يتزايد استهداف مصنعي الألواح الشمسية وتقنيات الطاقة الشمسية الصينيين لأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، في ظلّ توقعات باتساع نطاق الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة وتسارع الطلب على التقنيات المستوردة في هذا المجال.
وكان الطلب المحلي المتزايد عزّز ارتفاع وتيرة النشاط في صناعات الطاقة الشمسية في الصين، ولكن التباطؤ الذي بدأ يظهر في مشاريع الطاقة الشمسية المحلية في البلاد وخفض الدعم الحكومي دفعًا بالمصنعين للنظر إلى الأسواق الخارجية وتنمية تجارة التصدير، الكبيرة أصلًا، كوسيلة رئيسية لتعزيز النمو في المستقبل، وذلك في وقت تقدّم الأسواق الناشئة بعضًا من أقوى الفرص، لا سيما في المناطق ذات السطوع الشمسي العالي.
وأظهرت دراسة تحليلية أجرتها “فروست آند سوليفان” بتكليف من القمة العالمية لطاقة المستقبل ومعرض الطاقة الشمسية التابع لها، اللذين سيُعقدان في أبوظبي بين 16 و19 كانون الثاني/يناير الجاري، أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف ترفع قدراتها الخاصة بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمقدار 50 ضعفًا بين العامين 2015 و2025.
وكانت المملكة العربية السعودية وحدها أعلنت عن خطط لإضافة 9.5 جيجاواط من الطاقة الكهربائية المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030. أما خارج منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الهند تستهدف قدرة إنتاج تبلغ 175 جيجاواطًا من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2022، بينها 100 جيجاواط من الطاقة الشمسية.
وتتجاوز المشاريع المخطط لها قدرات التصنيع المحلية للمعدات والتقنيات، ما يفتح الباب أمام إبرام علاقات شراكة واسعة مع الموردين العالميين.
وأكّدت لي دان، نائب الأمين العام التنفيذي لاتحاد صناعات الطاقة المتجددة الصيني، أن الشركات الصينية “بوسعها أن تقدّم الجودة والقدرة الإنتاجية المطلوبتين، وتحقق الجدوى التجارية المنشودة، من أجل تمكين الأسواق من وضع الطاقة المتجددة في صميم مزيج الطاقة”، معتبرة أن كثيرًا من صانعي القرار “توجّهوا تلقائيًا إلى إقامة علاقات تجارية مع شركاء غربيين من أوروبا، عندما كانت الطاقة الشمسية في المنطقة تمرّ بمراحل تجريبية، وكانت عائدات النفط مرتفعة”، وأضافت: “أما الآن فمن المنتظر أن تستند قرارات المعنيين، عند استشرافهم المستقبل، على عوامل تجارية بحتة”.
وتشير توقعات متخصصة إلى أن قدرات توليد الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي ستنمو بمعدل سنوي مركب يبلغ نحو 3.74% بين عامي 2015 و 2025، وذلك باستثمارات تُقدّر بحوالي 85 مليار دولار في عمليات التوليد، و31 مليار دولار في عمليات النقل والتوزيع.
وبالرغم من أن الغاز الطبيعي سيظل الدعامة الأساسية لتوليد الكهرباء، فإن عمليات توليد الطاقة المستندة على النفط السائل سيتم تقليصها. أما مصادر الطاقة المتجددة، التي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فسوف تنمو بصورة ملحوظة.
وتشهد الدورة العاشرة من القمة العالمية لطاقة المستقبل موجة اهتمام صينية عارمة، ولّدتها الفرص التي ينطوي عليها قطاع الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما وأن القمة تشكّل أكبر معرض ومؤتمر في الشرق الأوسط للطاقة المتجددة، كما أن تركيزها ينصبّ بشكل خاص على الأعمال التجارية في هذا القطاع. ويواصل هذا الحدث السنوي جذب المشترين العاملين لصالح مشاريع الطاقة المتجددة في منطقة جغرافية واسعة تمتد من إفريقيا مرورًا بالشرق الأوسط وحتى الهند.
ويُنتظر أن تحظى الصين بأقوى تمثيل دولي في القمة العالمية لطاقة المستقبل 2017. وتضمّ قائمة الشركات الصينية العارضة في الحدث “ترينا” و”جيه إيه سولار”، وهما من أكبر المصنعين لتقنيات الألواح الضوئية (فوتوفولتيك) في العالم، إضافة إلى أسماء كبيرة أخرى مثل “جينكو سولار”، التي كانت جزءًا من التحالف الذي أرسى سعرًا منخفضًا قياسيًا في عروض التسعير لعطاء بناء محطة سويحان الشمسية لتوليد الكهرباء في أبوظبي، وذلك في أيلول/سبتمبر الماضي.
ومن الشركات العارضة كذلك “صنتك باور” وشركة الصناعات التقنية العملاقة “هواوي”. يُذكر أن معظم الشركات الصينية العارضة متخصصة في تقنيات الفوتوفولتيك، وبالأخصّ الألواح الشمسية، فضلًا عن التقنيات المرتبطة بها مثل التخزين في البطاريات.
وقد ذاع صيت موردي تقنيات الطاقة الشمسية الصينيين في جانب القيمة، سيما وأن تراجع عائدات النفط وضع ضغوطًا كبيرة على موازنات الدول، وذلك إلى جانب سمعتهم المتزايدة في جانبي الجودة والابتكار، ما أضفى عليهم قدرة تنافسية عالية.
ومن جانبه، قال ناجي الحداد، مدير إدارة الفعاليات في شركة “ريد” للمعارض، الجهة المنظمة للقمة العالمية لطاقة المستقبل بالشراكة مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، إن القمة شهدت نموًا قويًا في عدد الشركات الصينية القادمة المشاركة “حتى أصبح عددهم من بين أعلى المشاركات الدولية في الحدث”، مشيرًا إلى أن نفوذ هذه الشركات وقوتها في أسواق منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا آخذان في الازدياد.
وأضاف: “أصبحت الصين قوّة مؤثرة في قطاع الطاقة المتجددة متسارع النمو في المنطقة، كما أن العديد من العارضين الصينيين المشاركين في القمة العالمية لطاقة المستقبل هم من المصنفين بين أكبر عشرة مصنعين لتقنيات الطاقة الشمسية في العالم”.
جدير بالذكر أن القمة العالمية لطاقة المستقبل، التي عقدت للمرة الأولى في العام 2008، تهدف لجعل قطاع الطاقة المتجددة أحد القضايا التجارية الرابحة. ومن المقرّر أن تنعقد دورة 2017 من القمة، والتي تستضيفها شركة مصدر كجزء من فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها