حسن بكير

التصاعد التدريجي لفاعليات مواجهة قرارات الأونروا الظالمة بحق الفلسطينيين في لبنان بدأ يتفاعل ويتزايد في ظل سياسة إدارة الظهر وتجاهل المطالب المحقة للفلسطينيين، من قِبَل المفوضية العامة للأونروا والتي ينفّذها مديرها في لبنان "ماثياس شمالي".

فقبيل صلاة  الجمعة اليوم 29\1\2016 وتنفيذاً لقرار القيادة السياسية لفصائل الثورة والقوى الفلسطينية الإسلامية واللجان الشعبية، اعتصم الفلسطينيون من كافة مخيمات لبنان مع فصائلهم ولجانهم الشعبية ومؤسساتهم الأهلية والمدنية، وقادة قوى الأمن الوطني الفلسطيني، وقوى وطنية لبنانية، ونازحي مخيم نهر البارد ومخيمات سوريا، أمام بيت الأمم المتحدة "الإسكوا" في الوسط التجاري لمدينة بيروت.

بدأ الاعتصام بكلمة لمنظمة التحرير الفلسطينية ألقاها أمين سر حركة "فتح" وفصائل المنظمة في لبنان فتحي أبو العردات، حيث قال: "هذه رسالة تعبِّر عن وجع وألم ومعاناة شعبنا المشرَّد والمقتلَع من ارضه منذ العام 1948 وما زال يعيش فصول المعاناة.. كل يوم معاناة.. في التربية والتعليم والصحة والعيش في بيوت آيلة للسقوط لا تصلح لعيش "البني آدم".

اليوم هذه القرارات التي صدرت عن الاونروا والتي نعتبرها مؤشراً سلبياً تجاه الالتزامات والحقوق المتعلّقة بأبناء شعبنا الفلسطيني، كون الاونروا أُنشئت من اجل اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، نحن نعلم أن الأونروا ليست دولة مانحة وهي منظمة أُنشئت لتقديم الخدمات. لذلك اليوم وفي كل يوم نشعر أننا نعيش تحت ضغط التقليصات التي تصدر عبر قرارات من الاونروا، تتعلّق بالحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين على كافة المستويات. بالأمس من العام الماضي وبسبب شُحّ الموارد المالية كان من الممكن رمي آلاف من الطلاب الفلسطينيين في الشوارع، لكن والحمد لله استطعنا من خلال تحرك القيادة الفلسطينية والمساعدين أن نوقف هذا العجز. واليوم موضوع آخر يوازي الأول أهميةً هو موضوع الصحة والطبابة، وهذا موضوع هام وخط أحمر. واليوم من أمام مقر الامم المتحدة نرسل رسالة الى المجتمع الدولي وللامين العام للامم المتحدة الذي لا ننسى ان نحيي مواقفه السياسية تجاه اهلنا في فلسطين".

واستطرد ابو العردات قائلاً: "نطالب الامم المتحدة والاونروا باسم كل الفصائل بالعودة عن قراراها. العناد ليس سياسة ناجحة، فكلفة الفاتورة الصحية عالية جداً في لبنان ويعجز اللاجئ الفلسطيني عن تحمُّل تلك الأعباء، لذلك المطلوب من المفوض العام للاونروا ومديرها العودة عن هذا القرار، ونحن على استعداد لعقد لقاء مع كل مكونات شعبنا الفلسطيني مع الاونروا للتباحث في هذا الموضوع، فاللاجئ الفلسطيني معاناة فوق معاناة".

وتابع: من حق اللاجئ الفلسطيني ان يعيش في بيت لائق، غير آيل للسقوط وعلى الاونروا ان تستجيب لهذه المطالب، ونقول للأونروا أن مخيم نهر البارد جرح ما زال ينزف، وعلى المجتمع الدولي حق وواجب قانوني تجاه الشعب الفلسطيني".

وختم أبو العردات معاهداً بالاستمرار بالتحرُّك السلمي المؤثر، وبتوجيه التحية الى كل المخيمات على هذا التحرك.

ثمّ كانت كلمة تحالف القوى الفلسطينية ألقاها ممثل حركة حماس في لبنان الحاج علي بركة. بدأها بتوجيه التحية للشعب الفلسطيني في فلسطين ولأهل القدس. ثم توجّه الى المجتمع الدولي والامم المتحدة قائلاً: "الاونروا بقرارتها الظالمة بتقليصاتها الصحية والتعليمية والاغاثية والاجراءات بحق اللاجئين في مخيم نهر البارد والنازحين الفلسطينيين من سوريا، من وقف بدل الايجار، ووقف اعمار مخيم نهر البارد.. كل هذه الاجراءات مرفوضة، ونطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاونروا، ونطالب الدول المانحة بتقديم الميزانية الكافية. فالأونروا أُنشئت بقرار من الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وعندما يتحقق حق العودة يلتغي دور الاونروا".

وأضاف بركة: "لا بد من استمرار عمل هذه المنظمة لأنها الشاهد الوحيد على نكبة الشعب الفلسطيني، والشاهد على جريمتهم. نحن لن نيأس وسنواصل التحركات. ولن نقبل بتحويل اللاجئين الفلسطينيين الى متسولين. هذه مؤامرة تنفّذها اليوم ادارة الاونروا بغطاء امريكي صهيوني لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي هذه القضية هي قضية سياسية بامتياز".

وهدّد بركة ان لم تستجب الأونروا لمطالب الفلسطينيين فإن المخيمات الفلسطينية ستتوجه الى الجنوب اللبناني وتزحف باتجاه فلسطين.

وألقى كلمة أنصار الله الشيخ غسّان حميد، فقال: "ان القرارات المذلَّة التي اتُخِذت بحق شعبنا في لبنان من قِبَل الاونروا ليست إلا حلقة من حلقات التآمر على قضيتنا، واننا من مخيمات الشتات ليس لنا الا ان نستمر بهذه التحركات حتى تحقيق كافة المطالب المحقة".

وتابع: "الاونروا تحارب الناس بحبة الدواء وبدمج الطلاب بصفوف واحدة، ولا تعيد اعمار مخيم البارد بالشكل المتفق عليه، الفلسطيني يعيش في بيت آيل للسقوط ولا احد يحرك ساكنا. إننا نقول للاونروا ومن معها انتم المسؤولون عن اللجوء القسري الى بلاد الشتات اعيدونا الى اوطاننا".

وأردف الشيخ حميد: "المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين. ونقول للاونروا مهما جوعتمونا لن نركع ولن نسمع الا لغة واحدة لغة الرد على المطالب التي كفلها لنا المجتمع الدولي".

كلمة عصبة الأنصار ألقاها الشيخ عبد الكريم مصطفى، جاء فيها: "بالامس اوقفوا الاعاشات التي كانوا يوزعونها لكافة اللاجئين واستبدلوها ببرنامج مسخ، مازال يتراجع حتى وصل الى الإلغاء. ولا ننسى أيضاً القرار الجائر البعيد عن التربية والتعليم الذي اتخذته الأونروا بحشر 50 طالباً في الصف الواحد بداية العام الدراسي الحالي، الامر الذي يؤدي الى فشل ذريع في عملية التعليم، و تخريج طلاب أُميين".

وتابع: "نطالب الأونروا بالتراجع عنة هذه القرارات المجحفة والتي وصلت لتهديد حياة أبنائنا، وإلّا فإننا مستمرون باعتصامنا وحراكنا التصعيدي الى أن نعلن العصيان المدني أو تتراجع الأونروا عن قرارها وتعطي الحقوق لأصحابها".

ثم تلا أمين سر اللجان الشعبية في لبنان أبو إياد الشعلان نص مذكرة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية واللجان الشعبية في لبنان، المقدَمة الى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون. وهذا نصُّها:
سعادة الامين العام للأمم المتحدة

السيد بان كي مون المحترم

تحية طيبة وبعد،

نتقدّم نحن في الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية واللجان والاتحادات والمنظمات الشعبية والاهلية الفلسطينية ومعنا اخوتنا الفلسطينيين النازحين من مخيمات سوريا ومعنا ايضاً اهلنا ابناء مخيم نهر البارد المنكوب، وأبناء المخيمات الفلسطينية كافة في لبنان، من حضرتكم  بالتحية والاحترام والتقدير، وعبركم الى الامم المتحدة والمجتمع الدولي خاصة الدول التي تقف مع الشعب الفلسطيني وتدعم حقوقه المشروعة المتمثلة بالعودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقله كاملة السيادة وعاصمتها القدس متمنين من سعادتكم التدخل  للضغط على ادارة الاونروا لكي تتوقف عن سياسة تقليص الخدمات للفلسطينيين والتي تمس بشكل مباشر مختلف القضايا والمتطلبات والاحتياجات المعيشية والحياتية والانسانية للاجئين الفلسطينيين ودفعها ايضاً للتراجع عن قراراتها واجراءاتها الاخيرة المتعقلة بالاستشفاء والتي تجبر المريض الفلسطيني في لبنان على دفع مبلغ يتراوح بين 5% الى 45% من قيمة العلاج في المستشفيات التي تتعاقد الاونروا معها والتي تصل في معظم الحالات الى آلاف الدولارات، مما سيزيد من ثقل الاعباء على اللاجئين الفلسطينيين وسيضاعف معاناتهم خاصة في ظل حالة البؤس والفقر التي يعيشونها بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، فضلاً عن حرمانهم من الحقوق المدنية والاجتماعية وحق العمل من قبل الدولة اللبنانية.

اننا ونحن نقف هنا امام مقر الاسكوا في بيروت معتصمين لنعبر عن رفضنا واحتجاجنا على القرارات الصادرة عن ادارة وكالة الانروا فإننا نؤكد تمسكنا بهذه المؤسسة باعتبارها الشاهد الدولي الحي على الجريمة التاريخية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني في العام 1948 والتي تمثلت بطرده من ارضه وتشتيته الى دول المنافي ومخيمات اللجوء وانطلاقاً من ذلك فإننا نطالبكم ببذل مزيداً من الجهود لحث ومطالبة المجتمع الدولي مواصلة الالتزام بتقديم الدعم المالي للاونروا لكي تتمكن من الاستمرار بالقيام بدورها الذي كفلته الامم المتحدة العام 1949 لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لحين العودة الى ديارهم وارضهم وامام تقليص خدمات وكالة الاونروا المستمر نطالبكم بالتالي:

  1. تخصيص موازنة ثابتة لوكالة الاونروا كسائر المنظمات الدولية كي لا يبقى اللاجئون الفلسطينيون عرضة للابتزاز السياسي من قبل الدول المانحة.
  2. القيام بحملة دولية لتأمين التمويل الكافي لاستكمال اعمار مخيم نهر البارد
  3. توفير الاموال اللازمة للاستمرار بالعمل بخطة الطوارئ الصحية والاغاثية لابناء مخيم نهر البارد الى ان تنتهي عملية الاعمار بشكل كامل.
  4. اعادة تقديم بدلات الايواء للفلسطينيين النازحين من سوريا الى لبنان وزيادتها لتتناسب مع المعدل العام للايجار في لبنان، وتأمين خطة طوارئ صحية لهم توفر التغطية الكاملة للاستشفاء بالاضافة الى زيادة مبلغ الاغاثة الشهري بما يضمن لهم حياة كريمة.
  5. رفع نسبة مساهمة الاونروا في الاستشفاء الصحي للاجئين الفلسطينيين في  لبنان بحيث تصل الى 100% خاصة عمليات القلب والسرطان وغسيل الكلى والاعصاب وتأمين الدواء اللازم دورياً لاصحابه.
  6. زيادة عدد العاملين في التنظيفات في المخيمات نظراً لزيادة حجم السكان من اجل توفير الصحة البيئية التي تتناسب مع الاصول الانسانية.
  7. زيادة عدد المنح الجامعية التي تقدمها وكالة الاونروا للطلاب الفلسطينيين في لبنان بما  يلبي الحاجة.
  8. زيادة عدد الصفوف والمعلمين في مدارس الاونروا بما لا يزيد عن 40 طالباً في كل صف.
  9. توسيع الاختصاصات في كلية سبلين المهنية وبناء معاهد مهنية في كافة المناطق اللبنانية التي توجد فيها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
  10. رفع مستوى التوظيف في كافة مجالات العمل في مؤسسة الاونروا بما يلبي ويسهل احتياجات ومتطلبات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
  11. اعادة النظر في المعايير التي تعتمدها وكالة الاونروا في التعاطي مع حالات العسر الشديد بالاستناد الى المعايير الانسانية الدولية والعمل على استيعاب كافة العائلات والافراد الذين يعانون من الفقر المدقع والتي تصل نسبتهم بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الى ما فوق الـ65% وفق الدراسة التي اجرتها الجامعة الامريكية بالتعاون مع وكالة الاونروا.