بعد أشهرٍ قليلة، ربّما بعد سنة واحدة سوف أشتاق لبنيامين نتنياهو. قد يقول عربيّ قوميّ: ما هذا البله؟ وقد يقول عربيّ ليكوديّ: لا تعرفون قيمة الفرد الّا بعد رحيله. وقد يقول قارئ بين السّطور: اللهم استر، فأبو عليّ يُخيفنا من "المخفي أعظم"، ولكنني أؤكّد لكم للمرّة الألف أن المطر في هذا الشّتاء غزيرٌ ان شاء الله، وأنّ الينابيع ستتفجر في وطننا الصّغير الجّميل من ام الرّشراش حتى الخالصة، وأنّ شقائق النّعمان، حمراءَ وزرقاءَ وبيضاءَ ستتفتح وأنّ شّبانًّا سيقطفونها ويقدّمونها لصبايا جميلات يغار الورد من وجناتهنّ.
أحد عشر عامًا، يا جماعة الخير، عدد اخوة الجميل يوسف، عشناها معًا. والرّجل يذكُرُنا صباحَ مساء بلسانه الطّلق ويصفنا مثل شاعر من العصور الوسطى، وينعتنا مثل تلميذ يجيد كتابة الانشاء ويحسن البديع، ويلسعنا مثل دبّور في شهري آب وأيلول، ويشتمنا مثل ملكة الرّصيف، ويحرّض علينا راضعًا الحليب من ثديّ ابنة عمومة هند بنت عتبة.
يا الله! كم سنحنّ الى هذا الخطيب المصقع الألمعيّ ونترحّم على أيّامه فهو الزّعيم الصّهيونيّ الوحيد منذ هرتسل حتى الشّابّ يائير الّذي عرفنا وفهمنا وقدّرنا واكتشف بأنّنا "خطر وجوديّ" على دولة إسرائيل الّتي تملك أقوى جيش في المنطقة. وهذا يعني أنّنا مهمّون جدًّا وأقوياء جدًّا. نحن تمامًا كما وصفوا عبد النّاصر وصدّام حسين وحسن نصر الله وحسن روحاني. ولولا "شوفة النّفس" لقلت نحن أقوى منهم. فشكرًا بيبي. نحن لا نملك أسلحة سوى بنادق اشتراها "قبضايات" من أبناء شعبنا من جنود أكثر جيش أخلاقًا في العالم ليطلقوا الرّصاص علينا نحن فقط كي يكسّر البطيخ بعضه. ولكن بيبي يقول بأنّنا خطر وجوديّ، وبيبي فهمان جدًّا، وهذا يعني أنّ أحفادي يزيد ورازي وعميد ومحمّد وعلي وزينة وجنى (اللهم صلِّ على النّبيّ، وخمسة في عين الحسود) خطر وجوديّ أقوى من الصّواريخ وأخطر من المياه الثّقيلة في طهران والدّليل على ذلك أنّهم يلعبون كرة القدم ويسمعون الأغاني ويرقصون ويعزفون على النّاي والبيانو وسوف يدرسون الفيزياء في الجّامعات ويشترون بيوتًا في نوف هجليل وحريش ومعلوت وهذا ينافي جينات من يقولون "احنا عَ ظهور الخيل تعلّمنا الفروسيّة" أو "يا هلا بالضّيوفِ بالرّماح وبالسّيوفِ" والحمد لله تعالى أنّ الخواجا بيبي لم يعلم بهذه الأهزوجة ولم ينقلها له مستعرب ولو حدث ذلك لعمل منها "طنّة وزنّة ورنّة" ويا حرّة مع من علقتِ!.
هي أشهر قليلة والمثل يقول" لا تعرف خيري حتّى تجرّب غيري" فمن سيذكرنا بعد اليوم ويقول بأنّ العرب يهرولون الى صناديق الاقتراع، أو انّ العرب سيسرقون الحكم من اليمين الصّهيونيّ أو أنّ العرب يؤيّدون الإرهاب أو ان العرب إذا دخلوا في ائتلاف حكوميّ فسوف يقتلون الشّيوخ والنّساء والأطفال من اليهود.
لن يذكرنا أحد من جماعة أزرق أبيض أو من جماعة أحمر أبيض أو من جماعة أحمر أسود أو من جماعة قوس قزح وسوف نصبح على الهامش، لا في العير ولا في النفير.
قد يقول البعض سوف يذكرنا هذا السّمين الثّقيل اللسان، ولكنّ النّاس سواء من اليمين أو مّمن كانوا يسارًا في الأيّام الخاليّة قد ملّوا من وصفنا بطابور خامس، ومن أنكر الأصوات، والرّجل لا يعرف أن يجدّد لأنّ كلامه أسطوانة عتيقة.
هل هناك سياسيّ صهيونيّ يرطن إنجليزي أميركي مثل بيبي وهل هناك ساحر مثله؟ فلا تعجبوا إذا قرأتم بعد فترة في موقع ما بأنّني أزوره في معسياهو وحملت له هديّة يحبّها. طبعًا لن أهديه زجاجة شمبانيا لأنّ صانعه وبائعه وحامله وناقله وشاربه وكلّ من اقترب منه مخلّدٌ في النّار، ولكنّي سأحمل له سيجارًا كوبيًّا فاخرًا، ولو بالتّهريب، وسوف أقنع النّائب أيمن عودة أن نترافق لهذه الزّيارة الانسانيّة ونقول للرّجل: اشتقنا والله اشتقنا! يا أبا يائير اشتقنا!.
وحتّى تتّم هذه الزّيارة بإذنه تعالى نقول له: لن ننساك! لن ننساك! كلمة شرف لن ننساك.