عنوان هذا المقال ليس مجرد أمنية، بل هو ضرورة قصوى، ذلك أن كلاً منهما خلق لدولته و شعبه حالة مفزعة من الإنكشاف لا سابق لها، وحالة من التدهور على مستوى المؤسسات القضائية، و شره المستوطنين الذين حولهم من شعب إلى عبيد، لأن الواحد منهم الذي لا يستطيع استئجار غرفة في تل أبيب أصبح لديه فيلا في الضفة الغربية تحتوي على حمام سباحة، وأصبح هذا المستوطن لا يحاسب على اعتبار أن لصوصية الأرض التي يمارسها هي عمل ريادي وأخلاقي ومتميز من الدرجة الأولى، و أصبح القتلة المصابون بالشذوذ أبطالا يتظاهر لصالحهم بنيامين نتنياهو الذي يستخدمهم بلا حدود.
هذا الانحطاط الأخلاقي يتوازى في خطورته مع انحرافات دونالد ترامب الرئيس الأميركي، أدخل أميركا في حرب مع العالم تتعدد أشكالها ودرجاتها ومآسيها، وهو يقول على غرار نتنياهو، أنا أميركا، أنا على حق والجميع على خطأ، حتى وصلت الأمور إلى التهديد بحرب أهلية في أميركا و إسرائيل.
الوضع الاستثنائي الذي غرق فيه هذان الحليفان، أنهما جاءا ليطمسا قضية هي الأقدم، و الأكبر، ووراءها شعب محصن بالوعي والانتماء، ورئيسه هو نموذج متفرد للإيمان بقوة الحق وقوة المعرفة الحقيقية وقوة التجربة المتجددة، وليس الدعائية، إنها القضية الفلسطينية وقيادتها الشرعية، كم مرة حاول نتنياهو وحاول ترامب أن يتجاوزها كل على طريقته المجرمة والغبية، وفي كل مرة يثبت أن من يتوهم استصغارها ويتجاوزها يجد نفسه على حافة السقوط والتيه، والاحتقار من شعبه.
إلى أين يهرب نتنياهو؟
إلى انتخابات ثالثة، سيحصد نتائجها حزب الليكود الذي صمت على حالة التشيّؤ التي أوصله نتنياهو إليها.
ونفس الحال مع ترامب الذي تقررموعده في الرابع من ديسمبر ليكون حاضراً في الاستماع إلى إجراءات عزله التي تتصاعد، يتحضر إلى الأكاذيب، يجعل من أعضاء إدارته مسلوبي الإرادة، وفي الوقت الحرج يتبرأ من مخازيهم كما قال قبل بضعة أيام ضد جولياني محاميه الخاص، فقد قال ان جولياني ذاهب إلى أوكرانيا ومارس أعمالاً تخص مصالحه التي لا علاقة لي بها.
تتوارد الأسئلة وراء بعضها عن إسرائيل بدون نتنياهو، ما هي مرجعياتها، ونفس الأسئلة تتوارد بكثرة عن أميركا بدون ترامب، خاض حروباً قائمة على الوهم، دخل مع الشعب الفلسطيني في عداء ظالم وأخرق بدون معرفة سوى الارتهان إلى "الوشوش" السوداء، والتقديرات السوداء.
في عشرات من الاختبارات قال العالم لا لإسرائيل ولا لترامب، وأن الانتقال إلى النقض لا يمكن أن يتم على مزاج نتنياهو وعلى مستوى عقل ترامب.
في الفترة الرئاسية الأولى لترامب التي يتمنى العالم ألا تتكرر، عشرات من الدول الكبرى و الصغرى على حد سواء، آمنت بأهمية أميركا لاستفزاز العالم وسلامته، ومواجهة تحدياته الكبرى مثل الإرهاب والتطرف والتعصب، والتغير المناخي الحاد الذي يهدد كوكبنا أكثر من ترامب ألف مرة، جزء من هذا الغباء المغرور أو الغرور الغبي، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ناجم عن ان نتنياهو سيطر على ترامب بأكاذيبه التي كانت متطابقة مع حقيقة تفكير ترامب ونوازعه الشريرة ولذلك من الضروري أن يذهب الشريكان إلى الجحيم.