للمرة الثانية خلال أسبوع، هاجمت الإدارة الأمريكية إسرائيل.. وكانت المرة الأولى بخصوص الخطة الاسرائيلية لهدم قرية سوسيا في جبل الخليل جنوب الضفة الغربية. والمرة الثانية بخصوص معارضة نقل مستوطنة عمونة إلى أراضٍ فلسطينية خاصة بحجة أنها أملاك غائبين.

وتواصلت المساعي الإسرائيلية لمهادنة المستوطنين في بؤرة عمونة وتوفير حل لهم يتمثل بنقلهم من الأراضي الفلسطينية الخاصة التي اقاموا البؤرة عليها الى أراض أخرى أيضا فلسطينية خاصة تعود لفلسطينيين غادروا الضفة الغربية في 1967 وتعتبرها إسرائيل أملاك غائبين.

وأعلنت الولايات المتحدة معارضة المخطط الذي تدفعه الحكومة الإسرائيلية لتنظيم وتشريع بؤرة عمونة من خلال نقل البيوت من مكانها الحالي الى الأراضي المجاورة. وقال مسؤول أمريكي رفيع ان الإدارة بعثت في الأيام الأخيرة احتجاجا شديد اللهجة الى الحكومة الإسرائيلية، وان طاقما امريكيا أجرى سلسلة من المحادثات مع مسؤوليين اسرائيليين كبار. وقالت مصادر سياسية اسرائيلية انه لا يوجد حتى الآن قرار بالنسبة لعمونة وان المخطط المطروح للنقاش لا يتحدث عن مصادرة الأراضي.

ويعتبر الأمريكيون مخطط تشريع البؤرة بمثابة انحراف إسرائيلي عن الالتزام الذي قدمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى الرئيس باراك اوباما بعدم مصادر أراض للفلسطينيين في الضفة من أجل إنشاء مستوطنات جديدة او توسيع مستوطنات قائمة. وقد التزم نتنياهو بذلك في 2009 خلال محادثات أجراها هو ورجاله مع الإدارة الأمريكية عبر قنوات دبلوماسية وسلسلة من التصريحات العلنية.

والجدير بالذكر أن نتنياهو أعلن خلال خطاب بار ايلان الذي القاه في تلك السنة أنه يوافق على إقامة دولة فلسطينية.

وقال إن «الموضوع الإقليمي سيناقش خلال مفاوضات الحل الدائم وحتى ذلك الوقت لا ننوي بناء مستوطنات جديدة او مصادرة أراض لتوسيع المستوطنات القائمة».

ولم تكتف الإدارة الأمريكية بنقل الرسالة من خلال محادثات هادئة. ومن اجل التأكد من وضوح موقفها تطرقت الى الموضوع في نهاية الأسبوع نائبة الناطق بلسان وزارة الخارجية في واشنطن اليزابيت طرودو التي قالت للصحافيين «إننا نشعر بالقلق الكبير إزاء التقارير التي تفيد بأن الحكومة الاسرائيلية بدأت إجراءات للسيطرة على أراض فلسطينية خاصة لكي يتم نقل بؤرة عمونة غير القانونية اليها.»

وبحسب طرودو فإن الإدارة ترى في مخطط تنظيم عمونة خرقا لالتزامات إسرائيل أمام الولايات المتحدة. وقالت: «خطوة كهذه ستشكل مصدرا قلقا غير مسبوق لا يتفق مع وجهات النظر القانونية السابقة للحكومة الإسرائيلية. هذه الخطوة تتعارض مع السياسة الطويلة الأمد للحكومة الإسرائيلية بعدم السيطرة على أراض فلسطينية خاصة من أجل بناء المستوطنات.

اذا تم دفع هذه الخطوة فإن هذا سيعني إقامة مستوطنة جديدة او توسيعا كبيرا لبصمات مستوطنة قائمة في عمق الضفة الغربية».

وكان قرار المحكمة العليا الإسرائيلية إخلاء مستوطنة عمونة في موعد أقصاه الخامس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول المقبل أثار عاصفة لدى قيادة المستوطنين والحكومة. ويقوم مجلس المستوطنات وجهات يمينية أخرى بإدارة حملة شعبية ضد إخلاء البؤرة تشمل نشر إعلانات كبيرة في الصحف تتضمن تهديدا بتفكيك الحكومة في حال إخلاء البؤرة.

ويضغط الكثير من نواب البيت اليهودي والليكود ووزراء في الحكومة من اجل تنظيم مكانة البؤرة غير القانونية.

وعلى خلفية الضغوط السياسية الكبيرة طلب المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت قبل شهرين من لجنة برئاسة مسؤولة كبيرة في النيابة دراسة الحلول الممكنة لتنظيم البؤرة. واوصت بنقل بيوت البؤرة التي تعيش فيها 40 عائلة الى أراض مجاورة تعتبرها أملاك غائبين. وفي المقابل يتم دفع رسوم استئجار لصندوق خاص ليتم تحويلها مستقبلا الى العائلات الفلسطينية التي تثبت ملكيتها للأرض.

في غضون ذلك قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمسح للأراضي في المنطقة الممتدة بين مستوطنة افرات وما يسمى غبعات عيطام جنوب الضفة الغربية وذلك تمهيدا للإعلان المحتمل عنها أنها أراضي دولة حسب ما يستدل من وثيقة قدمتها النيابة الى المحكمة العليا في الأسبوع الماضي. وجاء في الوثيقة انه «يجري في هذه الأيام مسح للأراضي في المنطقة الواقعة بين افرات وغبعات عيطام بشكل سيخلق التواصل لأراضي الدولة».

يشار الى ان بناء غبعات عيطام الواقعة في منطقة نفوذ افرات ولكن في الجانب الشرقي من الجدار الفاصل سيوسع المنطقة العمرانية في التكتل الاستيطاني غوش عتصيون حتى المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم وسيمنع وجود تواصل بين بيت لحم والبلدات الفلسطينية الواقعة جنوبها.

بدوره وجه صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رسائل متطابقة الى وزراء خارجية دول العالم حثهم فيها على التدخل العاجل لالزام اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال بإيقاف الاستيطان غير الشرعي الذي يلتهم أرض فلسطين ويقضي على حل الدولتين. 

وشدد عريقات في رسالته على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة من أجل لجم سياسات الاحتلال «الهادفة الى مصادرة ممتلكات أبناء شعبنا الفلسطيني والاستيلاء عليها عبر ما يسمى «بقانون أملاك الغائبين» وبما يتعارض مع القانون الدولي الذي لا يجيز للقوة المحتلة مصادرة الممتلكات الخاصة للشعب الواقع تحت الاحتلال ويحظر أيضا تدمير الممتلكات الخاصة او العامة».

وأشار الى قيام سلطات الاحتلال بالإعلان عن مصادرة 221 دونما من أراضي قرية سلواد الواقعة شمال شرق مدينة رام الله التي تعود لأهالي القرية الذين يمتلكون وثائق قانونية مسجلة بطابو تثبت ملكيتهم لتلك الأراضي والتي تنوي سلطات الاحتلال وضع اليد عليها بغية توسيع المستوطنات غير الشرعية .

ولفت المسؤول الفلسطيني الى أن شهر يونيو/ تموز الماضي سجل تصاعداً ملحوظاً في وتيرة بناء الوحدات الاستيطانية غير القانونية التي سبق وأن أعلنت عنها بلدية الاحتلال في القدس. وأشار إلى ما كشفت عنه «حركة السلام الآن» الإسرائيلية مؤخراً عن قيام سلطات الاحتلال في السنوات الأربع الأخيرة بالإعلان عن مخططات لشرعنة 14 مستوطنة غير قانونية اضافة الى المصادقة على إنشاء 20 مستوطنة جديدة على أراضي فلسطين المحتلة.