تجلس سناء الرنتيسي (33 عامًا) أمام أحدي المُسمعات تتلو آيات القرآن الكريم، التي أتمت حفظة سماعًا من خلال الاستماع إلى أشرطة الكاسيت المُسجلة، بسبب إعاقتها التي لم تكن عائق أمامها ولم تُسلم للواقع، فتحدتها وواصلت طريقها حتى وصلت إلى مبتغاها.
وتعاني الرنتيسي من إعاقة بصرية منذ ولادتها، فكانت أمنيتها حفظ كتاب الله تعالى من أجل التمتع بتلاوته أثناء صلاتها وقيامها لليل، كون روحها المُعلقة بتطبيق شرع الله، حتى من الله عليها بحفظه.
وتقول الرنتيسي وهي تجلس في مركز تسميع القرآن الكريم :"تمكنت من حفظ كتاب الله تعالى كاملاً، من خلال الاستماع إلى أشرطة الكاسيت المُسجلة، كذلك مساعدة بعض أفراد أسرتي من خلال التلخيص والمتابعة، حتى أن التحقت بمخيمات تاج الوقار برفح، فكان لها الدور الكبير والبارز في تثبيت حفظي لكتاب الله."
وتضيف  وهي مبتسمة "حفظت القرآن كاملاً خلال شهر ونصف فقط، فهذه كرامة ونعمة من الله تعالى علي، أي أنه عوضني عن نعمة البصر التي حُرمت منها منذ طفولتي، لكنني راضية عما كتبه الله لي."

تسمع القرآن كاملاً في يوم واحد
وتابعت الرنتيسي ومن خلفها بقية الحافظات لكتاب الله تعالى، ممن حضروا ليسمعوا القرآن كاملاً على جلسة واحدة مستمرة، بإشراف مُسمعات من دار القرآن الكريم والسنة برفح، وذلك في مسجد عباد الرحمن شرقي محافظة رفح جنوبي قطاع غزة :"حضرت منذ الساعة الثامنة صباحًا وقمت بتسميع القرآن الكريم كاملاً عن غيب، وهو أول تجربة لي في تسميعه أمام أحد، على غرار ما كنت أفعله بتسجيله وتسميعه بنفسي، ومعرفة الأخطاء التي أقع بها ومعالجتها."
وأردفت وكرامات حفظ كتاب الله تعالى تبدو واضحة على وجهها "تجربة ثبتت لدي حفظي للقرآن، وساعدتني على تخطي حاجز الخوف الذي كان ينتابني عند قراءته أمام الآخرين."

حياتي نور
ووجهت الرنتيسي رسالة إلى الأصحاء ممن لا يحفظون كتاب الله تعالى، أن يقبلوا على حفظة والتمعن في آياته، فلا يوجد علم أفضل منه، مبينةً أن رغم معانتها من إعاقتها التي جعلتها تفقد جزء أساسي من حياة الإنسان، إلا أنها ترى بعد حفظها لكتاب الله تعالى، أن حياتها نور.
وتتمكن الرنتيسي من قراءة وتلاوة القرآن الكريم بعدة قراءات، فهي قامت بدراسة علم المعاني والقراءات، تحت إشراف متخصصات من جهات مسؤولة برفح.


مبصرة بالقرآن
بدورها، قالت مشرفة منتدى الحافظات في دار القرآن الكريم والسنة، تهاني أبو جزر :"مشروع تسميع القرآن على جلسة واحدة، بدأ من العام الماضي، تم تسميع 10 حافظات للقرآن الكريم بشكل كامل على جلسة واحدة، وبعدما نجح في العام الماضي قررنا أعادته وبشكل موسع."
وأوضحت أن هذه التجربة تكررت في جميع محافظات قطاع غزة، ولم تقتصر على محافظة رفح فقط، وهي تجربة ناجحة ومن صاحبات الهمة العالية كما وصفتها.
وأثنت أبو جزر على الجهد التي تبذله الحافظة الكفيفة سناء الرنتيسي، فهي نموذج ناجح يعبر عن معاني التحدي، فهمي لم تُثنيها إعاقتها عن تحقيق طموحها وحلمها، ويوصل رسالة للأخوة والأخوات الأصحاء، أن اتباع شرع الله وسنة نبيه نور يضئ الطريق.