أكثر من (16) مليون شيقل تستثمر حكومة الاحتلال وبلديتها في القدس في الوقت الحالي، لإقامة وتطوير المشروع الاستيطاني "مدينة داوود" على الأراضي المصادرة من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى شرقي مدينة القدس، والذي تنفذه جمعية "العاد"الاستيطانية من خلال الحفريات وتطوير شارع استيطاني إضافة لإقامة منشآت سياحية.

تغير معالم المنطقة لتخدم السياحة ألاستيطانية وقلب الميزان الديمغرافي فيها لصالح ألمستوطنين يهدف المشروع الاستيطاني القديم الجديد، الذي يعتبر جزءا أساسيا من مخطط (20/20) الكبير، حيث يتوقع الاحتلال أن ينهي إنجازه عام2020، وذلك بإقامة حدائق تلمودية تمتد من جبل المشارف حتى جورة العناب في بلدة سلوان، ستكون حدودها العيسوية والطور ووادي حلوة ووادي الربابة. ففي قلب حي وادي حلوة الذي يشكل (10)% من بلدة سلوان، تجري أذرع الاحتلال عمليات الحفر والإنشاء على قدم وساق، فيقول الناشط الميداني في مركز معلومات وادي حلوة محمود قراعين، إن بلدية الاحتلال نجحت في تغير أسماء الشوارع  والأحياء وتهويدها، وكثف من وجود المستوطنين من خلال نشر (17) بؤرة استيطانية شرقي القدس (9) منها قائم حاليا.

وبين قراعين أن مؤسسات الاحتلال المختلفة منذ التسعينات وهي تنفذ المخطط بهدف الوصول لأن تكون الأغلبية في المنطقة لليهود حيث أنهم يسعون لتصل إلى (85)%، مضيفا السياحة الاستيطانية التي تشكل جزءا من المخطط تصل تبلغ سنويا (400) ألف سائحا إلا أن الاحتلال يسعى لمضاعفتها لدعم مخططته وتثبيته.

حي البستان الذي يجاور حي وادي حلوة، يهدد الاحتلال بهدم (88) منزلا فيه لتسهيل امتداد الحدائق التلمودية التي يسعى لإقامتها، إلا أن قراعين يستبعد أن تجرأ حكومة الاحتلال على اتخاذ هذه الخطوة التي أصبحت مشهورة عالميا ولاقت رفضا واستهجانا من كافة الدول، مشيرا إلى أن هدم حي البستان ربما يكون من الخطوات الأخيرة التي سيتخذها الاحتلال لإنهاء مشروعه الاستيطاني إلا أنه الآن يسعى للمصادرة الأراضي في خلة العين في جبل الطور والتي جرفت خلال سنتين ستة مرات، ووادي الربابة والذي أيضا جرى فيها عمليات تجريف وهدم للمنشآت.

 (55)ألف فلسطينيا يعيش في بلدة سلوان منهم خمسة آلاف في حي وادي حلوة إحصائيات أشار لها قراعين، ومن المتوقع أن العدد الحقيقي للسكان هو (70) ألف نسمة وذلك بعد إقامة جدار الفصل العنصري وانتقال الناس لسلوان للمحافظة على إقامتهم، يعانون من ضعف الخدمات الأساسية من مواصلات وبريد وماء وكهرباء وتعليم، فيؤكد قراعين على أن ما يفرضه الاحتلال من مضايقات يومية على السكان تصب في خدمة مشاريعه الاستيطانية في البلدة وتهدف لطرد وتهجير المقدسين.

"مدينة داوود" الاستيطانية، يسعى الاحتلال لتنفيذ مخطط فيها يحمل رقم (11555) عبر مصادرة تسعة أراضي تشكل (72)% من أراضي وادي حلوة، فيوضح قراعين أن الاحتلال سيحول هذه المساحات إلى حدائق تلمودية وسكنية وسيقيم فيها كنيس كما سيخصص مساحة منها كمقبرة يهودية، ويفتح شوارع استيطانية جديدة. وبين أن المشروع  هدفه الأساسي إخفاء الوجود الفلسطيني ، حيث أن السائح سيدخل البؤرة من مركز الزوار ثم يتوجه مع الأدلاء "الإسرائيلين" في جولة دائرية تحت الأرض لن يرى خلالها المعالم العربية ولا الوجود الفلسطيني.

وأشار قراعين إلى أن مشروع استيطاني جديد على أراضي حي وادي حلوة في منطقة ما يسمى "مدينة داوود" سيكون مشروع كامل يمتد على أربعة دونمات، حيث أن المخطط يشمل إقامة مباني عامة ومراكز للزوار، ومصف للسيارات على النظام الصيني يتسع لـ(250) سيارة، ومتحف، وجسر حديدي يتيح للزوار النظر للحفريات، وسوق تجاري، وفندق، وسينما، وقاعات، وقال،" إن "مدينة داوود" تشبه بمبدأها البلدة القديمة التي تكون للناظر من الخارج عبارة عن كتلة واحدة، إلا أنها بداخلها تحتوي على عدد من المباني والمنشآت".

صحيفة "هآرتس" نشرت أن اللجنة المالية في بلدية الاحتلال اجتمعت مؤخرا وأقرت تخصيص (16) مليون شيقل لما عرف بتطوير  "مدينة داوود" ، والتي تبلغ مجمل كلفته(20 ) مليون شيقل، سيتم دفع( 10 ) ملايين منها من ديوان رئيس الحكومة نتنياهو، تحت بند مواقع التراث والتاريخ القومي، ويبدو للمطلع على الاحتلال من خلال تخصيصه هذه الميزانيات لمشاريعه الاستيطانية يستغل سير المفاوضات لفرض واقعا جديدا يحول من الوصول إلى تسويات تصب لصالح الفلسطينيين.

قراعين أوضح أن الجمعيات الاستيطانية استطاعت في عام 1986 الحصول على ترخيص للبدء بتنفيذ "مدينة داوود" داخل ما يسمى بالحوض المقدس، إلا أنه لم يستطع وقتها المتزامن مع اندلاع الانتفاضة الأولى المباشرة في المخطط، مضيفا إلى أن توقيع اتفاقية أسلو أعطى صلاحيات إضافة لحكومة الاحتلال كحق عودة اليهود وقانون حرس أملاك الغائبين والذي شجعه لاستئناف مخططاته الاستيطانية.

وجود آلاف المستوطنين في المستوطنات المقامة على الأراضي المصادرة في مدينة القدس باتت أمرا واقعيا يحول دون الوصول لتسوية سياسية لصالح الفلسطينيين من خلال المفاوضات الجارية، وتكثيف الاحتلال من خطواته الاستيطانية من مصادرة للأراضي وإقامة للبؤر الاستيطانية في شرق القدس تحديدا والتي تعتبر من حدود عام 1967 ، يثير عدد من التساؤلات وأهمها أين تقع القدس في ظل المفاوضات الجارية؟