اختتم في عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل مساء أمس الاثنين، المؤتمر الأوروبي الأول حول الإستيطان الذي نظمه كل من المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الإستيطان ودائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع العديد من المؤسسات الأوروبية المناصرة للشعب الفلسطيني.
كان ذلك بحضور أوروبي واسع من 24 دولة أوروبية، من مؤسسات المجتمع المدني وحركات التضامن والمقاطعة الأوروبية، والمنظمات الأوروبية الحقوقية، وبرلمانيين أوروبيين، وممثلي الأحزاب والمؤسسات والجمعيات الأوروبية الصديقة، وبمشاركة فلسطينية رسمية ممثلة بعضوي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد رئيس دائرة شؤون المغتربين والمكتب الوطني للدفاع عن الأرض، وصالح رأفت، وسفير دولة فلسطين لدى بلجيكا والإتحاد الأوروبي عبدالرحيم الفرا، اضافةً الى أعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي، وممثلي الجاليات الفلسطينية في أوروبا.
تخلل المؤتمر الذي عقد في قاعة برسيدانت بالاس الملاصقة للمفوضية والبرلمان الأوروبي، خمس ورشات عمل مركزة ومتخصصة شملت عرض تفصيلي وبالخرائط والأرقام حول المستوطنات الإسرائيلية وتأثيرها الديمغرافي والبيئي والوجودي على الشعب الفلسطيني وإمكانية قيام دول فلسطينية، وجلسة للبرلمانيين الأوروبيين، جلسة لمؤسسات المجتمع المدني الأوروبية، جلسة لحملات المقاطعة الأوروبية، جلسة قانونية لكيفية ملاحقة اسرائيل، وجلسة عمل حول كيفية تحشيد الرأي العام الأوروبي لتحويل المواقف الرسمية الأوروبية المدينة للاستيطان الى مواقف عملية تجبر اسرائيل على احترام القرارات الدولية المتعلقة باحتلالها للأراضي الفلسطيني وأخرها قرار مجلس الأمن 2334.
افتتح المؤتمر النائب البلجيكي السابق بيير غالا رئيس لجنة التضامن البلجيكية الفلسطينية، مقدماً شرحاً مفصلاً حول المؤتمر وأهدافه لا سيما على الساحة الأوروبية في مواجهة سرطان الإستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأهمية تفعيل واستنهاض دور مؤسسات المجتمع المدني في أوروبا، للإرتقاء بالمواقف الرسمية للحكومات الأوروبية تجاه سياسة الإستيطان التي تنتهجها حكومات اسرائيل المتعاقبة والتي تقوض أي فرصة لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي واقامة دولة فلسطينية مستقلة كما نصت عليها كل قرارات الشرعية الدولية.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، قدم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، رئيس دائرة شؤون المغتربين والمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، شرحاً مفصلاً حول سياسة الإستيطان الإسرائيلي خصوصاً بعد حرب 1967، حيث بدأت إسرائيل مشروعها الاستعماري في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
ودعا تيسير خالد دول الاتحاد الأوروبي لترجمة كلماتها المنددة بالاستيطان إلى أفعال جدية من خلال الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران لعام1967 وعاصمتها القدس، وفرض حظر كامل على جميع الأنشطة المالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية المباشرة وغير المباشرة مع المستوطنات الإسرائيلية، علاوة على ذلك، قطع علاقاتها المالية مع البنوك الإسرائيلية، لا سيما التي تمول الاحتلال وبناء المستوطنات وفقاً للتقرير الخاص للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
كما تحدث خلال المؤتمر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، وسفير دولة فلسطين لدى بلجيكا والإتحاد الأوروبي عبد الرحيم الفرا، وطالبا الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء الانتقال من مرحلة الإدانة للاستيطان الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى مرحلة اتخاذ الإجراءات لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف حملتها الاستيطانية المسعورة التي تقضي على اَي فرصة للوصول الى حل الدولتين.
في الجلسة الختامية للمؤتمر، قرر المشاركون إصدار بيان ختامي موجهة للحكومات والبرلمانات الأوروبية لموائمة الأقوال بالأفعال وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، والى اتخاذ تدابير فعالة لمحاسبة إسرائيل من خلال فرض حظرٍ كامل على جميع الأنشطة المالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية المباشرة وغير المباشرة مع المستوطنات الإسرائيلية حتى تنصاع للقانون الدولي.
كما أكد المشاركون في بيانهم الذي سيصدر بعدة لغات على أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به القوى السياسية والبرلمانات ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني في دول الاتحاد الاوروبي لمواجهة مخططات التوسع والبناء الاستيطاني، مطالبين حكومات دول الاتحاد الاوروبي ومؤسساته الدستورية تحمل مسؤولياتها وفقا للمسؤولية الجماعية في رفض انتهاكات اسرائيل لحقوق المواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال على نحو يدفع اسرائيل الى احترام التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة في الحد الأدنى، وعدم السماح للمستوطنين وقادتهم بدخول بلدان الاتحاد الاوروبي وجلبهم الى العدالة الدولية باعتبارهم مجرمي حرب.
كما دعا المشاركون في المؤتمر شعوب العالم وقواه الديمقراطية المحبة للسلام الى المشاركة الفعاله في الحركة العالمية للمقاطعة BDS والضغط على اسرائيل حتى تنصاع للقانون الدولي ، مؤكدا مساندته الكاملة للتوجه الفلسطيني بشان احالة البناء والتوسع الاستيطاني وجرائم المستوطنين الى المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ان الاستيطان جريمة حرب.
وقرر المشاركون في المؤتمر تشكيل لجنة تنسيق أوروبية لمناهضة الإستيطان لمتابعة التوصيات، ووضع برنامج وخطة عمل تستنهض دور مؤسسات المجتمع المدني في أوروبا في مناهضة الإستيطان الإسرائيلي، من خلال العديد من الوسائل القانونية والإعلامية والشعبية لا سيما حملات المقاطعة BDS.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها