"فتح" التي إستمدت إستمراريتها من قاعدتها الجماهيرية العريضة ومن قيادتها التاريخية التي إنتهجت سياسة البندقية وغصن الزيتون، تحتفل اليوم مع أبنائها وجماهيرها بذكرى السنة الأولى بعد يوبيلها الذهبي على إنطلاقتها المجيدة.
ففي مخيمات بيروت وعشية 31/12/2015 أحيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني"فتح" ذكرى إنطلاقتها ال 51 بإضاءة الشعلة بحضور أمين سرها في بيروت سمير أبو عفش، وأعضاء قيادة المنطقة، وممثل سفارة دولة فلسطين في لبنان خالد عبادي، ومدير منطقة لبنان الوسطى (الأونروا) محمد خالد، وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وأعضاء من إقليم لبنان، وممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية، وممثلون عن المؤسسات والجمعيات والروابط اللبنانية، والأحزاب والقوى الإسلامية الفلسطينية، وممثلو اللجان الشعبية، وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، ورجال دين ومشايخ، ومختار برج البراجنة نبيل عبد العزيز الحركة، وممثلو المؤسسات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، والكشافة والمرشدات الفلسطينية، ووجهاء وفاعليات وأهالي مخيمات بيروت.
وترافق مع إضاءة الشعلة في مخيمات: برج البراجنة وشاتيلا ومارالياس إطلاق المفرقعات في الهواء إبتهاجاً، ومسيرات داخل المخيمات ومن مخيم الى أخر وسط أهازيج النسوة والأناشيد الوطنية. تقدمتها رايات حركة "فتح" والأعلام الفلسطينية وحملة المشاعل.
وشارك في مسيرتي برج البراجنة وشاتيلا قوات الأمن الوطني الفلسطيني وحركة "فتح" حيث كان إستعراضاً عسكرياً لافتاً للنظر، شاركت فيه أيضاً قوات عسكرية تابعة للقيادة العامة.
أما الشعلة المركزية فقد أُضيئت في ساحة صبرا التي تربط مخيم شاتيلا والتجمعات الفلسطينية مع الجوار اللبناني المساند للثورة الفلسطينية على مدى 51 عاماً.
وتوحدت الكلمات والخطاب السياسي الفتحاوي في هذه المناسبة الوطنية. ففي مخيم برج البراجنة ألقى كلمة الإنطلاقة أمين سر حركة "فتح" في بيروت سمير أبو عفش. وفي منطقة صبرا ألقاها عضو إقليم "فتح" في لبنان الدكتور سرحان سرحان. وفي مخيم شاتيلا ألقاها عضو منطقة بيروت ناصر الأسعد، أما في مخيم مارالياس فقد ألقى الكلمة عضو منطقة بيروت عبد منصورة وهذه نص الكلمة:
65/1/1 لم يكن يوماً عادياً في حياة شعبنا الفلسطيني حيث إختزنت في ذاكرته، ذكريات مثقلة بالمعاناة والآلام والتشرّد في أقاصي الأرض، ورغم أنَّ الإنطلاقة إنطلقت بأصعب الظروف إلاّ أنها حولت مجتمعنا الفلسطيني إلى مجتمع مقاوم ثائر رسم تاريخه بدماء وعذابات أطفاله وآهات الثكالى، وأعادت فتح الشعب الفلسطيني على الخارطة السياسية الدولية من خلال حملها المشروع الوطني، وتحمّلت كل الصعاب لإبقاء القضية الفلسطينية بكل عناوينها قضية حية فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً.
سيبقى الفاتح من يناير عام 65 ذكرى خالدة ومميزة، محفورة في سجل التاريخ وشاهداً على انطلاقة أعظم حركة تحرر في التاريخ ضد الإحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية. هذه الإنطلاقة الفتحاوية المسلحة نقلت القضية الفلسطينية من طابعها الإنساني المتمثل بتقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين الذين تمَ تهجيرهم قسراً من قراهم وبلداتهم إلى طابعها وبعدها السياسي الذي يتمحور حول حق الشعب الفلسطيني في نيل حريته واستقلاله وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة أسوة بشعوب الأرض التي ناضلت ضد الاستعمار لتحقيق حلمها بالاستقلال.
حركة "فتح" جمعت ثنائي النضال عبر تاريخها العظيم حيث انتهجت النضال بكافة أشكاله وأساليبه المتنوعة عبر نضالها الطويل. فبدأت بالكفاح المسلح لمقاومة الاحتلال وأنجزت الكثير في الميدان ولم تسقط هذا الخيار مما أعطاها زخماً في المحافل الدولية، حيث برزت القضية الفلسطينية تحت عنوان رئيسي لعدالة القضية، وأثمرت نجاحات باهرة على المستوى الدولي وكان أخرها اعتراف البرلمان اليوناني بفلسطين دولة مستقلة.
وما الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا العربي من مؤامرات لتقطيع أوصاله وتفكيك نسيجه الوطني عبر رسم حدود جديدة له طابع عرقي، طائفي ومذهبي كل ذلك هو من أجل تبرير إقامة الدولة اليهودية.
وشعبنا الفلسطيني حين يحتفي كل عام بذكرى الإنطلاقة إنما يؤكد على تصحيح المسار وعلى أن فلسطين هي البوصلة، من هنا كانت الهبّة الشعبية المباركة التي جاءت في وقتها وتكونت في ظروف موضوعية، وأسهمت في انطلاقتها معطيات سياسية وميدانية أحاطت بها وتفاعلت معها وكان سلوك الاحتلال العدوان الهمجي وتجاهل الحقوق الفلسطينية من أهم العوامل ذات التأثير لتلك الهبّة، وهي ليست هبّة إرتجالية أو عفوية أو ردة فعل طارئة كما يدّعي البعض، وإنما هي تلقائية طبيعية جاءت في وقتها المناسب، وهي فلسطينية بإمتياز. هذه الهبة التي أصبحت على عتبة الشهر الرابع، وقدمت مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين ستؤسس إلى انتفاضة عارمة تطيح بالاحتلال وتحقق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة وعاصمتها القدس. وحتى يكتمل المشهد نحن بحاجة إلى جُهد فلسطيني مكثّف على كافة المستويات ووضع الخطط والبرامج اليومية وتفعيلها وتوسيع المشاركة فيها مستفيدين من الوحدة الفلسطينية الميدانية وحالة الابداع الفلسطيني بأساليب المواجهة اليومية عبر الطعن والدهس والمواجهات اليومية على كافة حواجز الاحتلال في مواجهات بطولية قلّ نظيرها في التاريخ. إنه شعب عظيم بحجم قضيته يستحق منا كل الوفاء والثبات والدعم المطلق في كافة النواحي والقضايا وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية بكل قواها الوطنية والاسلامية تحقيق قفزة نوعية في توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام حتى نستطيع التفرّغ بشكل كامل لمقاومة الاحتلال ودحره، والتأكيد بأن جوهر الصراع هو فلسطين وإن العدو الحقيقي للأمة هذا الكيان الاسرائيلي المحتل لأرضنا، الرافض للانسحاب منها، فالحرب تبدأ من فلسطين بسبب الاحتلال والسلم يبدأ من فلسطين بزوال الاحتلال.
يا شعبنا الصامد الصابر في مخيمات اللجوء، إن حركة "فتح" في عيدها الواحد والخمسين في الميدان المسلح والدبلوماسي ومنذ واحد وخمسين عاماً توَدّع الشهيد تلو الشهيد والقائد تلو القائد إنها المواجهة المفتوحة مع المحتل بكل أشكاله، واحد وخمسون عاماً وسجون العدو تمتلىء بمناضلي "فتح" وهم على العهد والقسم، واحد وخمسون عاماً جيل بعد جيل حتى أسقطنا مقولة الأعداء بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، ورغم المتغيرات الكثيرة في عالمنا العربي لم تتغير سياسة "فتح" المتمثلة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
أما بالنسبة للبنان الشقيق فنحن نريده قوياً معافاً، لأن سِلمه من سِلمنا واستقراره من استقرارنا، مخيماتنا ضمانة وطنية لهذا البلد العظيم الذي حمل ما حمل من هموم القضية واللجوء على مدى سبعين عاماً وما زال، بالأمس القريب قدّم سمير القنطار شهيداً على طريق فلسطين، وكان أسيراً من أجل فلسطين حيث بدأ حياته مناضلاً على طريق فلسطين، هذا هو العطاء بلا حدود.
اخيراً نوجه تحيات الفخر والاعتزاز إلى الآباء والأمهات الذين حولوا جنازات أبنائهم الشهداء إلى أعراس وشحذوا الهمم لإستمرار الهبّة، ويؤكدون بأن فلسطين كل فلسطين لنا بقولهم واقفون هنا.. قاعدون هنا.. دائمون هنا ..خالدون هنا.. ولنا هدف واحد واحد واحد أن نكون وسنكون في مواجهة الاحتلال حتى تحقيق الحلم بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس" .
كما نتوجه إلى قيادتنا التاريخية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس وإلى شعبنا الفلسطيني المقاوم في فلسطين وإلى شعبنا في لبنان وكل أماكن تواجده بالتهنئة والتبريكات في هذه المناسبة الوطنية، وكل عام وأنتم وحركتنا بخير..
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها