تنديدًا بوعد "بلفور" المشؤوم، وتعبيراً عن رفضه من قِبَل الفلسطينيين قيادةً وفصائلَ وشعباً، دعت منظمة التحرير الفلسطينية، الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كلِّ أماكن وجوده، إلى اعتصام شعبي، أمام سفارة المملكة المتحدة في بيروت، قبيل ظهر اليوم الخميس 2 تشرين الثاني 2017، رُفِعَت خلاله الأعلام الفلسطينية والشعارات واللافتات المندِّدة بسياسة بريطانيا ورئيسة حكومتها، والمطالبة بالاعتذار للشعب الفلسطيني.
وشاركَ في الاعتصام أمين فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" آمنة جبريل، وأمين سر حركة "فتح" - إقليم لبنان حسين فيّاض وأعضاء قيادة الإقليم، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب على رأس وفدٍ من قوات الأمن الوطني، ومدير عام "المجلس الأعلى الشباب والرياضة" في لبنان خالد عبادي، وقيادة حركة "فتح" في بيروت والشُّعَب التنظيمية والمكاتب الحركية، وممثِّلو اللجان الشعبية في لبنان، إلى جانب ممثِّلي قادة الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، وممثِّلي فصائل "م.ت.ف" والقوى الإسلامية والوطنية الفلسطينية، وثُلَّة من رجال الدين والمشايخ وأئمة المساجد، وحشود شعبية وفتحاوية من مخيَّمات بيروت وصيدا وصور.
وقد قرأ الحاج فتحي أبو العردات مذكّرةً جرى تسليمها إلى السفير البريطاني "هيوغو شورتر"، وفيما يلي نصُّها:
(سعادة السفير هيوغو شورتر المحترم،
سفير المملكة البريطانية في لبنان
في الذكرى المئوية لوعد وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر جيمس بلفور المشؤوم، الذي أسَّس لقيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية، ذلك الوعد الذي أعطى أرض فلسطين "ممن لا يملك لمن لا يستحق"، الذي نتج عنه تهجير وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره وجلب اليهود من كل بقاع الأرض ليُقيموا كيانا إحلاليًّا استعماريًّا عُنصريًّا يمارس أبشع أنواع الإرهاب المتمثِّلة بتدمير القرى والبلدات والمدن الفلسطينية وتهجير الملايين من الفلسطينيين إلى دول الشتات حيثُ يعيشون في مخيَّمات البؤس والحرمان، مع استمرار سلطات الاحتلال في ممارسة التنكيل والطرد والاعتقال والقتل اليومي لأبناء شعبنا وتهويد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وإنشاء المستوطنات غير الشرعية عليها، ومع تصاعد الحملة الصهيونية على مدينة القدس وتغيير معالمها التاريخية والدينية.
إنَّ هذا اليوم المشؤوم الذي مرَّ عليه مائة عام يؤرِّخ لبداية المأساة والنكبة الفلسطينية باعتباره الجريمة التاريخية التي ارتكبتها الحكومة البريطانية عام ١٩١٧، والذي كان البداية الرسمية لمعاناة الشعب الفلسطيني التي ما زال شعبنا يعاني فصولها حتى يومنا هذا، ويتعرَّض للإجحاف منذ مائة عام تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، بل وتشجيعٍ وعونٍ منه من دون أن يتحرَّك لإحقاق الحقِّ لأصحابه ولتصحيح الخطأ التاريخي، ورفع الظلم والضرر الجسيم الذي لحق بالمنطقة بأسرها نتيجة السياسات الاستعمارية الظالمة التي مارستها وتمارسها الدول الكبرى.
إنَّنا نستهجن وندين ونستنكر بشدة تصريحات رئيسة حكومة بلادكم العتيدة السيدة تيريزا ماي الاستفزازية التي ترفض الاعتذار عن جريمة بلادها بحق شعبنا الفلسطيني المتمثلة بـ"وعد بلفور"، بل ذهبت في استفزازها إلى حدِّ الافتخار بهذه الجريمة، وندعوها للتراجع عن دعوتها إلى تنظيم احتفالات بمرور مئة عام على الوعد المشؤوم، وإلى الابتعاد عن العقلية الاستعمارية والاستبدادية الظالمة وتنكُّرها لحقوق شعبنا الوطنية المشروعة.
لذا فإنَّنا ندعو الحكومة البريطانية ونطالبها بما يلي:
أولاً- إنَّ العدالة القانونية والأخلاقية ومبادئ حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني تُلزِم بريطانيا في ذكرى مئوية وعد "بلفور" المشؤوم بعدم الاكتفاء بالاعتذار، بل أيضًا بإعادة النّظر بموقفها من القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية.
ثانيًا- ندعو الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بمسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية عن دعم المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري الذي أدى إلى تشريد شعبنا وتفتيت نسيجه الاجتماعي وتمزيق وطنه وإلحاق النكبة بشعبنا والكوارث التي نتجت عنها.
ثالثًا- إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة ومقاطعة منتجات هذه المستوطنات باعتبارها تدخل في باب الجرائم الدولية، والجرائم ضد الإنسانية، ونزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وعزل الكيان الإسرائيلي على الصعيد الدولي، لحين التزامه بقرارات الشرعية الدولية.
رابعًا- التأكيد على حقِّ شعبنا الفلسطيني المشروع في مقاومة وعد بلفور والانتداب البريطاني على فلسطين قبل النكبة، وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الصهيوني إلى أن تتحقق أهدافه النضالية كاملة كما أقرَّتها مؤسساته الوطنية، واعترفت بها الشرعية الدولية.
خامسًا- نطالب الحكومة البريطانية الالتزام بالعمل على تنفيذ قرارات الشرعية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة، وممارسة كلّ أشكال الضغط السياسي والدبلوماسي والاقتصادي على الحكومة الإسرائيلية للالتزام بهذه القرارات.
سادسًا- ندعو الحكومة البريطانية إلى اغتنام هذه المناسبة الأليمة لتصحيح الخطأ التاريخي، والاعتراف بحق شعبنا في تقرير مصيره في وطنه فلسطين، بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين من أبنائه في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام ١٩٤٨، وَفْقَ مقرَّرات الشرعية الدولية. ونناشد الشعب البريطاني المحب للسلام والعدالة الإنسانية إلى ممارسة الضغط على حكومته لتحقيق ذلك من خلال تصويت مجلس العموم لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكِّدين أنَّ هذا الاعتراف هو الكفيل بتصحيح ذلك الخطأ وتمهيد الطريق للسلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط).
هذا وقام وفدٌ مؤلَّف من كلٍّ من: أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وممثِّل "جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف، وعضو المكتب السياسي لـلجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" علي فيصل، وممثِّل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" سمير لوباني، بتسليم المذكّرة إلى سعادة السفير البريطاني "هيوغو شورتر" في مقرِّ السفارة.
وفي وقت لاحقٍ من هذا اليوم، وكي لا يتأثَّر سير العملية التعليمية في مدارس "الأونروا"، فقد تابع طلابنا دراستهم، واكتفوا برفع العَلم الفلسطيني واعتمار الكوفية الفلسطينية في مدارسهم. وبدورهم، خصَّصَ المعلِّمون وقتاً لشرح وتسليط الضوء على وعد "بلفور"، وأبعاده، وتداعياته على الشعب الفلسطيني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها