فتح ميديا/ لبنان، بعد اثنين وخمسون يوماً من الحصار، تعرض خلالها لأكثر من (55000) قذيفة، وانتهاك للاعراض واغتصاب للنساء وبقر لبطون الحوامل وذبح للاطفال والنساء والشيوخ وابادة جماعية، وهدم للبيوت، دخلت قوات الميليشيا اليمينية الانعزالية مخيم تل الزعتر يوم 12 آب 1976 مخلّفة وراءها ثلاثة آلاف شهيد وعشرات المفقودين.
سبعة وثلاثون عاماً مضت على هذا المشهد المأساوي وسكان المخيم المنكوب ما زالوا يعيشون المأساة والنكبة، فتل الزعتر بالنسبة لهم لم يكن عبارة عن مجموعة من بيوت الصفيح، انه ذكريات طفولة وجيران واهل واصدقاء جمعتهم نكبة فلسطين حيث كانوا يعيشون في وطن تظلهم سماء واحدة، ويتنشقون الهواء نفسه، تقاسموا الحلو والمر، الى ان جمعتهم النكبة على ارض غير وطنهم وربوا اولادهم على عادات وتقاليد وتراث فلسطين.
بعد مضي 37 عاماً على استشهاد مخيم تل الزعتر، هاهم اليوم ابناء تل الزعتر ومعهم ابناء الشعب الفلسطيني في مخيمات بيروت، يحيون هذه الذكرى الاليمة.
حيث أحيت رابطة اهالي تل الزعتر الذكرى بفاعليتين، الاولى: وضع اكاليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء مخيم تل الزعتر في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية عند مستديرة شاتيلا، مع قراءة سورة الفاتحة على ارواح شهداء تل الزعتر وشهداء الثورة الفلسطينية، وذلك عصر الاحد 18 آب 2013.
الفاعلية الثانية: مهرجان سياسي وفني وتكريمي، اقيم في ساحة شهداء مخيم تل الزعتر في مخيم شاتيلا، مساء الأحد 18 آب 2013، أحيته فرقة عشاق الاقصى.
وفي كلتا المناسبتين شارك سعادة سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور، وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان فتحي ابو العردات، وأمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين "المرابطون" العميد مصطفى حمدان، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي فيصل، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية أبو علي حسن، وممثلو فصائل الثورة الفلسطينية والقوى الإسلامية الفلسطينية، ووجهاء وفاعليات وكبار السن وحشد من اهالي مخيم تل الزعتر.
وفي مقبرة الشهداء ألقت إحدى الناجيات والشاهدة على جريمة تل الزعتر صباح كلمة أعادت فيها الذكرى 37 عاماً إلى الوراء، مستذكرة المواقف البطولية والصمود الاسطوري لأهالي تل الزعتر، شباباً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً الذين هبوا دفاعاً عن مخيمهم وعرضهم ضد الهجمة الفاشية الانعزالية. ووجهت نداءاً للفصائل الفلسطينية مطالبة اياهم بالتوحّد والتعالي على الخلافات لمواجهة العدو الصهيوني.
والقى العميد مصطفى حمدان كلمة حركة الناصريين المستقلين "المرابطون" بدأها بقول جمال عبد الناصر "إن الأمل الحقيقي هو استمرار النضال والمقاومة وبتأكيد الأمل حين يكون هناك جيل جديد يحمل الامانة ويواصل التقدم بها، اكثر وعي صلابة وطموح من جيل سابق، اليوم انتم تمثلون هذه المقوله، انتم يا ابناء تل الزعتر الذين ارتكب بحقكم اكبر مجزرة بتاريخ الامة كانت وصمة عار في جبين الانسانية وستبقى في عنوقهم الى ابد الابدين.
وأضاف: بيننا وبين الصقيع العربي قصة طويلة لم تبدأ اليوم، بل بدأت منذ احتلال فلسطين وثورة عبد الناصر نحن ابناء فلسطين المرابطون كنا نفتخر اننا ارهابيون، كنا نفتخر برصاصة ابو عمار يوم اطلقت في العام 1965 على ارض فلسطين، كنا نفتخر ان جورج حبش ونايف حواتمه وابو عمار، وكان لقب الإرهابي اشرف لقب نحمله لأنها كانت ضد العدو الاسرائيلي، اما اليوم هذا اللقب اصبح يطلق على من يقتل ابناء امتنا العربية.
نحن المرابطون الناصريون نقيّم اي حراك عربي ثوري ولا نعترف بأي تحرير الا اذا كان من اجل فلسطين لذلك نحن مع صواريخ حزب الله، نقول لاهلنا في فلسطين طالما ان السيد حسن يقول ان هذه الصواريخ من كريات الى ايلات فنحن معه دائماً.
نحن مثلكم محرومون ومظلومون في هذا البلد سنطالب بحقوقكم وحقوقنا معاً وانتم تعلمون سنظل نناضل من اجل هذا الحق وان هذه المخيمات هي اشرف من كل شوارع هذه الارض وستبقى فلسطين قبلتنا جميعاً.
