وهكذا حلَّ يوم التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار أميركي لمصلحة (إسرائيل) مئة في المئة، ولقد بذلت القيادة الفلسطينية جهدًا خارقًا عبر الدبلوماسية الفلسطينية، وعبر علاقاتها الدولية من أجل إفشال مشروع القرار، يعني إفشال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودبلوماسيته التي تفقِد مواقعها بالتدريج، المشروع الذي كان يهدف إلى إلصاق تهمة الإرهاب بحماس على نضالٍ مشروعٍ تقوم به نصَّت على أحقيته لأي شعب يتعرَّض للاحتلال، كما يقول القانون الدولي والشرعية الدولية.

هذا الفشل تجرَّعته الولايات المتحدة لصالح (إسرائيل)، وهذه الصفعة تلقاها ترامب نيابة عن نتنياهو، وفشل القرار الأميركي فتح بوابة واسعةً جدًّا، عنوانها أنَّ أي فشل لنتنياهو هو فشل لترامب، وأي مهانة لترامب هي إنذار بالسقوط لنتنياهو، وما أكثر المعارك، وما أطول الطريق!!!

معروف لدى الجميع في المشهد السياسي حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أنَّ ترامب يُنفِّذ بدون أدنى مراجعة رؤى نتنياهو، اثنا عشر قرارًا ضدَّ القدس وحدها، التي بدأ الاعتداء الصارخ عليها من ترامب، منذ إعلانه السيّئ الشهير، بأنّ القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، وقرار نقل سفارته إليها في مشهد أقل ما يوصف به بأنه هزلي، واستهداف مقرات ونشاطات "الأونروا" في المدينة المحتلة حسب القانون الدولي، وقطع المساعدات الأميركية عن مستشفيات القدس، وغيرها من القرارات التي شكّلت غطاءً لنتنياهو لإعلان حرب ضد القدس، وإحداث تغييرات واسعة، وشرعنة العدوان الصاخب على كل مفرداتها، من قتل، واعتقالات، واستهداف للقيادات السياسية من الدرجة الأولى، مثل اعتقال محافظ القدس الأخ عدنان غيث ثلاث مرات في مدى أيام، وتسليمه قرارًا عسكريًّا بعدم الوجود في الضفة الغربية كلها!!! وقرارات وأفاعيل أخرى تندرج جميعها تحت بند الإرهاب اليهودي، وتندرج جميعها تحت بند الانحياز الأعمى والغبي من ترامب لصالح حليفه نتنياهو.

المعركة واسعة وكبيرة ومكلفة ومتعدّدة الأبعاد التي يخوضها الفلسطينيون لإسقاط نتنياهو وإسقاط ترامب مع ملاحظة أن أي لطمة أو صفعة لأحدهما يتجرّع سمّها الزعاف الحليف الآخر، كل استهتار من نتنياهو يتجرّع مرارته ترامب الذي يدافع عنه ربما دون أن يفهم شيئًا، ودون أن يحسب العواقب، وهذه اللطمة والصفعة الأخيرة التي تجرّعتها نيكي هيلي المندوبة الأميركية قبل أن تغادر غير مأسوف عليها، هي صدمة لداني دانون ورئيسه نتنياهو.

ما أكثر الأخطاء، ومحطات العداء، والمنطق المستهتر السافر الذي ينتج هذه اللطمات والصفعات.

التهنئة للدبلوماسية الفلسطينية التي استطاعت أن تكون نِدًّا حقيقيا للحليفين الأرعنين نتنياهو وترامب، والجميع يعلمون أنَّ الدائرة تضيق على نتنياهو في (إسرائيل)، والإحباطات تتزايد في وجه ترامب في أميركا، رجل يصاحبه تغريداته ليس إلّا، وقد يصل بسرعة إلى الوقت التي تأخذه التغريدات إلى الجحيم!!!