يطرح إعلان "بومبيو" الذي يريد شرعنة النهب الاسرائيلي لأراضي الفلسطينيين كي لا تستقيم حياتهم في دولة ذات سيادة وحرية واستقلال، يطرح تحديات كبرى على الكل الوطني الفلسطيني، قيادة، وفصائل، ومؤسسات مجتمع مدني، وجماهير في اطارتها  الشعبية للمقاومة السلمية.
تحديات كبرى، بل ومصيرية، تفرض الاستجابة لها، ببرنامج عمل وطني شاملا، لا لإسقاط هذا الإعلان فحسب، وإنما لوقف هذا التغول الأميركي الصهيوني الذي لا يستهدف استباحة الأرض الفلسطينية لصالح الاستيطان الاستعماري الاسرائيلي فقط وإنما القضية الفلسطينية برمتها للشطب والتصفية، ومن أجل تأبيد الاحتلال الاسرائيلي لأرض بلادنا، خدمة لتخاريف الروايات الدينية التي ما أنزل الله بها من سلطان..!! تحديات لا سبيل لتجاهلها، ولا ينبغي التعامل معها وفق الأجندات الحزبية الضيقة، ببياناتها السياسية وتحليلاتها النظرية، التي دائما ما نرى بعضها يهبط علينا من مواقع الأستذة، والأبراج العاجية، التي تثرثر بتعليمات ما ينبغي على السلطة الوطنية أن تأخذه من موقف، وما ينبغي عليها أن تفعل (...!!) ولا تقول ابدا ما الذي عليها أن تفعل هي على أرض الواقع، بعيدا عن البيان والتحليل والتصريح، وكأن مهمتها الوطنية هي في إصدار التعليمات للسلطة الوطنية فحسب، وكفى الله المؤمنين شر القتال..!!
على أن السلطة الوطنية، في الواقع، تعرف ماذا عليها أن تفعل، وأي موقف عليها أن تتخذ، وهي تفعل حقا، وتتخذ الموقف الوطني الواضح والحازم، بعد رؤية وبحث وحوار، وقرار يوقع بقلم الشرعية الفلسطينية، قلم القرار الوطني المستقل، الذي يحمله الرئيس أبو مازن، ولطالما كان ومازال وسيبقى، هو قرار التحدي والمواجهة والعمل، والعالم بأسره من حولنا يعرف ذلك وقد رأى كيف أن حرفين من اللغة العربية، اللام والألف قد أسقطا صفقة ترامب الفاسدة، وفقط لأنهما حرفا الارادة الحرة، في كلمة فلسطين، التي أطلقها الرئيس أبو مازن، ضد الصفقة الفاسدة، وها هو اليوم يكرسها مرة أخرى في مواجهة إعلان بومبيو الاستيطاني، وقد عقد اجتماعا أول للقيادة، في مقدمة لسلسلة اجتماعات مقبلة، لكي نبحث سبل مواجهة هذا الإعلان والحاق الهزيمة به، فيما هاتف مكتبه دائم الحرارة والاتصال مع المؤسسات الناظمة للعمل العربي والاقليمي والدولي لاتخاذ المواقف والقرارات الواضحة بشان إعلان بومبيو الاستيطاني.  
لقد شبعنا من بيانات الجملة الثورية، وتحليلاتها النظرية التي ما أصابت شيئا من الواقع، آن الأوان كي تهبط "فصائل الأستذة" من بياناتها، آن لها أن ترى أن هذه البيانات التي غالبا ما تصيغها عقلية المناكفة، التي يظل بعضها مدفوع الأجر، آن لها أن تراها، وقد هرمت تماما، وكلماتها ليست أكثر من هسهسات فم أدرد..!!
وقت العمل، هو وقت كلمة الحق، وإن كانت موجعة، ومرة أخرى وأخيرة لا سبيل اليوم للتعامل مع التحديات التي يطرحها إعلان بومبيو الاستيطاني، وفق الأجندات الحزبية الضيقة، والبقاء في مربع الكلام النظري، الذي لا يقدم فقط، وإنما يؤخر ايضا، ويؤخر على نحو يضاعف مخاطر الاعلان الاستيطاني وهذا ما ينبغي أن ندركه جميعا، قبل فوات الأوان.