كلمة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" ألقاها أبو العردات جاء فيها : "37 عام مرت على صمود هذا المخيم البطل، الذي شكل بتضحياته ونضاله وشهدائه مدرسة للتضحية والبطوله. تل الزعتر عنوان للعنفوان والنضال والجهاد والمقاومة مدرسة نضالية نتعلم منها كل يوم الكثير، نتذكر الشهداء ونتذكر اهالي تل الزعتر حتى اليوم، عنوان للاستمرار من اجل فلسطين، نتذكر كل هذا العطاء حتى نستمر في نضالنا على طريق فلسطين ومن اجل فلسطين ومعنا كل اخواننا رفاق الدرب الذين كانوا وما زالوا على العهد.
وعندما نتحدث عن الشهداء فاننا نتحدث عن الاكرم منا جميعاً عن الذين سقطوا ويسقطون كل يوم من ارضنا الطيبه فلسطين في لبنان وفي الضاحية الذين استشهدوا بالأمس وهذه العملية الإرهابية التي لا تخدم الا اسرائيل. ان من يعتقد انه بمنأى عن هذه العملية الاجرامية هو واهم لان الاجرام هذا لا يمكن ان يوفر احد، وبالتالي ان الاستهداف لهؤلاء الاخوه الذين احتضنوا المقاومة هو استهداف لكل هذه القيم النضالية. اننا يجب ان نحشد كل الجهود والطاقات والامكانات في مواجهة العدو الأساسي والرئيسي لكل الأمة.
مضيفاً: "نحن لا نضيع البوصلة أبداً، ستبقى وجهتنا فلسطين والقدس عاصمتنا، القدس العاصمة الابدية لدولة فلسطين المستقلة الآتيه ان شاء الله على درب الشهيد ياسر عرفات وكل شهداء الثورة الفلسطينية وشهداء المقاومة الوطنية والاسلامية الذين استشهدوا من أجل فلسطين".
واكد ابو العردات على تعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية مع الدولة اللبنانية بكل مكوناتها من أجل حماية المخيمات والبلد في اطار السياسة التي رسمناها في هذا البلد والقائمة على الحياد الايجابي حيث أصبح الفلسطيني عاملاً أساسياً في الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه البلد.
وحذر من الفتنة في الدول العربية، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني سيبقى وفياً للامانة التي حملها والمقاومة بكل اشكالها والنضال السياسي من أجل الوصول إلى تحرير فلسطين.
كلمة رابطة اهالي تل الزعتر القاها نائب رئيس الرابطة محسن شمس جاء فيها: "نلتقي اليوم في هذا المكان في احد مخيمات الصمود البطولي لنحيي معاً ذكرى الشهادة والشهداء الابطال لنتذكر من صنعوا لنا المجد والعزة والكرامة والتضحية وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن نبقى أحياءاً ونعيش أحراراً، نلتقي لنحيي معاً الذكرى السابعة والثلاثين على اسطورة الصمود والمقاومة في 12 آب 1976 ذكرى ملحمة تل الزعتر، تل الابطال، تل الشهداء. لقد اعتقد البعض ان بعد مرور هذه السنوات اننا ننسى الشهداء الابطال الذين سقطوا دفاعاً عن المخيم واهله فهل ننسى الشهداء القادة ابو امل، رسمي معروف، وابو الفدى كروم، ويوسف حمد، وصالح ابو النعاج، وابو ابراهيم، وابو مسعد، وابو جبال، وسليم حمدان وكل شهداء تل الزعتر".
لقد كانت بداية المؤامرة في لبنان لضرب مخيمات شعبنا وكان تل الزعتر هو البداية حيث كان مخيم تل الزعتر خزان الثورة الذي خرج منه مئات المقاتلين ملتحقين في صفوف الثورة منذ انطلاقتها وسقط منهم عشرات الشهداء على ارض فلسطين في الاردن والجولان وجنوب لبنان من اجل العودة الى فلسطين.
طالب شمس المؤسسات الدولية ولجنة حقوق الانسان وهئية الامم المتحدة بالكشف عن مصير ما يقارب ثلاثة الاف مفقود من لبنانيين وفلسطينيين من ابناء المخيم، اذا كانوا احياءاً نريد عودتهم واذا كانوا امواتاً نريد الكشف عن مقابرهم واعادة رفاتهم لاننا لن ننساهم مهما طال الزمن او قصر. كما طالب برفع دعوة قضائية بحق كل من ارتكب جرائم بحق ابناء المخيم.
وتحدثت مارلين ابنة تل الزعتر التي فقدت وهي بعمر 4 سنوات، ولا تعلم سوى انها ابنة تل الزعتر وسردت قصة حياتها التي عاشتها.
كما القى أحد طلبة جامعة القدس القادم من الوطن كلمة اكد فيها على وحدة الدم الفلسطيني بين الداخل والشتات وان المقاومة والشهداء سيبقون عنواناً لعزة وكرامة الشعب الفلسطيني.
وختم الاحتفال بتكريم بعض الإخوة والأخوات من تل الزعتر وحفل فني فلكلوري غنائي فلسطيني أحيته فرقة عشاق الأقصى.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها