وصفنا الزّعيم "الدّيمقراطيّ والليبراليّ والمتنوّر" أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "يسرئيل بيتنو" أي إسرائيل بيتنا وهو وزير حربيّة سابق ووزير خارجيّة أسبق وعينه على رئاسة الوزراء بأنّنا طابور خامس في دولة إسرائيل، وكان معاليه قد هدّدنا قبل أربع سنوات بتقطيع أجسادنا بالبلطات، وتقديرًا له على هذه الدّرر الانسانيّة أطلقت عليه حينئذٍ "الوزير أبو بلطة"، وكان قد توعّد بضّم مدينة أمّ الفحم وضواحيها في وادي عارة الى السّلطة الفلسطينيّة خطوةً في سبيل التّخلّص من أكبر عدد من العرب، وقد سبقه وزير آخر عندما وصفنا ب "سرطان في جسم الدّولة" والسّرطان يجب استئصاله، في حين نعتنا جنرالٌ ووزير آخر بأنّنا "صراصير مسّممة في زجاجة"، وأمّا رئيس الوزراء المهتّز مقعده بيبي نتنياهو فقد حوّلنا الى فزّاعة فكلّما وجد نفسه مزنوقًا انتخابيًا أو قضائيًا أو حزبيًا هاجمنا بشراسة ووصفنا ب "دواعش" و"شيوعيّين" و"أعداء للدولة" ونسعى لتدميرها وسرقة الحكم من اليمين واذا ما وصلنا الى الحكم فسوف نقتل النسّاء والأطفال من اليهود وهلّمجرّا، وجاراه وزير الأمن الدّاخليّ إردان الّذي قال إنّ الأمّ العربيّة ترّبي أولادها على القتل وعلى العنف لأنّهما من جينات العربيّ.

قد يكون دافع التّحريض والهجوم عند الانسانِ، أيّ إنسان، الفشل أو الضّعف أو الحسّد أو الطّمع أو الحقد أو أمورًا أخرى مخفيّة ولكن ما حدث في إحدى الدّول الاوروبيّة المتطوّرة في القرن الماضي يلقي ضوءًا على ما يحدث اليوم في وطننا.

تقول كتب التّاريخ إنّ أدولف هتلر وصف اليهود في خطبه النّاريّة في العام 1919 بأنّهم "عدّو الشّعب" كما نعتهم بأنّهم رأسماليّون وشيوعيّون ووكلاء لأعداء الدّولة وهاجم الصّحافة ونعتها بأسوأ الكلمات وأطلق عليها " لوجنبرسيه" ومعناه صحافة الكذب وهو ما نسّميه اليوم " فايك نيوز" ورسّخ في أذهان مؤيّديه من الشّعب الألمانيّ عداءهم للصّحافة.

نسمع في هذه الأيّام هجومًا شرسًا على المواطنين العرب وعلى ممثّليهم في البرلمان، وهجومًا منفلتًا على الصّحافة والإعلاميّين المعارضين لنتنياهو وعلى الشّرطة وعلى القضاء، وإذا كان العربيّ عدّوًا للدّولة ومتآمرًا عليها فإنّ الصّحافيّ المعارض يساريّ خطير واليسار هو العدو والعدو هو اليسار والعرب.

نتنياهو والليكود يتّهمون ليبرمان إيّاه بأنّه يساريّ. صدّقوا أو لا تصدّقوا. أليس هذا من المضحكات المبكيات؟ كما يتّهمون جدعون ساعر القطب الليكوديّ ذا الصّوت الآخر بأنّه يساريّ ومتآمر على الرّغم من أنّه لا يعترف بحقوق الشّعب الفلسطينيّ وينادي بأرض إسرائيل الكبرى. ونتنياهو والليكود يتّهمون رؤوبين رفلين، رئيس الدّولة أيضًا بأنّه متآمر.

ما يجري في بلادنا في هذه الأيّام خطير. وما يجري في عالمنا خطير جدًّا، وما يجري في الشّرق خطيرٌ ومقلقٌ ومرعبٌ.

ماذا تخبّئ لنا الأيّام وماذا في جعبة المستقبل؟

ما أكتب لأخيف أحدًا. معاذ الله! 

ولكن دعونا نفكّر برويّة!