لا شكَّ أبدًا أنَّ التصدي للانقسام الحمساوي البغيض لإنهائه تمامًا، هدفٌ لا يقلُّ أهميّةً عن هدف تكريس المواجهة الوطنية الفاعلة، للقرارات الأميركية الجائرة، والتنصُّل الإسرائيلي من الاتفاقات الموقَّعة، بل إنَّ إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية عاملان أساسيان في تكريس وتشديد هذه المواجهة.

ولا شك كذلك، أنَّ هدف إنهاء الانقسام، لم يعد يقبل بعد اليوم حوارات إضاعة الوقت، واتفاق 21-10-2017 هو الخلاصة التي لم تعد تسمح بأية حوارات جديدة، كما أنَّ هذا الهدف لم يعد يسمح بمواقف الحسابات الحزبية الضيّقة، والتي يتلطّى بعضها على أبواب حركة "حماس"، لتمظهُرٍ انتهازيٍّ في مشهد "المعارَضة" لغايات استقطابية ليس إلّا!! خاصّةً وهو يردِّد فرية "حماس" عن "الإجراءات العقابية" التي لا وجود لها البتة، لا في الفكرة، ولا في الواقع، ولا في التوجه، ولا في القرار لدى السلطة الوطنية، لا بل إنَّ غزة بمجمل همومها ومعاناتها ومعضلاتها في قلب اهتمامات السلطة الوطنية والرئيس أبو مازن على نحو خاص لأجل علاجات ناجعة تخرجها من كلِّ هذه الهموم وهذه المعاناة.

ومن المؤسف أن تتواصل حسابات من هذا النوع، في هذه المرحلة الخطيرة التي تمرُّ بها قضيتنا الوطنية، والتي تتطلَّب وحدة الموقف الوطني بقراره المستقل لمواجهة التحديات الراهنة، ومن المؤسف أكثر أن تتواصل هذه الحسابات، وموقف حركة "حماس" بشأن المصالحة الوطنية، لم يعد قابلاً للجدل بأنَّه الموقف المناهض لهذه المصالحة، شكلاً ومضمونًا!! لا بل إنَّ "حماس" بمناسبة وبدونها تواصل التحريض ضدَّ السلطة الوطنية، وضدَّ الرئيس أبو مازن، حتى أنَّ محمود الزهار طالب (إسرائيل) "بقصف المقاطعة في رام الله بدل أن تُقصف غزة" لأنَّ الرئيس عبّاس هو مَن يطلق الصواريخ على (إسرائيل) (!!) كما قال بالحرف في مقابلة إذاعية له قبل عدة أيام!! وما ثمة أحد من أصحاب تلك الحسابات الحزبية الضيقة، علَّق بكلمة واحدة على هذا الكفر الحمساوي الذي نطق به الزهار!! وثمة ما هو أخطر وأكثر من هذا الكفر تواصله حماس في سعيها المحموم لإنجاز اتفاق "الإمارة" مع (إسرائيل) تحت ذرائع "التهدئة" التي ما زالت تفاوض بشأنها بدم الفتيان والشباب في مسيرة العودة!!

لا شيء أوضح من موقف "حماس" في كلِّ هذا السياق، وعليه فإنَّ سؤال كيفية إنهاء الانقسام البغيض، هو الآن برسم المجلس المركزي، وعلى الجواب أن يكون واضحًا بقراره العملي الذي من شأنه في المحصلة إنهاء معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة المكلوم أولاً وقبل كلِّ شيء.