عد أن فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف يمكنه من تشكيل حكومة برئاسته في ثلاثة انتخابات اسرائيلية جرت في عام واحد، فإنَّ همسًا يدور في بدايته لا يزال عن مسؤولية دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، الذي استمع بالكامل لرؤية أحد طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو بنيامين نتنياهو، ولقد استمع ترامب لوجهة نظر حليفه بشكل لم يحدث على هذا النحو الاهوج في تاريخ الرؤساء الاميركيين المنحازين للرواية الصهيونية لأسباب كثيرة، منها ماهو متعلق برؤية أميركا للشرق الاوسط الذي تريد اختراقه بقوة عبر دولة إسرائيل، ومنها ماهو متعلق بتأثيرات دينية تعبر عنها جماعات المسيحيانية اليهودية التي ينتمي اليها ترامب نفسه، ومنها ماهو متعلق بطبيعة ترامب نفسه الذي أبرز مافيه أن تغريداته أهم من نصائح وأقوال أعضاء إدارته، وأنه أول من يصدق نفسه وأول من يقع في براثن أكاذيبه التي تعلقت بكل مناحي الحياة في أميركا والعالم فيما يختص بقضايا المناخ أو قضايا الحرب التجارية و حتى فيما يختص بفيروس كورونا الذي أصبح وباء عالميَا، ولم تنج منه أميركا نفسها، بل هي في بداية التوسع في انتشاره في أميركا، وكل هذه القضايا كذب فيها ترامب بمعدلات عالية.

نتنياهو فاشل في تشكيل ائتلاف حكومي وخصمه الذي جعله يتجرع هذا الفشل هو القائمة المشتركة التي حصدت مقاعد أكثر ومن هذا يبدأ السؤال، من يخدع حليفه أكثر، ترامب يخدع نتنياهو ويفرز أربعة من ادارته لكي يورطوه في اكاذيب مثل بومبيو، وجاريد كوشنر صهر ترامب وكبير مستشاريه، جيسون غرينيلات وديفيد فريدمان سفير ترامب في إسرائيل الذي هو يفخر بأنه مستوطن، أمّ نتنياهو الذي أوحى لترامب أنه يمسك بالعملية كلها، وأنه ممسك بالانتخابات وأنه ناجح في حشد المطبعين مثل عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني الذي تسلل سرا للقاء نتنياهو، ومثل آخرين لايستحقون حتى مجرد الشتيمة. 

هذا السؤال مهم جدا، من يخدع من في لعبة التحالف بين ترامب ونتنياهو، فنتنياهو أخذ كل الفرص وأضاعها ، ترامب أعلن صفقة القرن الميتة إرضاء لحليفه، ولكن وصل إلى النقطة التي لايستطيع أن يتجاوزها، فهو في دائرة الانتخابات الحرجة في أميركا وهو يواجه خصمين قويين هما جو بايدن ولارني ساندرز، ولم يعد لديه وقت لملاحقة أكاذيب نتنياهو أمام جدية وشمول التحرك لإسقاط صفقة القرن من قبل القيادة الفلسطينية الشرعية على رأس شعبها، ويا نتنياهو لقد عاد الحديث قويًّا من خصومك من امكانية صدور قانون يمنعك منهم من تشكيل حكومة، وقبل الانتخابات الثالثة، كان قد جرى الحديث عن امكانية مسامحتك إذا أعلنت انسحابك من الحياة السياسية، أنت الأن بين اختيارين كلاهما مُر، فماذا عليك أن تختار؟؟؟