أضاء رئيس الوزراء رامي الحمدالله، مساء اليوم السبت، شجرة عيد الميلاد في ساحة كنيسة المهد بمدينة بيت لحم، إيذانا بانطلاق احتفالات أعياد الميلاد المجيدة.
وقال الحمد الله، في كلمته، 'من على أرض فلسطين التي لطالما كانت موطنا لتعايش البشر والأديان والثقافات، وأصّل أبناؤها قيم التسامح التي جسدها رسول المحبة عيسى عليه السلام، من كنائس هذه البلاد المقدسة وأديرتها، كما من جوامعها ومساجدها، نطلق رسالة مفادها، أن في فلسطين، شعب يتوق للعيش بحرية وسلام، وإنه قد آن الأوان لكي تتحد دول العالم، لرفع الظلم التاريخي الذي لحق به، وتوفير الحماية الدولية الفاعلة له ولأرضه ومقدساته، كمدخل حقيقي لتنفيذ القرارات الأممية الخاصة بفلسطين، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي.'
وأضاف الحمد الله: 'كم يسعدني أن أتواجد بينكم في رحاب هذه الأرض المباركة، مهد سيدنا المسيح عليه السلام، مدينة المحبة والسلام، وعلى مقربة من قدسنا الشريف، لنضيئ معا شجرة عيد الميلاد، ونعلن للعالم كله 'انطلاق احتفالات أعياد الميلاد المجيدة' في فلسطين التي تتعدد فيها وتتعايش، صور الألم والمعاناة بروح البقاء والأمل والإصرار على الحياة، أهنئكم جميعا بهذه الأعياد، وأنقل لكم تحيات سيادة الرئيس محمود عباس، واعتزازه بكل الجهود التي اجتمعت لتنظيم هذه الإحتفالات، لتصنع من بلادنا، رمزا للتآخي والانسجام والوحدة، بل وعنوانا للأمل والصمود أيضا'.
واستطرد الحمد الله: 'كما في كل عام، تحتفل فلسطين بأعيادها المجيدة، وهي تئن من ظلم الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشهد تصعيدا إسرائيليا خطيرا، ويستهدف شعبنا بالقتل والتنكيل، وتحتجز جثامين شهدائه، ويواجه أبشع مخططات الترحيل والتهجير القسري، وتحول مدنه وقراه وبلداته إلى معازل وكنتوتات، وتهدم بيوته وتصادر أرضه وتستباح مقدساته، ويمنع المصلون، مسيحيون ومسلمون على حد سواء، من الوصول إلى كنائسهم ومساجدهم، وممارسة عباداتهم ومعتقداتهم الدينية في رحابها.'
وتابع رئيس الوزراء: 'ونحن نضيء شجرة عيد الميلاد المجيد، فإننا نذكر العالم، بأن مدينة بيت لحم، تمثل رواية الشعب الفلسطيني وتختزل تاريخه وكفاحه، فهي اليوم، منيرة مشعة رغم جراحها وهي صامدة بوجه الألم والمعاناة والطغيان، ولا تزال نابضة بالفرح رغم الجدران والاستيطان الذي يطوقها، والذي تحاول إسرائيل من خلالهما خنق الأمل فيها ومصادرة مقومات الحياة منها. نتمنى من ضيوف فلسطين الكرام، أن يكونوا سفراء الحقيقة، وأن ينقلوا لبلادهم وحكوماتهم، كم الأسى والظلم الذي شاهدوه، وكم الصمود والشموخ والأمل الذي يتسلح به شعب فلسطين.'
وأوضح رئيس الوزراء: 'أن الاحتفاء بحياة سيدنا المسيح وبقيم السلام والمحبة التي نشرها، إنما تحمل بشرى الحرية والكرامة، بتحقيق تطلعات شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال، في الخلاص التام من الإحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس عاصمتها الأبدية.'
واختتم الحمد الله كلمته قائلا: 'أهنئ كافة شعوب العالم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، وأتمنى أن يعيدها الله علينا بالخير والبركة، وقد تجسدت المزيد من قيم العدالة والسلام والتآخي في العالم وانتهت إلى غير رجعة، كل أشكال الإحتلال والعنصرية والتطرف، ونال شعبنا وأسراه الحرية المنشودة.'
بدورها، قالت رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون إن 'عيد الميلاد عيدٌ يحملُ الأمل والفرح، أملُ شبابِ وأطفال فلسطين، نسائها وشيوخها، ليقول للعالم ما يستحقُ أن يُقال، على أرض فلسطين ما يستحقُ الحياة، ما يستحق أن نموت من أجله، وأن نحيا من أجله؛ يكادُ لا يمرُّ يومٌ واحد دون سقوط شهداء يرتقون إلى العُلى، وجرحى وأسرى ومُبعدون يحلمون بالعودة إلى أرضهم الأم، وميلادُ طفل المغارة هو الأمل والرجاء لنا جميعا.
وأضافت أنه مع إضاءة شجرة الميلاد نقول للعالم 'إنّا باقون كشجر الزيتون، هنا وُلِدنا، وهنا نعيش، وهنا سنكون، صامدون: نقاوِم، ونَحلُم، ونَأمَل، ونفرح'.
وتابعت 'أن بيت لحم مدينة مفتوحة للجميع ومع الجميع، ومن أجل الجميع، وعندما انطلق السلام من مغارتها المتواضعة والبسيطة بميلاد الطفل يسوع، فهو دعوةٌ للإنسانية جمعاء، ونعمةٌ يجب أن نعتزّ بها ونحافظ عليها، هو خطابُ شعب من حقّه أن ينعم بسلام الوجود والبقاء، لتتحقق عدالة الخليقة، فلا يُمكن أن يعمّ السلام في العالم ما لم تعشه فِلسطين، ولا يمكن أن يسود العدل ما لم تنعم به بيت لحم، ونأمل بأنّ تبقى نجمة الميلاد متلألئة، والأجراس تقرع، ومؤمنوها يرتّلون المجدلية العظيمة، المجد لله في العلى، وأن يسودَ العدل والأمل والمحبة، والسلام'.
وأعربت بابون عن الأمل 'بأن يتذكّر العالم مدينة المهد على مدار العام، وليس في هذا الوقت فقط، مبينة أن بيت لحم تمثّل جزءا هاما من تراث الإنسانية جمعاء، وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية إنصافها وفكّ رسالتها المقيّدة ضمن جدرانِ فصلٍ ظالِمة، فطالما بقيت بيت لحم محاصرة بجدران فاصلة سيبقى السلام محاصرا، حرروا السلام، ليحلّ السلام على العالم قاطبة'.
وقالت: 'هنالك أسئلة تتكرر كل عام، وأجوبة نكاد نحفظها جميعا، ولكن الأسئلة الواقعية التي يجب أن تُطرَح، وموجّهة للعالم أجمع: لماذا مازلنا شعباً محتلّاً محاصراً؟ لماذا يحمل ذلك الطفل حجرا يدافع فيه عن وجوده ومستقبله؟ بينما غيره من أطفال العالم يعيشون الواقع والمستقبل في أبهى تجلّياته؟ لماذا لا تعمل الدول الكبرى والعظمى من أجل إحلال السلام، أم أنها تصغر أمام هذه الحاجة المُلحّة؟ لماذا تُخيفنا هذه الأسئلة؟ والسؤال الأهم: لماذا يُخيفنا السلام؟ فالسلام لا يُعيب، ولا يُشقي، ولكنه يعطي الرجاء والأمان، وكما قال السيد المسيح له المجد: 'طوبى لصانعي السلام فإنّهم أبناء الله يُدعَون'.
وأشارت إلى أننا شعب يَطلب، ويستحقُ الحياة، التي نُجيدها بكافة متناقضاتها وفسيفسائها، ببياضها وسوادها؛ لكن أطفالنا حُرِموا طفولتهم، وشبابنُا احترفوا انتظار العيش الكريم، الذي من أجله بَذَلَ أباؤنا وأجدادنا الغالي والنفيس، ومن حقّنا جميعاً العيش بطمأنينة، ومن حقّنا أيضاً استقبال البشرى السارّة، بشرى الميلاد والحياة، بشرى العدالة والمساواة، بشرى الحرية والكرامة والأمان، أما تستحقُ فلسطين ذلك؟ فهي إرادة الله للبشرية في كلّ زمانٍ ومكان، والتي تجلّت في زمن الميلاد هذا، في هذه البقعة المقدّسة التي نتشرّف اليوم بالتواجد فيها.
وقرعت أجراس كنائس بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور أجراسها بعد إضاءة الشجرة، تزامنا مع 50 كنيسة في دولة في العالم.
وتخلل حفل الإضاءة، الذي حضره وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، ومحافظ بيت لحم جبرين البكري، ومستشار الرئيس للشؤون المسيحية زياد البندك، ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، وسفراء وقناصل دول أجنبية ورجال دين مسيحي، فقرات غنائية وترانيم دينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها