جال وفدٌ من اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا برئاسة قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب على عددٍ من فعاليات مدينة صيدا السياسية والدينية، اليوم الأربعاء 14\12\2016، وذلك للبحث في مختلف أوضاع المخيّمات الفلسطينية الأمنية والإنسانية ولا سيما موضوع بناء الجدار حول مخيّم عين الحلوة.

وقد شملت جولة الوفد كلاً من: مسؤول منطقة صيدا في حزب الله الشيخ زيد ضاهر في مكتبه في صيدا، ومنسقية تيار المستقبل في صيدا والجنوب حيثُ عقدوا اجتماعاً مع أمين عام التيار في لبنان أحمد الحريري ومنسّق عام الجنوب د.ناصر حمود وأعضاء المنسقية في مقرها في عمارة المقاصد، وسماحة العلّامة الشيخ عفيف النابلسي في مكتبه، وحركة «أمل» حيث التقى عضوَي المكتب السياسي محمد الجباوي والمهندس بسام كجك.

وخلال اللّقاءات تحدّث اللّواء صبحي أبو عرب وعددٌ من أعضاء اللّجنة مستعرضين الخطوات التي تقوم بها القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية على صعيد إعداد الخطة الأمنية البديلة للجدار حول مخيّم عين الحلوة، لافتين إلى أنّها ستكون مدخلاً لتغيير النظرة اللبنانية الأمنية تجاه المخيّمات إلى سياسية وحقوقية شمولية.

 كما ثمَّنوا مواقف فعاليات المدينة من هذا الموضوع، ونوَّهوا بالتنسيق القائم مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المخيّم والجوار، مشدّدين على حرص جميع القوى الفلسطينية على عدم السماح لأحد باستهداف الجيش او الامن الوطني اللبناني، وعلى أنَّ مخيّم عين الحلوة وكل المخيمات الفلسطينية في لبنان لن تكون إلا عاملاً إيجابياً وعنصراً فعّالاً داعمًا لوحدة لبنان وأمنه واستقراره وسِلمه الأهلي.

وأكَّدوا ضرورة وجود مقاربة من الدولة اللبنانية لكافة الملفات المتعلّقة بمعيشة الفلسطينيين في لبنان وأن يتم الانتقال بالتعاطي مع الوضع الفلسطيني من الزاوية الأمنية الى الزوايا المتعلّقة بمعيشة الإنسان الفلسطيني وحقوقه الاجتماعية والإنسانية خاصةً أنَّ الفلسطينيين طوال فترة وجودهم في لبنان أكّدوا مرارًا وتكراراً تمسُّكهم بحق العودة ورفضهم للتوطين.

وأكّد مسؤول منطقة صيدا في حزب الله الشيخ زيد ضاهر أهميّة تكثيف الجهود الرامية لتعزيز الاستقرار الأمني في عين الحلوة وأهمها الاجراءات الفلسطينية داخل المخيم والتواصل المكثَّف مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لإزالة كل الهواجس من قِبَل كل الاطراف. وناقش مع وفد اللجنة مسألة الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، حيثُ تمَّ التوافق على ضرورة مبادرة القيادة السياسية الفلسطينية الموحّدة بحمل ورقة سياسية بهذا الملف وطرحها على كافة الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية.
كما تطرَّق الحديث إلى الأوضاع الفلسطينية في الداخل لا سيما لجهة منع سلطات الاحتلال الأذان في القدس، والوضع في غزة والضفة، مؤكّدين ضرورة إنهاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني.
من جهته، تحدَّث أمين عام تيار المستقبل في لبنان أحمد الحريري مستعرضًا مسار العلاقات اللبنانية الفلسطينية ومحاولات تفجيرها التي بدأت منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فقال: "لا شكّ أنَّ ما حصل في مخيَّم نهر البارد كان مخطَّطًا أن يحصل في عين الحلوة، لكن التنسيق بين السياسيين اللبنانيين والاخوة الفلسطينيين جنَّب المخيّم هذا المخطّط". وأوضح أنَّ تشكيل لجنة الحوار اللبنانية الفلسطينية جاء لتقريب وجهات النظر ما بين اللبنانيين والفلسطينيين، لافتاً إلى أنَّ هذا التشبيك الذي حصل ما بين القيادة السياسية في المدينة والقيادة الفلسطينية على صعيد لبنان والمدينة والمخيّم ساعد بتخفيف الاحتقان، وبنقل قضية المخيّم من قضية أمنية بحتة إلى قضية سياسية إنسانية.

