مصاب بالفيروس من الهرب من حجره الصحي، ما أسفر عن تفشي الفيروس بين أفراد عائلته، ولعله الآن يعض أصابع الندم !! والضرورة الآن أن نرى هذه الواقعة كأمثولة لا ينبغي أن تتكرر ولا بِأي حال من الأحوال، ولهذا فإن قرار الغلق، للبلدات والقرى التي يظهر فيها الفيروس على هذا النحو، سيظل قرارًا واجبًا، وبالغ الضرورة، والمسؤولية الوطنية، والاجتماعية، والإنسانية، لدرء مخاطر التفشي المفزعة. 

لا شيء يظل على حاله، وحال "الكورونا" إما الى انحسار واندحار، أو إلى انتشار، وإذا كنا ندعو الله تعالى، أن يرفع عنا هذا البلاء، ونرجو رحمته وعطفه وغفرانه، فإنا مع الدعاء، ملزمون اليوم بحسن الامتثال للحجر الصحي والمنزلي فهذا امتثال للصالح الخاص والعام معًا، مثلما هو امتثال لحماية الحياة، التي لن تكون ممكنة دون صحة وخير وعافية،  ولله الأمر من قبل ومن بعد.