يوم الخميس كانت الانظار الفلسطينية في كل بقاع الارض متجهة إلى دمشق بانتظار اللقاء بين قياديين من حماس برئاسة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي، ووفد حركة فتح المكلّف، والمؤلف من الأخ عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي، ومعه الأخ صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية ،و الأخ نصر يوسف عضو اللجنة المركزية السابق. وجاء هذا اللقاء بعد جهد مصري برز من خلال اللقاء في السعودية بين المعتمِرَين خالد مشعل، وعمر سليمان، واتفقا على ضرورة الاسراع بعقد لقاء بين فتح وحماس في دمشق، ثم لقاء بين حماس والقيادة المصرية.

بالتأكيد قضية معقدة مثل الانقلاب والانقسام في العام 2007 لن تحل بلقاء واحد. فسابقاً حصل تفاوض على مدى تسعة شهور بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة، ورغم أنَّ هذه الحوارات توصَّلت بعد جهد جهيد إلى وثيقة مصرية ناضجة شكّلت قاسماً مشتركاً بين الفصائل إلاّ أنّ حماس أرادت أن تأخذ فيها كلَّ ما تريد من مكاسب وضمانات، متجاهلة الموقف المصري المصر على أنه لا يقبل فتح هذه الوثيقة للحوار مجدداً، لأنَّ معنى ذلك أننا سنعود للحوار مرةً ثانيةً، ولكل فصيل ملاحظاته، وهذا يعني محاولة جديدة للتمييع، وتمديد حالة الشلل القاتل في الجسم الفلسطيني.

وإذا ما طرحنا الأمور بموضوعية وجدية وتساءَلنا هل فعلاً الأمور معقدة لهذه الدرجة التي يستحيل معها التفاهم والتلاقي والحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية؟

التجارب السابقة أثبتت أن إمكانية التفاهم في إطار (م.ت.ف) ممكنة بدليل أنه بعد أن نجحت حركة حماس في التشريعي، وتشكلت الحكومة الأولى التي أصرّت حركة حماس أن يكون جميع أعضائها ملتزمين ببرنامج حركة حماس وليس السلطة، وهذا ما جعل الحكومة كلها من حماس، ومع ذلك أخذت صلاحياتها كاملة، وتعامل معها الرئيس أبو مازن على أنها حكومته، واستمرت في عملها إلى أن قامت هي نفسها بالخروج عن سلطة الرئيس الذي كلفها بالسلطة التنفيذية وتمردّت عليه، وقامت بالانقلاب المدمِّر، وكرَّست الانقلاب.

إذاً هناك إمكانية للتعايش والتفاهم، والرئيس أبو مازن من خلال التجربة السابقة تنازل من صلاحياته من أجل فتح المجال أمام حركة حماس لتأخذ دورها.

لذلك حركة حماس عندما تعقِّد الأمور، وتطلب ضمانات، تنسى أنه من حق كل فصيل فلسطيني أن يطلب ضمانات أيضاً، وعندها سندخل في بازار الضمانات، ولن نستطيع الخروج منه. يجب ان نسلِّم جميعاً بأنّ مثل هذه الوثيقة ليس المطلوب منها أن ترضي الجميع، ولكنها تستطيع أن ترضي الشعب الفلسطيني الذي ينطلق من ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية كأساس لأي عملية إنقاذ وطني فلسطيني.

فالمصريون مصرون على أنَّ هذه هي وثيقتهم لا يقبلون أي تعديل عليها. أما أية تفاهمات فلسطينية جديدة فلتكن جانبية وليست من صلب الوثيقة المصرية. وحركة حماس التي تطرح مجموعة قضايا تصر على أن يعترف بها الرئيس أبو مازن كمرجعية للتنفيذ الميداني لمضمون الوثيقة المصرية. طبعاً فصائل (م.ت.ف) بما في ذلك حركة فتح أيضاً لديها الكثير من النقاط.

فحركة حماس تطلب أن تكون القيادة المؤقتة المزمع تشكيلها إلى حين إعادة انتخاب مؤسسات (م.ت.ف) غير قابلة للتعطيل. وثانياً أن يتم تشكيل لجنة الانتخابات من جانب الرئيس أبو مازن بالتوافق مع حماس. وكذلك تشكيل اللجنة الأمنية العليا لتنفيذ المصالحة. والملاحظة الرابعة هي إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع، وخامساً الاتفاق على موعد جديد للانتخابات بدلاً من الموعد السابق. وحماس تريد أن تكون هذه الملاحظات ملحقة بالورقة المصرية وجزءاً لا يتجزأ منها وأن يتم التوقيع عليها من قبل الاطراف المعنية.

وحتى لا يتم الوقوع في محظور إعادة الحوار مجدداً، وأن يدلي كل طرف بدلوه، فقد أكد الاخ عزام الاحمد موقف حركة فتح:"بشأن موضوع التفاهمات أبو مازن أول من صرح بموقف حركة فتح، وأنا أبلغت قيادات حماس عشرات المرات أنه سيتم مراعاة ملاحظات جميع الفصائل بما فيها فتح وليس حماس وحدها".

 البيان الذي صدر من دمشق حول جولة الحوار وما تم التواصل إليه يعطي فسحة من الأمل باتجاه المصالحة والوحدة الوطنية، وإنهاء الإنقسام، وجاء في البيان الصحفي:"إنّ حركتي فتح وحماس  أكدتا رغبتهما الصادقة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، ثم إستعراض نقاط الخلاف التي وردت في الورقة المصرية وذلك في ضوء الحوار الفلسطيني الشامل والحوارات الثنائية بين فتح وحماس، حيث تم الاتفاق على كثير من النقاط".

فطالما أن الاجواء الحوارية كانت ودية وأخوية، وأنّ هناك نقاط تفاهم، وأن هذا الحوار يجري في دمشق فمن حقنا أن نبني بعض الأمل على إعادة اللُّحمة إلى الساحة الفلسطينية. والهجمة الإسرائيلية العنصرية والعدوانية المتواصلة يجب أن تقنع الجميع بأنه آن الآوان أن يعود أهل البيت إلى البيت الواحد لنعلن بداية عهد جديد هو عهد الوحدة الوطنية .