هل من مبالغة اذا ما أطلقنا على قرار الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذه على أرض الواقع بنقل السفارة الأميركية إلى القدس بأنّه قرار جريمة؟
بتقديري أنّ غالبية الدول الحرة وشعوبها إن لم يكن جميعها تقر بتصنيفها كجريمة لأسباب كثيرة منها:
أولاً: أن الرئيس ترامب تُبنَى بشكل مطلق رؤية واستراتيجية مجرم الحرب نتنياهو وزمرته دون النظر بتأثير ذلك على المصالح الأميركية مستقبلاً.
ثانيًا: أن القرار الأميركي يساهم في ترسيخ سياسة الأمر الواقع على الأرض المحتلة خلافا لكافة القرارات الدولية ولميثاق الأمم المتحدة.
ثالثًا: أن القرار نقل موقع أميركا ومكانتها من موقع الوسيط "ولو كان ذلك شكلاً" في سعي للتوصّل إلى حل عادل للصراع الفلسطيني الصهيوني إلى موقع الشريك لدرجة الانصهار مع الموقف العدواني الإسرائيلي القائم منذ عقود من الزمن.
رابعًا: القرار يشكل تحديا لقرار محكمة لاهاي بأن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عدوان حزيران 67 هي أراض محتلة وفقا للقانون الدولي.
خامسًا: القرار يُشكّل انتهاكًا أيضا لاتفاقيات جنيف التي تحظر إجراء تغييرات أو تعديلات على أي أرض تقع تحت الاحتلال.
سادسًا: القرار يتناقض وسياسة أميركا المعلنة من إدارات سابقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في كانون الأول 2016 وامتناع أميركا أي عدم ممارسة حق النقض إلا دليل على اقرار إدارة أوباما بكل ما تضمنه القرار المذكور أعلاه.
ما تُقدّم أعلاه من بينات وحقائق يثبت بما لا يدع شكًّا بأنّ قرار ترامب في 6/12/ 2017 الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ونقل السفارة ما هو إلّا جريمة ليس بحق فلسطين وشعبها فحسب، وإنّما بحق العالم الحر وشعوبه كما يشكل جريمة كونه لم يراع الحقوق والالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء وخاصة تلك دائمة العضوية بمجلس الأمن.
لذا كان الرد على جريمة ترامب واضحا وجليًّا من غالبية دول العالم الحر، وما قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الصادرة في اجتماعاتها المتتالية في 19 و20 و21 من كانون الأول لعام 2017 إلا الرد الدولي بعدم الموافقة على ذلك القرار العدواني بحق الشعب الفلسطيني والتعبير عن الدعم العالمي للشعب الفلسطيني بنضاله من أجل الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير.
لقد كان للدبلوماسية الفلسطينية التي قادها السيد الرئيس محمود عبّاس والمتمثلة بإسقاط صفة الوسيط النزيه وإيقاف كافة أشكال الاتصالات مع ترامب وإدارته الأثر الكبير بحشد الرأي العام الدولي لدعم الموقف العربي والإسلامي والذي شكل نواته الموقف الفلسطيني الأردني الموحّد.
بعد عام من القرار الإجرامي نتطلّع إلى موقف عربي وإسلامي ومن الدول الصديقة لوقف كافة أشكال العلاقات والتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية.
وإلّا فإنَّ مجرم الحرب نتنياهو وزمرته سيعتبرونها دعمًا ومكافأة للاحتلال وداعميه بإدامته والتنكر للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف.
وهذا أضعف الإيمان.
د.فوزي علي السمهوري
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها