في اللقاء الذي جمع الرئيس محمود عباس مع وفد كبير من بني معروف (الموحدين)، الذي جاء من الجليل يوم السبت الماضي، اتفق الجميع على نقطتين رئيسيتين، الأولى، نبذ سياسة فرق تسد. هذه السياسة التي استخدمها الاستعمار البريطاني وواصلت استخدامها اسرائيل وأبدعت بها، أما النقطة الثانية فهي أن الدين لله والوطن للجميع، وأن الشعب الفلسطيني بجميع طوائفه واحد تجمعه هويته الوطنية، التي طورها منذ آلاف السنين على أرضه التاريخية.
جميع المتحدثين وفي مقدمتهم الرئيس أكّدوا أن سياسة فرق تسد لم يعد الرضوخ لها مقبولا، كما ليس من الانصاف ان تجلد الضحية بعضها بعضا فالجميع هم ضحايا هذا المشروع الصهيوني الاستعماري، كما لا يمكن الرضوخ لمنطق وعد بلفور الذي رفض التعامل مع الفلسطينيين كشعب، بل كمجموعات طائفية ومذهبية.
الرئيس في مطلع حديثه قال إن اسرائيل نجحت بحدود معينة في تمزيق الشعب الفلسطيني، هذا مسلم عربي وهذا مسيحي، وهذا درزي وآخر بدوي، وكأن كل فئة من هؤلاء هي قومية منفصلة لا يجمعها مع الآخر الفلسطيني أي شيء، وأكد أن هذا الأمر لم يعد مقبولا فنحن شعب واحد ابناء هذه الأرض.
هناك معلومات اود أن أشرك القارئ بها حول بني معروف الفلسطينيين، فهم صمدوا عام 1948 في قراهم في الجليل وحافظوا على أرضهم وقراهم واستقبلوا إخوتهم ممن هجروا من قراهم واحتضنوهم لأشهر، والمعلومة الأخرى أنهم رفضوا مقايضة أي ارض تصادرها إسرائيل منهم بحجة فتح طرق
أو غيره من الحجج، رفضوا مقايضتها بالمال أو بأي أرض تعود لإخوتهم ممن تحولوا إلى لاجئين فكانوا يصرون على أن تكون الأرض من اراضي الدولة.
بنو معروف ليسوا بحاجة للدفاع عن هويتهم العربية، فهم عرب أقحاح ولعبوا ادوارا مهمة في تاريخ الأمة ومنهم الرواد في مقاومة الاستعمار، أمثال سلطان باشا الأطرش الذي قاد
أول ثورة سورية ضد الاستعمار الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي. وهناك كمال جنبلاط، الذي قال عنه الرئيس إنه شهيد القضية الفلسطينية، وشهيد فكرة الوحدة العربية. ومنهم الرواد في أدب وشعر المقاومة الفلسطينية، الشاعر الكبير سميح القاسم وسلمان ناطور وغيرهم.
وفي السياق لابد من الإشارة إلى الحركة الدرزية المناهضة لتجنيد الدروز في الجيش الاسرائيلي، فأعداد هؤلاء وبفضل هذه الحركة في تناقص مستمر. وفي السياق لابد من الإشارة
إلى صمود دروز الجولان السورية المحتلة، الذين رفضوا الضم وكل الإغراءات والضغوط الإسرائيلية للتنازل عن هويتهم السورية الوطنية، وفي الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لم يشارك إلا 18 شخصا من أهل الجولان في هذه الانتخابات.
إن أهمية هذا اللقاء الذي تم في مقر الرئاسة الفلسطينية هي في إعادة اللحمة وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، وتأكيد على الهوية الوطنية لكل مكونات الشعب الفلسطيني. وهنا لابد من الاشادة بلجنة التواصل وجهودها بقيادة الأخ محمد المدني وفريقه، فهذه الجهود لا يمكن وصفها إلا بأنها جهود هدفها وطني نبيل.