شدد المحلل السياسي فايز عباس، الخبير في الشؤون الإسرائيلية اليوم الجمعة، على أن مشاركة الرئيس محمود عباس في مراسم تشييع رئيس إسرائيل السابق شمعون بيرس عادت بنتائج كبيرة لصالح القضية الفلسطينية.

وقال عباس في حديث إذاعي إن هذه المشاركة رغم أنها جاءت من منطلق إنساني، إلا أنها حققت نتائج ملموسة تتضح جليا من خلال الاهتمام الإعلامي الكبير في إسرائيل وفي الرأي العام الدولي.

وأضاف الخبير في الشؤون الإسرائيلية: ليتأكد الجميع من حقيقة أن فوائد مشاركة الرئيس أكثر بكثير من عدم حضوره في هذا الحدث، فلو لم يشارك لأعطى فرصة لحكومة اليمين المتطرف ولأعضاء الكنسيت ولعدد من الوزراء في إسرائيل، لاتهامه بأنه راع لما يسمونه بالإرهاب.

الرئيس يخرس ألسنة اليمين المتطرف:

وقال: الخلاصة أن الرئيس عباس استطاع أن يخرس ألسنة المزاودين عليه من حكومة نتنياهو، فهو أطل على الرأي العام الدولي من القدس ليعيد التذكير بضرورة إنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وليؤكد بأنه مطلوب من القادة العمل من أجل مستقبل أبنائهم.

وتابع: ما لمسناه اليوم في وسائل الإعلام الإسرائيلية شكل تحولا في طبيعة الخطاب، فبعدما كان التركيز يتم على الادعاء بأن الرئيس غير جاد في السلام، فالنبرة اختلفت جوهريا إذ أن غالبية المحللين انطلقوا من هذا الحدث للقول إن "أبو مازن يثبت بأنه جاد في تحقيق السلام، وأنه يقدر أي شخص سعى لإنهاء الاحتلال استنادا إلى المواثيق الدولية، ومبادرة السلام العربية، والأسس التي قام عليها مؤتمر مدريد للسلام، واتفاقيات أوسلو".

وأضاف عباس: إن الرئيس أبو مازن حظي باهتمام واحترام واضح حتى من قبل من يعارضونه وحتى من يعملون على إفشال مساعيه لتحقيق حل الدولتين في إسرائيل، وأقر الجميع بأنه تصرف كإنسان في موقف إنساني تجاه شخص كان يعتبره في السابق شريكا في عملية السلام.

تركيز إعلامي كبير:

وأردف: وكان خبر المشاركة حاضرا بقوة في نشرات الأخبار، ومن الواضح بأنه تم التركيز على حضور الرئيس عباس بالترتيب الثاني بعد الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية: رغم وجود زعماء بارزين من دول أوروبية صديقة لإسرائيل، إلا أن الاهتمام أنصب أساسا على الرئيس عباس أكبر من قادة هذه الدول.

وأردف المحلل عباس: بلا شك أن نتنياهو كان يفضل بألا يحضر الرئيس عباس، وما حصل كان مفاجئا له ولحلفائه ولمعسكر اليمين واليمين المتطرف، فعلى الرغم من تعمد كاميرات وسائل الإعلام الإسرائيلية في البداية عدم التركيز على وجود الرئيس، لكن حصلت تطورات فرضت عليهم متابعة الحدث وهذا ظهر عندما اهتم الرئيس أوباما بالرئيس وحرص على تقبليه والترحيب فيه، كما أن مشاركته حظيت باهتمام أكبر عندما تطرق الرئيس الأميركي إلى أهمية وجوده في تشييع بيرس، وكيف أن الأمر يذكر بعملية السلام التي لم تُنجز بعد في الشرق الأوسط.

وقال: إن هذه الأحداث فرضت على المحللين، ووسائل الإعلام الإسرائيلية التوسع في تناول هذا الموضوع وتأثيراته المستقبلية، ومدلولاته، وكيف أن الرئيس عباس يثبت بأنه شريك حقيقي مع أي طرف في إسرائيل يريد أن يتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.

استفادة معسكر السلام:

وأردف المحلل عباس: إن حضور الرئيس أبو مازن مراسم التشييع هذا اليوم سيكون له تأثير إيجابي واضح على معسكر السلام في إسرائيل، كما أنه بحكمته يسحب عمليا الدعاية والأكاذيب التي يروجها التيار المعادي للمفاوضات وعملية السلام.

واختتم الخبير في الشؤون الإسرائيلية: استطيع القول بأن حضور الرئيس أبو مازن أحرج نتنياهو والقوى المتطرفة في إسرائيل، التي كانت تدعي بأنه لا وجود لشريك فلسطيني للسلام وبأن الرئيس أبو مازن "يرعى الإرهاب"، ونأمل بأن تشهد الفترة القريبة تحولا في نظرة المجتمع الإسرائيلية للرئيس على قاعدة أن هناك زعيم فلسطيني صادق في إحلال السلام، وما هو مطلوب هو صدق نوايا القيادة الإسرائيلية.