لسنا هواة اعتراض ومساجلة، وبقدر ما نعرف موقع أقدامنا، وثباتها فوق أرضنا، وفي إي اتجاه ستكون خطوتنا المقبلة، وبقدر ما نعرف طبيعة وحجم الحجر الذي في قبضتنا، وبعيدا عن كل استعراض ومباهاة نرجسية، فإننا نعرف تماماً، وندرك بواقعية الإرادة الوطنية الحرة، إننا الرقم الصعب في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الرقم الذي يستحيل تجاوزه أو القفز عنه أو تجاهله، ولأن هذه هي الحقيقة بأم عينها، يؤكد الرئيس الزعيم أبو مازن بوضوح شديد "نحن أصحاب القرار وقلمنا فقط هو الذي يوقع". ولم يؤكد الرئيس الزعيم على هذه الحقيقة، وبمثل هذا الوضوح الشديد، ليرد على أحد، بقدر ما يدعو الذين ما زالوا يتوهمون بإمكانية تجاوز الرقم الفلسطيني، إلى التخلص من هذا الوهم، والتحلي بالتفحص العقلاني لنص الواقع، حتى لا يهدر المزيد من الوقت على حساب فرص السلام الممكنة..!!

نعم لهذا السبب يؤكد الرئيس الزعيم أبو مازن على هذه الحقيقة الفلسطينية، أكثر من أي سبب آخر، ولأن المسؤولية الأخلاقية قبل كل شيء تفرض ضرورة التنوير والمعرفة المثمرة، حتى للأعداء والخصوم، وبمعنى أخر لا يهدد الرئيس الزعيم بقلم القرار الوطني المستقل، بل يقول لجميع أطراف الصراع: انه القلم الوحيد القادر على التوقيع إذا ما شئتم سلاماً عادلاً يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، ويقيم دولته الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، ويحقق حلاً منصفاً لقضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194 ومبادرة السلام العربية.

وبالقطع فإن إي خطة سلام تقود إلى ذلك ستكون هي "صفقة القرن" لا هذه التي تريد شطب القدس، وقضية اللاجئين، هذه "الصفقة" التي لن تجد قلماً فلسطينياً يقبل مجرد الاقتراب منها، تحسباً من نقطة حبر قد تسيل سهوا على ورقها البائس..!!

نعني وهذه نصيحة تنوير أخرى أن التلويح بالبحث عن قيادات أخرى للشعب الفلسطيني ليس إلا مضيعة للوقت، ولطالما كان هذا التلويح والبحث جاريا قبل هذا اليوم ولغير مرة، والنتيجة كانت دائما واحدة، فشل وخيبة، ويقولون في بلادنا: "من يجرب المجرب يكون عقله مخرب"، فهل تدرك إدارة ترامب هذه النصيحة؟

لا مناص أبداً من قلم الشعب الفلسطيني، قلم المشروع الوطني التحرري، قلم القرار الوطني المستقل، قلم القيادة الأمينة حامية الثوابت الوطنية، التي لا مساومة عليها ولا بيع لآي منها ولا بأي ثمن كان، فمن شاء فليؤمن، والثواب عاقبة المؤمنين، ومن شاء فليكفر ولا شيء في الكفر غير الهزيمة والخسران.