بقلم: حسن بكير|

تكريمًا للأم والطفل في يومهما، وكعادتها في كلِّ عام، نظَّمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"- المكتب الحركي للمرأة والعمل الاجتماعي في منطقة بيروت حفلاً احتفاءً بهاتَين المناسبتَين، وذلك في قاعة شهداء مخيَّم برج البراجنة في بيروت عصر اليوم السبت 24-3-2018.

وحضرت الحفل التكريمي عضو قيادة حركة "فتح" – إقليم لبنان مسؤولة مهمة العمل الاجتماعي آمال الشهابي، وأعضاء قيادة حركة "فتح" في منطقة بيروت، ومسؤول قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" في بيروت أبو علي يوسف، وأمين سر وأعضاء الشعبة الجنوبية، وحشدٌ من الأخوات والأُمّهات والعوائل الفلسطينية.

وبدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة لأرواح الشهداء، تبعَ ذلك النشيدان الوطنيّان اللبناني والفلسطيني ونشيد حركة "فتح"، ثُمَّ كلمة ترحيبيّة من عريفة الحفل ميساء أبو شقير. وبعدها ألقت آمال الشهابي كلمةً استهلَّتها بالحديث عن مآثر ونضالات شهر آذار الذي امتزجَ فيه الدَّم بالأرض في معركة الكرامة التي أعادت للأمّة كرامتها مُسجِّلةً أروع معاني النّضال والتضحية والصمود في تاريخ الشعب الفلسطيني.

ومن المآثر التي ذكرَتها أيضًا معركة سافوي الاستشهادية العام 1975 ثأرًا للشهداء القادة الكمالَين والنّجار الذين اغتالتهم (إسرائيل) في بيروت، والشهيدة دلال المغربي التي كتبت في وصيتها: "فلنجمِّد التناقضات الثانوية ونُصعّد التناقض الرئيس".

وتساءَلت الشهابي: "ألَا تستحق هذه الكلمات التأمُّل والتفكُّر بعُمق هذه الوصيَّة حتى نتمكَّن من إنجاز مصالحة وطنية شاملة، تُعيد تصويب النضال ضدَّ الاحتلال؟!".

وتحدَّثت الشهابي عن دور المرأة الفلسطينية بإسهاب فقالت: "لقد خاضت المرأة الفلسطينية النضال في الميادين كافّةً فقاتلت واستشهدت واعتُقِلَت دفاعًا عن الأرض المقدَّسة، وتحمَّلت أعباء كثيرة وشاقة وخطيرة. فقد قامت بدور كبير في تربية أبنائها وتعزيز انتمائهم للأرض والقضية، وتميَّزت المرأة الفلسطينية بعطائها وصبرها كونها ما زالت تعيش تحت الاحتلال وتعاني من تبعات اللجوء القاسية".

وتابعت قائلةً: "منذ عام 1917 والمرأة الفلسطينية المناضلة تُشارك الرجل استنكاره الشديد لوعد بلفور، وقد أخذت دورها في الصدامات والثورات الشعبية المسلَّحة التي قامت في وجه الانتداب البريطاني، ورغم الظروف الصعبة إلَّا أنَّ المرأة كانت تجِد باستمرار الوسائل للتحرك ضمن التقاليد الاجتمماعية فلم تستطع القيود أن تُقعِدها عن العمل النضالي. وفي بداية العشرينات أسَّست السيّدتان المقدسيتان ميليا سكاكيني وزليخة الشهابي مع أخريات أوّل اتحاد نسائي فلسطيني،كما تأسَّست في الفترة ذاتها عدّة جمعيات نسائية بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، وكان من واجب الاتحاد الإشراف وتنظيم التظاهرات والإضرابات وأشكال الرفض والاحتجاج. وكان نضال المرأة بارزًا في كلّ المحطات التاريخية مذُ ثورة البراق في العام 1929 وحتى يومنا هذا".

واستطردت قائلةً: "بعدما اقتُلِعَ الشعب الفلسطيني من أرضه عام 1948 وأُلقِي به في مخيّمات الشتات، برز دور المرأة في مواجهة قسوة الحياة تحت الاحتلال، وفي مخيّمات اللجوء، وفي الصمود في وجه الفقر، ومحاربة النتائج النفسية الوخيمة التي تركتها الظروف الصعبة. فتميَّزت المرأة الفلسطينية بعطائها وصبرها، تحمَّلت مسؤولية الهمّ الوطني من أجل الحُريّة وحق تقرير المصير، وهم مواجهة العبء الاجتماعي والاقتصادي، والموروث الثقافي، والعادات والتقاليد التي شكَّلت عبئًا إضافيًّا عليها".

وأشارت إلى أنَّ المرأة الفلسطينية تعرَّضت لشتّى أساليب القمع والتعذيب وأشكال مختلفة من الضغط النفسي، حيثُ أُسِرَت الكثيرات منهن في معتقلات الاحتلال، وتعرضن لظروف قاسية ومعاملة لا انسانية واحتجزن في اماكن وظروف لا تليق بالإنسان، ولكنّهن ناضلن وصبرن وصمدن في المعتقل ورغم قسوّة السجّان، وأضافت: "وبذلك شكَّلت المرأة تجرِبةً مميّزةً ولكنَّها أكثر ألـمًا ومعاناةً، فهي المرأة التي عانت المرض والتعذيب في الإهمال الصحي المتَّبع في سياسة إدارة المعتقلات، ورغم ذلك بقيت الأسيرة الفلسطينية شامخةً كشجر الزيتون بعناد وصبر، ولم تهتز قناعتُها الوطنية وإيمانها وانتماؤها لقضيتها، فتحمَّلت الكثثير من الآلام لحماية كرامتها وشرفها وسجَّلت أروع وأنبل الشهادات التاريخية المليئة بالتضحيات".

وتحدثت عن عهد التميمي التي أصبحت أسطورةً في النضال والشجاعة، وهي من بين نحو ثلاثمائة وخمسين طفلاً فلسطينيًّا محتجَزًا في معتقلات ومراكز الاحتجاز الصهيونية ويتعرضن لأبشع أنواع التعذيب".

كما تطرَّقت الشهابي إلى تجرِبة النساء في مخيَّم عين الحلوة أثناء الاجتياح الإسرائيلي العام 1982 حيثُ كان نموذجًا للصمود والعطاء فأُطلِقَ عليه (مملكة النساء). إذ بعد اعتقال معظم الرجال وتفريغ المخيَّم من الشبّان وزجِّهم في معتقل أنصار، وتدمير المخيَّم بالكامل وجرفه، ما كان من النساء إلّا أن صمدن وأحرقن الخيم التي وُزِّعَت عليهن لإيواء أولادهن. وبدأ التحدي والنضال من أجل الحفاظ على أبنائهن والحفاظ على الهُوية والنسيج الاجتماعي. فأثبتن صمودهن وقدرتهن على تحمُّل الأعباء وبنين بيوتهن في غياب الرجال. وكان لهن دور ريادي في النضال بكل أشكاله، لذا فالمرأة الفلسطينية شكَّلت دعامة أساسية من أجل الحُريّة والاستقلال والعودة".

وعن دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية قالت الشهابي: "لقد كان للاتحاد دورٌ مهمٌ بعد الاحتلال بتعزيز قدرات المرأة من خلال العديد من البرامج التي تهدف إلى تمكينها سياسيًّا، وفي الحياة العامة، وتمكينها اقتصاديًّا من خلال العديد من البرامج وتوزيع قروض لإعداد مشاريع وتطويرها لاعالة أسرتها وتمكينها سياسيًّا من خلال تعزيز مهاراتها ومشاركتها الفاعلة في النضال السياسي. وهذه المشاركة ساهمت في خروجها من الحيّز المنزلي إلى الحيز العام في المجتمع، وكسر الصورة النمطية والتقليدية للمرأة من خلال مشاركتها الفاعلة في الاحزاب والتنظيمات واللجان الشعبية".

وعن مفاعيل قرار ترامب قالت: "يأتي شهر آذار هذه السنة في ظلِّ ظروف صعبة جدًا وضغوطات على سيادة الرئيس أبو مازن بعد قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة دولة الاحتلال، ونقل سفارة بلاده للقدس، وقرار تقليص مساهمة الولايات المتحدة الأمريكية في ميزانية وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين، وهذا دليل على إسقاط الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا وعلى رأسها حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شُرِّدوا منها وَفْقَ القرار الأممي 194، وهذا يدعونا إلى مزيد للمواجهة وتعزيز وحدتنا الوطنية من أجل الصمود ومواصلة النضال حتى تحقيق حقوقنا الوطنية كافّةً".

وتوجَّهت الشهابي بالشكر لسيادة الرئيس محمود عبّاس لمصادقته على انضمام دولة فلسطين على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بدون تحفظات، ولتوقيعه على العديد من العهود والاتفاقات الدولية التي تقضي التزامًا عمليًّا من قِبَل دولة فلسطين بالعمل على مواءمة القوانين والتشريعات الفلسطينية كافّةً وَفْقَ هذه الالتزامات، بما يحفظ الحقوق المتساوية لنساء فلسطين، ويُساهِم في بناء مجتمع فلسطيني تسوده القِيَم والديمقراطية والعدالة ويحفظ كرامة جميع مواطنيه.

وردًّا على قرار ترامب دعت الشهابي إلى تكثيف فعاليات مقاطعة الاحتلال الصهيوني وداعميه، وفي هذا المجال قالت: "ستنطلق قريبًا في أسبوع يوم الأرض في معظم المخيّمات حملة "مساحات المقاطعة"، حيثُ ستبدأ العديد من الجمعيات والمراكز والنوادي بإعلان أنَّها "مساحة مقاطعة"، أيّ توافق وتؤيِّد وتلتزم عمليًّا بمبادئ المقاطعة"، وتمنَّت على كلِّ مكاتب الشعب التنظيمية والمناطق وكلّ المراكز أن تُعلِن المقاطعة. كما أبدت استعدادها لتأمين ملصقات وأفلام ووضعها في المراكز حول المقاطعة.

وختمت الشهابي كلمتها بتوجيه التحية لسيادة الرئيس محمود عبّاس، وطلبت الرحمة لروح الرئيس الشهيد أبو عمار.

وكانت كلمة وجدانية عن الأم ألقتها عضو الشعبة الجنوبية "أم حسن"، جاء فيها: "إذا حدَّثتَني عن الحبِّ والحنان أشرت لقلب الأُم، وإذا أخبرتني عن الطمأنينة والسعادة قُلت حضن الأُم. الأُم جنّة الدنيا بين ضلوعها، وجنة الآخرة تحت أقدامها، سرّ الوجود الأعظم، الحب الأسمى والقلب الأطيب. تتعب ولا تشكو، تعطي ولا تنتظر المقابل، سبب وجودنا وبقائنا ونجاحنا في الحياة، هي المنشأ لخلايا أجسادنا التي تتكوّن من طعامها ودمها. الأم والوطن شيئان لا يخضعان لأي مقارنة، ثنائي عظيم مليء بالحب والوفاء، كلاهما انتماء وجذور، عطاء وقداسة وطمأنينة. الأم الفلسطينية هي السنديانة العظيمة؛ تُقدِّم فلذات كبدها ليبقى الوطن مُصانًا وشامخًا".

ووجَّهت "أم حسن" التحية إلى والدة عهد التميمي التي ربَّت كتلة غضب ونار تثور ولا تهاب، تدافع دون خوف عن أرضها وشعبها.

كما وجّهت التحية إلى أُمّهات الشهداء وأُمّهات فلسطين، وإلى أُمّهات الأسرى الصابرات، وأُمّهات الجرحى، وإلى جميع أبناء الشعب الفلسطيني.

وبعدها قدَّمت مجموعة الكرامة الكشفية دبكات تراثية وقصائد شعر عن الأُم.

وخُتِمَ الحفل بتقديم الهدايا والحلويات والعصائر للأمهات والضيوف.

إعلام حركة "فتح" - لبنان