قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي إن التطورات التي تشهدها المنطقة العربية وفلسطين تتطلب وقفة قومية عربية شاملة، تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني وتدعم صموده ونضاله بكافة الوسائل خاصة الشعبية السلمية منها.
واعتبر المالكي، في كلمته أمام اجتماع وزراء خارجية الدول العربية التحضيري للقمة العربية التاسعة والعشرين، اليوم الخميس، أن القمة العربية تكتسي أهمية بالغة، لما تشهده المنطقة العربية من تطورات متسارعة، ولما تمر به القضية الفلسطينية، لا سيما بعد قرارات الإدارة الأميركية أحادية الجانب، والتي تدافع بشكل مستمر عن اسرائيل متجاهلة القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تهدف لإنهاء الصراع وإقامة دولة فلسطينية.
كما أكد ضرورة العمل العربي المشترك من أجل تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته وتطبيق قراراته وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني في ظل الجرائم التي ترتكبها اسرائيل بحقه، والتي كان آخرها المجزرة في غزة والتي راح ضحيتها 30 شهيداً.
كما طالب المجتمعين بالعمل بشكل حثيث، للتصدي لعزم اسرائيل الترشح لعضوية مجلس الأمن العام 2019/2020.
وطالب القمة العربية بالتقدم بخطة عملية متكاملة ومدعومة من العالم العربي والإسلامي، تهدف إلى حشد الدعم الدولي لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقة ترتكز على المبادرات الخاصة، ومنها مبادرة السلام العربية ومبادرة الرئيس محمود عباس والمبادرة الفرنسية ورؤى الاتحاد الأوروبي، مستندين إلى نقاط القوة التي يستند عليها العالم العربي.
وشكر المالكي دولة الكويت على دورها الرائد، وجميع الدول على دعمهم لفلسطين والقضية الفلسطينية، ورفضهم التطبيع مع دولة الاحتلال، وعلى تبني رؤية الرئيس عباس.
وطالب القمة العربية الحالية بوضع خطة متكاملة لمواجهة التهديد الأميركي ونقل السفارة يوم نكبة الشعب الفلسطيني. وطالبهم بتوفير كافة الإمكانيات والقدرات لحماية القدس والقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وفيما يلي نص كلمة الوزير المالكي في الاجتماع:
معالي الأخ د. عادل الجبير، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ورئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء خارجية الدول العربية ورئيس الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة ،،،،
معالي الأخ احمد ابو الغيط – الأمين العام لجامعة الدول العربية ،،،،
معالي الأخوة الوزراء واصحاب السعادة رؤساء الوفود ،،،،
إنه لمن دواعي سروري اليوم أن أكون بينكم هنا، في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي حظينا فيها بكل الاحترام والضيافة منذ وصولنا إليها، وهي التي تظل تؤكد دائماً على معاني الشهامة، والكرم والمواقف العربية الأصيلة، وأتمنى لكم التوفيق لإنجاح وتحقيق أهداف العمل العربي المشترك، لما فيه مصلحة أمتنا وأهدافها المرجوة، وندين في نفس الوقت الاعتداءات الإجرامية على الأراضي السعودية، وآخرها الاعتداء الصاروخي.
واسمحوا لي أن أعبر لأخي معالي د. أيمن الصفدي وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية عن بالغ التقدير والشكر لما بذله من جهد مميز، خلال رئاسة الاردن الشقيق للقمة العربية في دورتها السابقة.
واسمحوا لنا أيضاً أن نتقدم بوافر المواساة إلى الجزائر الشقيق، قيادةً وشعباً، بحادثة تحطم الطائرة العسكرية في مدينة البليدة بالأمس، سائلين من المولى العليّ القدير بأن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.
معالي الوزراء،،،،
إجتمعنا قبل أسابيع قليلة في الجامعة العربية في القاهرة، خلال الإجتماع الوزاري العادي في دورته 147، وها نحن اليوم نجتمع من جديد للتحضير للقمة العربية التاسعة والعشرين، ولعلّي لا أبالغ إذا قلت ان هذه الدورة، تكاد تتميز بشكل كبير وواضح، نظراً للعديد من المستجدات التي شهدتها المنطقة منذ قمة البحر الميت، اذار من العام الماضي.
