اخذت الفنانة السعودية علا حجازي على عاتقها عكس اللغة ومفرداتها في لوحتها، فاللغة العربية وتعبيراتها وشكلها بالنسبة لها لوحة مسكونة بالألوان، فيما صار ليس غريبا ان ترى فنانة سعودية في المحافل الفنية والمعارض الكبرى داخل السعودية وخارجها لها حضورا مميزا، تمثل عدد من الفنانات الشابات ومنهن علا حجازي. فمن بيت مثقف، وطبقة متوسطه خرجت علا الى عالم التشكيل، تحمل وعيا مغايرا للسائد ألاجتماعي وتبعث الحياة في ألبياض ليصبح موشوم ومطرز بالألوان والأشكال الانسانية.

الابجدية والإشارات هما صفة خاصة باللوحة ألتشكيلية والمساحة البيضاء هي عنوان اولي ومستهدف من قبلها، لتتحول فيما بعد الى عالم اكتملت فيه عبارة وتفاصيل ارادتها كوثيقة بصرية لونية تبحث عن معانيها الخارجية عند المتلقي وهنا تشير الفنانة حجازي عن اسئلة لوحتها في هذا الحوار الخاص بدبي الثقافية عن حبها للغة ومن اين جاء هذا الحب اللغة العربية صوتي، لكنّ اللون هويتي، وجودي لحياة مملؤة بالتعقيدات، وأبسّط مفرداتها بلوحة لونية، أختزن بها فكري، وأكمل نقصي بها، وكلما زادت تجاربي، أُثريت لوحاتي بقصص ترافق مراحلي التشكيلية".

اعمال التشكيلية حجازي تعتمد على الحرف كمحور موزع داخل اللوحة ضمن مساحات فوق سطوحها : "اللوحة عندي ذكريات، ومدوّنات، أدوّن عليها ذاكرتي، أصورّها على هيئة رموز تعارفنا عليها حين تعاركنا فتصالحنا، فتشكّلنا على هيئة لوحة، وحين يُقتنى عملي التشكيلي، أصاب بالحزن، لأنني ارتضيت بيع روحي، إنها ضريبة نجاح الفنان التشكيلي أن يفرح لأعماله وهي تعلّق على جدران العالم، ولكن في نفس الوقت يُصاب بالشجن لهروب لوحاته منه".

يتحرك الفنان السعودي في حقل ألغام المنع والتحريم في غالب الأحيان وكفنانة استطاعت علا حجازي اختراق جدار العزلة الى ساحات الفن العربي والعالمي مشاركة ومساهمة وممثلة لبلدها :لم أسعَ يوماً وراء الانتشار ولا أذكر في يوم ما أن تذللت لصاحب غاليري في أن يعرض لي لوحة من لوحاتي في صالته، ولم أطلب من أي منظّم لدعوتي لمحفل تشكيلي، لوحتي كرامتي، علمّتها عزة النفس، حريصة على تطوير شخصيتي التشكيلية والفكرية، أعمل وأرسم دون ملل، فالملل عدوي فحين يهاجمني ألوّنه فرحاً بفرشاتي، مجدّدة خلايا الرتابة في لوحاتي، ومن الطبيعي لأي ناجح ومثابر أن يلقى وإن تأخر درب الوصول عنه النجاح، الحمد لله وجدت طريقي التشكيلي، لكنّني إلى الأن لم أقدم للساحة التشكيلية العربية قدراتي، فكل ما عرضته فتات خبز لما في داخلي من طاقات وأفكار، ستظهر تدريجياً،كي تكون حصيدة نجاحي كما رسمته وتوقعته وتوقعه أيضاً الآخرين مني".

للمرأة السعودية ظروفها وقلقها الخاص المختلف عن قرينتها العربية، الا انها بدأت تنتع لنفسها مكانا خاصا مخترقه جدار الصمت الى العلن، مؤكده على حضور لافت في ميادين عديدة ابرزها الادب والثقافة، تقول التشكيلية حجازي عن تجربتها بهذا الخصوص :"من قال ذلك يجهل بقيمة بعض الفنانات التشكيليات السعوديات، فالكثيرات الأن قادمات بقوة، وتمنحها الدولة فرصاً كثيرة لإثبات وجودها أكثر من الرجل قديماً كانت الفنانة التشكيلية السعودية مظلومة ومهضوم حقها، لكن الأوضاع التشكيلية تغيّرت كثيراً مع التطور التكنولوجي السريع، مما أعطى المرأة السعودية وخاصة التشكيلية ما يثبت وجودها وحقها التشكيلي".

وتسألت التشكيلية حجازي كيف تتحرك وتعرض الفنانة التشكيلية داخل المؤسسات وهل تجد دعما رسميا وخاصة في الفترة الحالية المملكة العربية السعودية تهتم بتطوير الفن التشكيلي باعتباره جانب حضاري ومرآة ثقافية لمجتمعها، فالوزارات تهتم بطرح الكثير من المسابقات التشكيلية لدعم الفنان، كما أن المؤسسات والبنوك تهتم باقتناء الأعمال لتزدان جدرانها بأعمال تشكيلية محلية لا مطبوعة أو مستوردة من الخارج".

وترى التشكيلية حجازي ان هناك مفارقات تتعرض لها خلال مشاركاتها في معارض عربية ودولية فالذكورية العربية حاضرة بالنسبة لها عند التشكيلي العربي فيما تسمع رأيا اخر عند الجمهور والفنانين الاجانب :"من الأجانب الاحترام لفكري وفني، ومن العرب التدّخل" وتشير بهذا الخصوص موضحه "معظم فنانين العرب يفرضون سادتهم التشكيلية على الفنانة ظناً منهم بأنًهم الأفضل في تقنيتهم اللونية والفكرية، هم يريدون الفنانة نسخة مقلّدة عن تجاربهم. لذلك لم أستطع مجاراتهم ولا أريد، بداخلي فنانة متمردة لا ترسم إلا ما تهواه".

هي ترسم افكارها بإحساسها باحثة عن اساليب تجدد فيها لوحتها، فقد كرست التشكيلية السعودية حجازي طريقا وأسلوبا صار خاصا بها، يعرف الجميع لوحتها حين يراها، الا انها بين الحين والأخر تخرج من اطار اللوحة الى افكار جديدة منها تقديم تصميمات فنية وتشكيلية جمالية للمنازل والرسم على الاثاث والمشاركة في اهم وابرز المعارض وإقامة المعارض الشخصية التي تؤكد من خلالها على استمرارية تجربتها الانسانية والتشكيلية كما تقول الفنانة علا عن تجربتها وأفكارها القادمة.