لو قُدِّرَ لنا أن نجهز لمناظرة سياسية، بين تلميذ فلسطيني، من الصف الثامن أو التاسع، وبين جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي ترامب، وكبير مستشاريه، فإننا على يقين بتفوق التلميذ الفلسطيني، ليس لنباهة تلميذنا السياسية بالدرجة الأولى، وإنما لجهل كوشنير المدقع- لا في كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وإنما في لغة السياسة وشؤونها- ومن يظن أننا نتجنى على كوشنير في هذا الاطار؛ فليراجع ما قاله في مقابلتيه الأخيرتين: مع محطة "ام بي سي مصر" و"السي ان ان" الأميركية، وحيث إنه في هاتين المقابلتين لم يكن غير نافخ بوق لمقولات التحريض الاسرائيلية–الأميركية ضد فلسطين وقضيتها وشعبها وقيادتها، حتى أن مضيفه في الـ"سي ان ان"، فريد زكريا، لم يقنعه كلام كوشنير عن المعايير التي يريدها للفلسطينيين؛ كي يمنحهم (!!) دولة، فاحتج معلّقًا "لا توجد دولة عربية تفي بهذه المعايير" وبمعنى ان كوشنير لا يبالغ فحسب، وانما يتبجح كذلك بمعايير لا يعنيها، وليست غير محسنات لغوية، لنص بالغ الرداءة!! لم يتلق كوشنير تعليقا من هذا النوع، من مضيفه في محطة ام بي سي مصر!! وعلى أية حال الـ"سي ان ان" ترى في ما يطرحه كوشنير بشأن خطة إدارة ترامب للتسوية، التي لا علاقة لها بفكرة التسوية بحد ذاتها، ما يضر بالمصالح الأميركية، وسمعة الولايات المتحدة، ما جعلها تعلق بنقد مهني، على معايير كوشنير اللغوية!! غير ذلك في هذه المقابلة ينسى كوشنير، ويتناسى أن صفقة رئيسه الفاسدة لم تعد موضع احترام في العالم أجمع، وقد رفعت دول وقوى واحزاب وشعوب، القبعة للرئيس ابو مازن، لفصاحة موقفه الرافض "لصفقة القرن" التي يريدنا كوشنير أن نعتنق شروطها العنصرية؛ لنعيش برفاهية ديمقراطيته المجربة، في أقاليم ما يسمى بالربيع العربي..!! ومثلما ينسى الكاذب ما يكذب في مطلع حديثه، ينسى كوشنير أنه تحدث عن دولة يريد منحها للفلسطينيين (..!!) ليتحدث عن دول قائمة لهم، لكنها وكما قال "دولة بوليسية، لا ديمقراطية مزدهرة..!!!" ولهذا ما لم يستجب الفلسطينيون لشروط الصفقة الفاسدة ؛ "فينبغي على اسرائيل ألا تخاطر بالاعتراف بهم كدولة"..!!

لا يعرف كوشنير ولا يريد ان يعرف ان ديمقراطية العقد الاجتماعي الفلسطني امثولة في هذا الشرق العربي وصناديق الاقتراع لديه مشهود لديها بالنزاهة، بدلالة ما انجزت من انتخابات حرة حتى الان، وشرطة هذا العقد هي شرطة الخدمات وكذلك أجهزتها الامنية التي لا عقيدة لديها غير العقيدة الوطنية لسلامة الامن الوطني والاجتماعي والاهلي معا.

لا يعرف كبير مستشاري الرئيس ترامب كل ذلك، كما انه لن يفهم أن فلسطين بشعبها، وقيادتها، لا تنتظر من أحد أن يمنحها دولة، لا بشروط، ولا بغير شروط، وأن هناك مسيرة للنضال الوطني الفلسطيني منذ أكثر من خمسين عاما، وبتضحيات عظيمة، ما زالت تكرس حضورها؛ في سبيل استرداد حقوق شعبنا المشروعة، وتحقيق أهدافه العادلة، وأن فلسطين ستنتصر بحكم هذا التاريخ وهذه المسيرة، وهذه التضحيات العظيمة؛ ولأن قضيتها- قبل كل قول وبعده- قضية عادلة، وهكذا تراها قرارات الشرعية الدولية، التي- لا محالة وبفعل النضال الوطني الفلسطيني بحد ذاته- ستجد طريقها للتحقق، عاجلا أم آجلا؛ ولأن غايتها في المحصلة تحقيق السلام العادل، سلام الحق، والكرامة، والنزاهة، الذي لا يعرف كوشنير عنه أي شي..!!