فالتطورات والاوضاع الميدانية في العديد من الدول العربية، وبالرغم مما تم تحقيقه من إنجازات هامة على صعيد محاربة الإرهاب، في بعض الدول العربية، إلا أن الأزمات والمصاعب، لا زالت ماثلة أمامنا في بعض دول أخرى، وتزداد حدة، في ظل تدخلات اقليمية ودولية، تهدد ليست وحدة هذه الدول فحسب، بل تهدد أمن وإستقرار وتنمية المنطقة العربية.
أما على صعيد القضية الفلسطينية، فقد أدخلت ادارة ترامب هذه القضية في متاهات جديدة، وإنحناءات خطيرة، تمثلت في خطواتها المرتكزة على الانحياز التام، بل والدفاع المستمر المستميت عن اسرائيل وتشجيع سياستها الاحتلالية المناهضة للشرعية الدولية، والقانون الدولي، وكل مقررات الأمم المتحدة ومنظماتها، والمعاكسة لتوجهات المجتمع الدولي الذي يؤمن بإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، من خلال إنهاء الإحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين، وقبل ذلك وقف كل النشاطات الاستيطانية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 بهذا الخصوص، ووقف كل الأعمال الأحادية الجانب التي تغيير من الوضع القانوني والديموغرافي للقدس واماكنها الدينية الإسلامية والمسيحية، وكل ذلك استناداً الى قرارات الشرعية الدولية، والأسس المتفق عليها لعملية السلام.
إن إدارة ترامب، وإن لم تعلن حتى اللحظة عن صفقة القرن الموعودة، لتقوم بشكل مخطط ومدروس وممنهج، بتطبيق هذه الصفقة بشكل عملي على أرض الواقع، من خلال اعترافها بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل، ومن خلال قرارها نقل سفارتها الى القدس، ووضع المخططات العملية لتنفيذ ذلك وبالتزامن مع يوم النكبة، إضافة الى وقف الدعم عن الاونروا، والرسالة الواضحة، ذلك الاجراء المتمثل بالعمل على انهاء وشطب قضية اللاجئين، وبالتالي حق العودة، أضف الى ذلك، إغلاقها مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدات كلياً، وتمرير قانون Taylor Force Act في الكونجرس، والتهديد بإجراءات أخرى ضد السلطة الفلسطينية، ودولة فلسطين، وليس أخر هذه الاجراءات، ما نراه من انحياز تام ودفاع مستميت عن المواقف والاجراءات الاسرائيلية، في المحافل الدولية والحيلولة دون تمرير أي نص مشروع قرار، او إدانة للجرائم الاسرائيلية، بحق أبناء شعبنا على غرار ما حصل مؤخراً في مجلس الأمن، بعد المجزرة الاسرائيلية بحق الابرياء في قطاع غزة وسقوط أكثر من 30 شهيداً خلال اسبوعين فقط، في مجزرة مريعة حدثت أمام أبصار العالم.
إننا بمناسبة الحديث عن هذه المجزرة، لنؤكد إدانتنا الشديدة لهذه الجريمة الإسرائيلية بحق أبناء شعبنا في غزة، ونطالب بكل قوة الأمين العام للامم المتحدة، بضرورة الإسراع في تشكيل لجنة التحقيق الذي اعلن عنها، ومباشرة عملها بشكل سريع من أجل أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يأخذ المجرم جزائه من العقاب.
معالي الوزراء،،،،
نشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج موقفاً مؤيداً بالكامل للسياسية الإسرائيلية ولممارساتها، ومشجعة لكل الإجراءات اللاقانونية التي تمارسها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ووجوده، الأمر الذي يتطلب وقفة قومية عربية شاملة تؤكد أولا على دعم حق شعبنا الفلسطيني في ممارسة نضاله الوطني والسياسي والتحرري، ودعم صموده ونضاله بكافة الوسائل وخاصة المقاومة الشعبية السلمية.
كما أننا نؤكد على ضرورة العمل العربي، وضمن خطط متفق عليها، لتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته وخاصة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، لانفاذ قراراته سواء المتعلقة بتقرير المصير للشعب الفلسطيني، او الداعية الى وقف الاستيطان، او توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، من كل هذه الجرائم الاسرائيلية بحقه.
