الذين ينظرون للعقد الاجتماعي، وللثقافة الاجتماعية فيما بعد، من ثقوب أبواب غرف النوم (..!!) لا يمكن لأحد ان يصدق بأنهم من دعاة الحرية والتحرير، ولا من دعاة الحكم الرشيد، ولا حتى من دعاة الشريعة الاسلامية السمحاء!! وبقدر ما في هذا النظر من هذه الثقوب، من ظلامية وجهل وتخلف، هي اليوم خلاصة "الثقافة الداعشية" بقدر ما ينبغي التصدي لها، بحكم أنها الثقافة التي يريدها لنا صناع "داعش"- الأميركيون كما اعترفت بذلك هيلاري كلينتون- الذين يعرفون جيدا ان هذه "الثقافة" وبالنسبة للفلسطينيين تحديدا لن تستقيم مع مسيرتهم التحررية، ولن تخدم أيا من تطلعاتهم العادلة والمشروعة، بل وعلى العكس، فان وقوعهم تحت سطوتها، ستدفع بهم الى أدنى درجات التخلف والعنف والفوضى، وهذا ما سيطيح بمشروعهم الوطني التحرري مثلما أطاحت داعش بالأمن والأمان والاستقرار في العديد من الدول العربية..!!! في التنزيل الحكيم لم يدعُ الله العلي القدير، الرجل المؤمن وحده ان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وانما دعا المؤمنين والمؤمنات سوية لفعل ذلك، في الآية الكريمة " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء لبعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" وهذا يعني والله تعالى أدرى وأعلم، انه لا يجوز للثقافة الداعشية المشغولة بغرف النوم أكثر من أي شيء آخر، ان تقرر أمرا يخص المجتمع، على نحو ذكوري محض، وبما يجعل المرأة حبيسة محرمات ما أنزل الله بها من سلطان..!!! 

 نتحدث عن "سيداو" الاتفاقية التي اعتمدت بواسطة اللجنة العامة في الأمم المتحدة، عام 1979 وصادقت عليها أكثر من 189 دولة عام 1981 التي صادقت عليها فلسطين في آذار 2009، المصادقة التي كانت بالغة الضرورة لأهداف سياسية وغايات التطلع السيادي، وتكريس حضور فلسطين دولة اتفاقيات دولية، نتحدث عن هذه الاتفاقية التي نبش الحديث عنها اليوم، بعد كل هذه السنوات، جماعات التطرف الاسلاموية، لغايات التحريض على السلطة الوطنية، وغايات أخرى محض انتخابية..!! نتحدث عن هذه الاتفاقية التي يحق لأي أحد الاعتراض عليها، حتى وهو لم يطلع عليها (..!!) نتحدث عنها لنوضح ونؤكد أنه ينبغي النظر الى عقدنا الاجتماعي، من نوافذ القانون الأساسي الذي ليس بوسع أية اتفاقية أن تتجاوزه، الذي ينص في الفقرة الثانية، من المادة الرابعة، ان "مبادئ الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع" وعليه فان اللغط المثار اليوم حول "سيداو" لا يعدو غير لغط حزبي، ولتلك الغايات التي أشرنا إليها، التي لا علاقة لها البتة بغايات الدفاع عن الشريعة، ولا حتى عن العفة، التي يزعمها هذا اللغط، الذي مرت تحت غطائه الحملة "الدعوية" الحمساوية، لإزالة مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد المجيدة في غزة...!! علما ان القانون الأساسي في فقرته الاولى من مادته الرابعة، يقول "الاسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها" لِمَ إذن لَمْ يتحدث عن هذه الحملة الظلامية، أصحاب هذا اللغط، أم أنها تلك الفتنة وراء تلك الأكمة..؟؟ 

 وعلى أية حال، ما نريد ان نقوله في خاتمة هذه الكلمة، يصح الاعتراض على أي موقف، وبشأن أية اتفاقية، كلما جاء الاعتراض في موعده، وفي سياقاته الوطنية والاجتماعية والثقافية البليغة، السياقات التي تمضي نحو البناء الوطني الأجدى والأرقى، والأكثر تحضرا بإنسانية مشروعه التحرري، "سيداو" نَصٌ ارتضاه المجتمع الدولي، بصياغاته الوضعية، وهذا يعني انه ليس نصا مقدسا على الإطلاق، ويظل قابلا للنقد والتحفظ، ودار الافتاء في فلسطين قالت كلمتها في هذا الشأن، وحق المرأة في المساواة يظل غير قابل للمساومة، وحيث لا تعني المساواة الانحلال الاخلاقي، ولا الانحلال الاجتماعي، والذهاب نحو عوالم الحس الرخيصة، لأن المرأة شأنها شأن الرجل في ديننا الحنيف، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.