ستُسجِّل فلسطين في روزنامتها هذا اليوم، الخامس عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩، يومًا سعوديًّا بامتياز حميم، وليس فقط لأنَّ منتخب السعودية لكرة القدم، قد حلَّ ضيفًا على الملعب البيتي الفلسطيني، ليقابل أهل البيت في مباراة دولية، الثلاثاء القادم، وهذا ما يكرّس حقًّا من حقوق فلسطين الرياضية، ويؤكّد حضورَها كدولة على هذا الصعيد، وإنّما كذلك -وهذا هو المغزى- لأنّ المملكة العربية السعودية تُعلن بزيارة منتخبها لفلسطين، أنَّ هذه الزيارة هي في المقام الأول، زيارةُ دعم ومناصرة ومساندة لأهل فلسطين، أهلها، وأنَّ الطريق من الرياض "يمامة بني حنيفة" إلى القدس، يمامة العاصمة الفلسطينية، ودرّة تاجها، تظلُّ طريقًا عربية، ولا سلام دون هذه الطريق، التي تدل عليها، وقد وضعت مسارها، مبادرة السلام العربية، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، في قمة بيروت العربية عام 2002.

والحق أنّنا نرى في معنى هذه الزيارة ما هو أكثر من ذلك، حين سنرى بطون قريش العدنانية، السعودية والفلسطينية، وهي تتجوّل في شوارع فلسطين، يدًا بيد وكتفًا إلى كتف، كرسالة لـ(إسرائيل) الاحتلال والعدوان، أنَّ السعودية لفلسطين، وفلسطين للسعودية، وسلام الله على تجوال التحدي الحسن. 

لسنا نبالغ أبدًا، فالزيارة بحكم قيمتها السياسية والرياضية والمعنوية، هي زيارة بالغة الأهمية، وفارهة المعنى، وتاريخية المستوى، حتى أنَّنا سنحتاج إلى إبداع الإرسال الأدبي، ليجاور ما يقوله إرسال الواقع عن هذه الزيارة، لنكتشف جماليات قيمتها ونزاهة هذه القيمة. 

لن نلتفت الى الهذيانات الشعاراتوية المدفوعة الأجر، التي تريد أن تُبقي أبواب فلسطين مغلقة بوجه أشقائها، بل والتي تريد أن تُبقي فلسطين مغلقة على الاحتلال فحسب، كي تبقيها عرضةً لمزايداتها اللغوية، التي لا تريد وجودًا للكيانية الفلسطينية، وقرارها الوطني المستقل!!! لن نلتفت إلى هذه الهذيانات الموتورة، التي ستظل أصوات نشاز لن تؤذي سوى مسامع أصحابها. 

 السعودية في فلسطين، تشبيك عربي حيوي مع القضية الفلسطينية، بعيدًا عن كل ادّعاء ومزايدة، وحضور السعودية هنا، هو حضور الرسالة البليغة، التي تدحض أقاويل وفبركات تلك الهذيانات الشعاراتوية، والتي تؤكِّد أنَّ المملكة العربية السعودية، لن تتراجع عن مبادرتها للسلام، وشرطها الموضوعي، أن تطبّق من ألفها أولاً حتى يائها، وليس العكس مطلقًا، كما أنَّ هذا الحضور، هو حضور الموقف الثابت للمملكة، تجاه القضية الفلسطينية، موقف الدعم الذي ما تراجع، وما توقف يومًا، على مختلف الأصعدة السياسية والإجرائية والمالية، ولا شك أنَّ هذا الحضور هو نتاج حضور فلسطين في وجدان شقيقتها السعودية، وفي جدول أعمالها، إنه الحضور الواقع والمعنى والتاريخ، فمرحبا بالمملكة وصقورها الخضر، مرحبا بأهل أرض مهوى قلوب المسلمين، في أرض الرباط والفرسان، أرض مهوى قلوب الساعين للحق والعدل والسلام والحرية، وبروح المحبّة والعرفان والتقدير، بروح فلسطين وأصالتها العربية، نقول لأشقائنا السعوديين، لقد حللتُم أهلاً ووطئتم سهلاً، ونحنُ اليوم ضيوفُكم وأنتم ربُّ المنزل.