وبهذا الخصوص فإننا نشير إلى ضرورة أن تتقدم القمة العربية الحالية، ولما تمثله قيادة هذه الدورة، المتمثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بخطة عملية متكاملة ومدعومة من البعد الاسلامي، من أجل تنشيط الموقف الدولي، وحشد الدعم لاعادة إطلاق عملية سلام حقيقية، متعددة الأطراف، ترتكز على المبادرات الخاصة بهذا الخصوص، ومنها مبادرة السلام العربية، ومبادرة الرئيس محمود عباس التي طرحها في مجلس الامن في 20 شباط الماضي، والمبادرة الفرنسية، ومواقف ورؤى الاتحاد الاوروبي، تستعمل من خلالها كل نقاط القوة والمساندة التي يمتلكها العامل العربي، الذي يملك من الامكانيات الكثير، من أجل انجاح هذه الخطة. إلى جانب ذلك، فإننا نتطلع الى موقف واضح وصريح، يعيد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ببعدها العربي والاسلامي، ورسالة واضحة لدعم القيادة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وعدم القبول والتعاطي، بل والعمل على إفشال أي خطط تتناقض وأهداف وطموحات وحقوق الشعب الفلسطيني، التي يزداد تأييد العالم له، لإعطاء رسالة واضحة للمجتمع الدولي، الذي يسأل أحياناً ويتساءل أحياناً أخرى، أن خلف فلسطين إجماع عربي قوي وصلب وحقيقي، لا يمكن تجاوزه ولا التقليل من شأنه.
معالي الوزراء
لا بد لهذه القمة أن تخصص الإمكانيات والقدرات المتوفرة لحشد الدعم الدولي لصالح القضية الفلسطينية، وفي تحفيز عديد الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تخطو بهذه الخطوة الآن من أجل الحفاظ على حل الدولتين وإجبار دولة إسرائيل الجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين، وأن توفر الإمكانيات المالية لدعم القدس وتعزيز صمود أهلها من إجراءات التهويد المستمرة والمدعومة من بعض الدول الأجنبية. وفي بذل الجهد الحقيقي لإفشال محاولة دولة الاحتلال، دولة الأبارتهايد من الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن.
ولا بد من توجيه الشكر كل الشكر لدولة الكويت على دورها الرائد وتمثيلها الصحيح للدول العربية وحملها المسؤولية في هذه المرحلة.
نشكر الجميع على دعمهم الكامل للموقف الفلسطيني وفي رفض كافة محاولات التطبيع مع كيان الاحتلال، وأن أي تطبيع يجب أن يتم مع دولة تنهي كامل احتلالها للأرض الفلسطينية وبقية الأراضي العربية المحتلة، وتشمل مزارع شبعا وقرية الغجر اللبنانية وهضبة الجولان السورية.
نشكر الجميع على تبني رؤية الرئيس محمود عباس للسلام واعتمادها رؤية عربية للسلام تُكَمٍّل مبادرة السلام العربية التي لا تزال على الطاولة منذ عام 2002م.
نطلب من القمة أن تضع خطة متكاملة لكيفية معالجة ومواجهة التهديد الأمريكي لنقل سفارتها يوم نكبة الشعب الفلسطيني في 14/05، وكذلك خطوة دولة غواتيمالا في اتخاذ ذات الخطوة بعد ذلك بيومين. ونسمع هذه الأيام محاولات رئيس جمهورية التشيك الدفع باتجاه نقل سفارة بلاده للقدس. كل هذه المحاولات من هذه الدول التي تعمل على خرق قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980، ما يمكن ليتم لو تجرأنا للتعامل بجدية كافية مع قرارات قمة عمان لعام 1980، بخصوص قطع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها للقدس المحتلة, مجرد مراجعتنا لهذه القرارات سترسل الرسائل الصحيحة لهذه الدول ولغيرها. آمل أن ننتقل في فعلنا إلى هذه الخطوة قريباً وقريباً جداً.
نحن نثق بأمتنا العربية، ودولها وقيادتها، ولن نفقد الأمل بهذه الأمة، ونحن على ثقة أن فلسطين ستظل قضية حاضرة في قلبها ووجدانها، كما في مسؤولياتها وأهدافها.
متمنين لقمتنا هذه النجاح والتوفيق،،،،
والسلام عليكم ورحمة الله،،،
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها