قبل انتهاء مهلة هدنة الأيام الخمسة بـ24 ساعة التقى الرئيس رجب طيب اردوغان مع الرئيس فلاديمير بوتين في روسيا أول أمس الثلاثاء (22/10/2019) لبحث العلاقات الثنائية المشتركة عموما، والتطورات في شمال شرق سوريا بعد الاجتياح العسكري التركي لها، الذي أطلقت عليه اسم "نبع السلام". وكما يعلم الجميع تمت العملية العسكرية بموافقة وعلم القطبين الأميركي والروسي والرضى الإيراني مقابل الرفض العربي الرسمي والشعبي لها.

 

جاء اللقاء الروسي التركي وفق ترتيب مسبق بين الزعيمين، وبعد سلسلة اتصالات ولقاءات بين الجانبين التركي والأميركي يوم الخميس الماضي (17/10/2019) جمع أردوغان مع بنس، نائب الرئيس الأميركي، ووزير الخارجية بومبيو، توصل خلاله الطرفان إلى وقف إطلاق النار، وتثبيت هدنة لمدة خمسة أيام، مقابل انسحاب المقاتلون الأكراد (جماعة قسد) من منطقة التماس على الحدود السورية التركية، ووقف التمدد التركي في الأراضي السورية أكثر مما بلغته القوات المجتاحة (مسافة 32 كيلو في عمق الأراضي السورية)، وطمأنة إسرائيل على حصتها في المنطقة، وضمان الوجود الرمزي الأميركي في المناطق المنتجة للنفط.

 

وكانت محصلة الاتفاق الروسي التركي إيجابية، ويلبي الطموحات التركية، فضلا عن مباركة الاجتياح العسكري التركي لاراضي سوريا، لهذا اعلن عنه الرئيس اردوغان، بأنه اتفاق تاريخي، وتضمن الآتي: أولا- عدم إقامة كيان كردي على الحدود التركية السورية. ثانيا- انسحاب قوات "قسد" إلى داخل مربعات تواجدهم السكاني. ثالثا- تسيير دوريات روسية تركية عسكرية على الحدود الفاصلة بين البلدين لضمان سلامة الأراضي التركية. رابعا- ضمان وحدة الأراضي السورية. خامسا- تأمين عودة النازحين السوريين الطوعي لمدنهم وقراهم. سادسا- منع عودة الجماعات التكفيرية المتطرفة إلى المنطقة. سابعا- عدم وصول انصار إيران للمنطقة، وهو ما لم يعلن عنه. وايضا عدم السماح بوجود أي نفوذ لجماعات المعارضة السورية. ثامنا- أخذ مصالح إسرائيل بعين الاعتبار في المنطقة، والموافقة على عدم التعرض للوجود الرمزي الأميركي حول منابع النفط في سوريا.

 

من خلال التوقف امام مجمل الاتفاقات التركية مع القطبين الدوليين الأميركي والروسي، نلاحظ: أولا- تركيا حصلت على ما تريد من أهداف سياسية وامنية وديمغرافية. ثانيا- تصفية الطموح الكردي في شمال شرق سوريا، وعودتهم لحاضنة الدولة السورية، وهو ما قامت روسيا بدور اساسي فيه، بعد جمعها الطرفين يوم الأحد الموافق 13/10/2019، وتم التوقيع على الآتي: موافقة قوات سوريا الديقراطية "قسد" على دخول قوات الجيش العربي السوري إلى المنطقة وبسط سيطرتها عليها ابتداء من عين ديوار شرقا وحتى جرابلس غربا، وتم تفصيل المحاور الثلاثة التي ستنطلق منها قوات الجيش السوري لفرض سيطرتها عليها، وهذا ما كان. ثالثا- حماية وحدة وسيادة سوريا على اراضيها.

 

النتيجة الخاسر الأكبر كان الأكراد، لان القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في الصراع رفضت، وترفض منحها حقها في تقرير المصير. وايضا وفق المعطيات والتقديرات الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة كشفت عن عجز سياسي، وقصور جلي في حماية حلفائها الأكراد، وأظهرت ترددا وتقلبا سياسيا وأمنيا غير منطقي، يميط اللثام عن فقر حال سياسي لإدارة ترامب في إدارة الصراع في منطقة الشرق الأوسط عموما، وعلى الساحة السورية خصوصا. ورغم تصريح نتنياهو بعد لقائه بومبيو، وزير الخارجية الأميركي يوم الجمعة 14/10 الحالي مع فريدمان، سفير ادارة ترامب في إسرائيل، الإيجابي تجاه إدارة ترامب، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية وتصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين أعلنت خيبتها من ضعف وخواء سياسة إدارة ترامب في سوريا.