وحول موضوع جدار عين الحلوة قال: "إدانتُنا مبدئية لموضوع الجدار، فهي ليست قصة أمن أو خطورة معيّنة، بل هو أمرٌ مرفوض بالمبدأ وبالعقل وبالمنطق وبالإنسانية، وفي القرن الواحد والعشرين لا يمكن التعامل بهذه الطريقة مع الاخوة الفلسطينيين، فالأمن اليوم يجب أن يكون له اهتمامات أخرى، هناك لاجئون جُدد على البلد لا أحد يعرف عنهم شيئًا، فلتكن الهمّة أيضًا بكشف وتوقيف كل الخلايا النائمة الموجودة في البلد.. هناك إعلام مضاد يبثُّ السّموم ضدَّ المخيّم، وبالمقابل يجب أن يكون هناك إعلام مضاد أيضًا يُظهِر الوجه الحقيقي والايجابي الفعلي والإنساني للمخيّم".

وأشار الحريري إلى أنّه "سيكون هناك تفعيل للجنة اللبنانية الفلسطينية للحوار، وهذا يساعدنا بالموضوع الانساني لأنَّ كل القوانين والطروحات ومشاريع القوانين التي يجب أن تمر بمجلس النواب أصبحت موجودة لديها"، مضيفاً: "بالنسبة لنا القضية الفلسطينية ستبقى هي القضية المركزية وهي عقدة الحل والربط، لأنه اذا لم تُحَل القضية الفلسطينية سيظل هناك مَن يستخدم اسمها ويتاجر بها".

وخلص الحريري للقول: "مخيّم عين الحلوة هو أكبر مخيّم باقٍ بعد اليرموك، يجب المحافظة عليه، ويجب أن نزيد التشبيك السياسي والاجتماعي والثقافي بين بعضنا البعض لنكسر كل هذه الحواجز التي زُرِعت بيننا".

بدوره، جدّد منسِّق الجنوب في تيّار المستقبل د.ناصر حمود موقف التيار الرافض لموضوع الجدار معتبرًا أنه لا يخدم العلاقات اللبنانية الفلسطينية ولا العلاقة التاريخية والإنسانية والاجتماعية بين صيدا والمخيّم، منوهًا بالوعي والمسؤولية العالية التي يتحلّى بها أهلنا في المخيّم في تفويت الفرصة على كل محاولات تفجير الوضع الأمني او تصويره على أنه بؤرة توتر أمني دائم. كما أكّد أهميّة أن يحظى المخيّم باهتمام على الصعيدَين الإنساني والاجتماعي بما يخفّف الكثير من المشاكل فيه آملاً أن يكون ذلك من ضمن أولويّات الحكومة اللبنانيّة الجديدة.

أمّا الشيخ عفيف النابلسي فاعتبر أنَّ الوضع  الفلسطيني يزداد سوءاً بسبب الانقسامات والخلافات التي تشتّت الجهود وتضعفها وتؤخِّر عملية التحرير والحصول على المطالب والحقوق، ولفت إلى أنَّ القضية الفلسطينية تخسر من رصيدها بسبب تراجع الدول العربية والإسلامية عن نصرتها ومعاونة الفلسطينيين على استرجاع أرضهم.

ودعا الفلسطينيين إلى التفاهم فيما بينهم والتوحُّد على كلمة سواء والتنسيق الدائم مع الدولة اللبنانية والجيش اللبناني لمنع كل يدٍ تريد النيل من وحدة الشعب الفلسطيني والإضرار بأمنه.