يُجري ضباط في وحدات عسكرية ميدانية في جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقات مع أسرى فلسطينيين، سُجنوا في أعقاب تنفيذهم أو محاولة تنفيذ عمليات طعن أو دهس في القدس أو الضفة الغربية. ويحضر هؤلاء الضباط إلى السجون لإجراء هذه التحقيقات، بعد انتهاء التحقيقات مع الأسرى لدى الشاباك، بادعاء محاولة فهم الأسباب التي دفعت شبانا، غير منظمين وغالبيتهم من دون خلفية نشاط تنظيمي أو أمني، إلى الإقدام على تنفيذ هجمات فردية.
وأكد تقرير للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة، أن المعطيات التي استنتجها الضباط من تحقيقاتهم مع الأسرى الفلسطينيين، تفيد بأن منفذي عمليات الطعن، التي وقعت منذ تشرين الأول الماضي، استهدفت رموز الاحتلال الإسرائيلي، أي الجنود الإسرائيليين والمستوطنين.
وبحسب هؤلاء الضباط فإن منفذي عمليات الطعن أرادوا الانتقام لمقتل شبان نفذوا عمليات طعن أو حاولوا تنفيذ عمليات كهذه واستشهدوا.
ورأى هرئيل أن هذه التحقيقات التي يجريها الضباط الميدانيون مع الأسرى تعبر عن استنتاجين لدى جيش الاحتلال. الاستنتاج الأول هو أن هذه العمليات ستستمر لأمد طويل، والثاني هو "تحسين الأداء التكتيكي للقوات الميدانية ساعد في خفض عدد المصابين، لكن الرد الحالي ما زال بعيدا عن أن يكون متكاملا، وخاصة في المجال الاستخباري".
ووفقا لهرئيل فإن الأسرى أجابوا على أسئلة الضباط بانفتاح وصراحة، وقال منفذو عمليات دهس إنهم قرروا استخدام سياراتهم بعد إدراكهم أن الكثير من منفذي عمليات الطعن لا ينجحون في تحقيق مرادهم ويستشهدون أو يصابون من قتل جنود أو مستوطنين.
ووقع 60% من العمليات في الضفة الغربية في سبعة مواقع معروفة، بينها مفترق الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون"، مفترق بيت عينون بشمال الخليل وفي البؤرة الاستيطانية في الخليل.
دوافع لتنفيذ العمليات
استنتج الضباط في أعقاب تحقيقاتهم مع الأسرى أن دوافع الشبان الفلسطينيين لتنفيذ عمليات تغيرت خلال الشهور الماضية:
- في شهر تشرين الأول كان الدافع الأساسي الخوف على مصير المسجد الأقصى، في أعقاب الاقتحامات المتزايدة للحرم القدسي.
- في شهر تشرين الثاني ساد جو عام للإعداد لانتفاضة ثالثة واعتبرت العمليات جزءا من تطور أوسع.
- في كانون الأول جرى الحديث بالأساس عن تنفيذ عمليات بإيحاء وتقليد لمنفذي عمليات سابقين.
- وفي الأسابيع الأخيرة، الدافع هو الرغبة بالانتقام لاستشهاد منفذي عمليات، أقارب أو معارف من الحي نفسه،خاصة على خلفية انتشار الرأي القائل إن قوات الاحتلال تعدم الشبان الفلسطينيين حتى من دون أن يحاولوا تنفيذ عمليات.
- يقول الضباط إنهم استنتجوا من التحقيقات مع الأسرى أنه، وأكثر مما كان في الماضي، يوجد تأثير للوضع الاقتصادي إلى جانب الشعور بالإحباط والضائقة الشخصية، يرى شبان "على هامش المجتمع" بالتضحية بحياتهم طريقة للحصول على اعتراف الجمهور بهم.
وبحسب معطيات جيش الاحتلال، فإن ثلث منفذي العمليات في الضفة، الذين اعتقلوا أو استشهدوا، هم من منطقة الخليل. وحلت منطقة رام الله في المرتبة الثانية، بينما منطقتي قلقيليا وطولكرم أكثر هدوءا.
ولاحظ الضباط أن عدد منفذي العمليات من مخيمات اللاجئين وفي جميع مناطق الضفة منخفض، وأنه طرأ تراجعا على حجم المظاهرات التي يشارك فيها أعداد كبيرة. وخلال الشهر الأخير لوحظ حدوث انخفاض بطيء في عدد عمليات الطعن والدهس، وفي المقابل يظهر ارتفاع واضح في عمليات إطلاق النار، وهي عمليات فردية وليست لخلية منظمة.
واستنتج الضباط من التحقيقات أيضا وجود إحباط لدى الفلسطينيين بسبب عدم سقوط خسائر كبيرة في جانب الاحتلال، الجنود والمستوطنين، وأن هذا الأمر قد يشكل خلفية لتنفيذ عمليات إطلاق نار متزايدة ودفع حماس إلى تشجيع انتفاضة مسلحة، تشمل إطلاق نار وعمليات تفجير وأسر جنود.
والاستنتاج الأخير الذي توصلت إليه هذه التحقيقات وجمع المعلومات أن الهبة الفلسطينية ستستمر وستشهد تصاعدا حينا وتراجعا حينا آخر، "لكن لا أحد في قيادة الجيش والشاباك يوهم نفسه بأن الانتفاضة الثالثة ستغيب قريبا" بحسب هرئيل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها