في الذكرى الحادية عشرة لرحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات في 11/11/2004، وبدعوة من الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة، جرى في دار الندوة لقاء "ذكريات حميمة مع الرئيس الشهيد  ياسر عرفات" لسفير فلسطين في لبنان أشرف دبور، بحضور حشد من الشخصيات اللبنانية والفلسطينية والعربية.

وقد قدم دبور رئيس مجلس إدارة (دار الندوة) الوزير السابق بشارة مرهج، فيما قدم العميد يحيى محمد عبد الله صالح عضو مجلس أمناء ياسر عرفات رئيس جمعية كنعان – فلسطين في اليمن شهادة مختصرة عن الرئيس الراحل.

وكان من أبرز الحضور منسق عام الحملة الأهلية معن بشور، والقاضي الشيخ خلدون عريمط ممثلاً سماحة مفتى الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، والنائب قاسم هاشم، والنائب السابق بهاء الدين عيتاني، وممثل العماد ميشال عون  والتيار الوطني الحر رمزي دسوم، وممثل الوزير سليمان فرنجية رئيس المردة المحامي سليمان فرنجية، ورئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا على رأس وفد، وأمين الهيئة القيادية لحركة الناصريين المستقلين المرابطون العميد مصطفى حمدن على رأس وفد، والمقدم محمود القيسي ممثلاً مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، ونائب رئيس التنظيم الشعبي الناصري خليل الخليل، وعضو قيادة حزب طليعة لبنان العربي الدكتور عمر شبلي، ورئيس التنظيم القومي الناصري سمير شركس، وعبد الفتاح ناصر ممثلاً حزب الاتحاد، والحاج عبد الله الترياقي  قوات الفجر المقاومة الإسلامية، والمحامي خليل بركات، وفيصل درنيقة، والدكتور هاني سليمان عن تجمع اللجان والروابط الشعبية.

وحضر سفير الجزائر أحمد بوزيان، والمستشار الفلسطيني حسان شننيه، وممثل سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان.

من الفصائل الفلسطينية حضر مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين د. ماهر الطاهر، وأمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الحاج فتحي أبو العردات، ومسؤول الجبهة الشعبية مروان عبد العال، ومسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة أبو عماد رامز، وممثل حركة الجهاد الإسلامي أبو وسام، ومسؤول الجبهة الديمقراطية في لبنان علي فيصل، وممثل جبهة النضال الشعبي الفلسطيني صالح شاتيلا، وممثل جبهة التحرير العربية محمد بكري، ورئيسة الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني سامية خرطبيل.

ومن الحاضرين أيضاً مساعدة الأمين العام للمؤتمر القومي العربي رحاب مكحل، ومدير عام المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، وعضو المؤتمر القومي العربي عبد القادر صبحا، وعن جمعية خريجي جامعة بيروت العربية عبد الهادي محيسن، ومنسق أنشطة المنتدى القومي العربي عبد الله عبد الحميد، ورئيس جمعية شبيبة الهدى مأمون مكحل، ونائب رئيس المنتدى القومي العربي في الشمال يقظان القاوقجي، ووفد المنتدى في الشمال شكري طالب وفادي درباس.

كما حضر مقرر الحملة الأهلية د. ناصر حيدر، وأعضاء الحملة محمد قليلات، والمحامي محمد عفرة، والمنسق الإعلامي ديب حجازي، ونبيل حلاق، والحاج أحمد يونس.

افتتح اللقاء الوزير السابق بشارة مرهج رئيس مجلس إدارة دار الندوة فقال: اسمحوا لي أن أرحب بكم جميعاً باسم دار الندوة، ويسعدني شخصياً أن أتابع هذه الندوة معكم، هذه الندوة الحميمة مع سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور وصديق لبنان واللبنانيين، وهذه الندوة لها معنى خاص في قلوبنا جميعاً لأنها تدور حول قائد الشعب الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات الذي استحق أن يكون قائداً للشعب الفلسطيني ورمزاً له لأنه عاش معاناة الشعب الفلسطيني حتى الذروة، وفيه تتلخص معاناة شعبه، ومرارة شعبه، وإرادة شعبه التي  لا تلين على خوض معركة التحرير سواء بالحجارة أو بالبندقية أو بالسكاكين وكلها وسائل مشروعة من خلال الانتفاضة والثورة،  بوجه من يستخدم الطيران الحربي ويغتال الشباب ويعتقل الفتيات ويدك البيوت ويسجن الأطفال وحتى المواليد الجدد.

وأضاف مرهج: ياسر عرفات له قصة في كل قرية وبلدة ومدينة، لا بل له قصة في كل شارع أو لقاء إذ كان في لقاء دائم مع الناس في المزارع والحقول، كان مع المناضلين والمقاتلين في خنادقهم، في مواقعهم، في مراكز الإعداد في ميادين التدريب، في ميادين القتال. كان يقف على قدم المساواة مع رؤساء الدول، وكان يتواضع أمام أصغر مقاتل فلسطيني أو لبناني يواجه العدو الصهيوني، وتلك كانت شخصيته المميزة، إذ كان قائداً شعبياً  كما كان قائداً سياسياً ودبلوماسياً، تمرَّس بالعمل السياسي كما تمرَّس بالعمل القتالي وقاتل حتى أخر نفس.

يُقال أنه حوصر في المقاطعة كل عمره محاصراً، مطارداً لا يعرف النوم إلا في جفن الخطر، لم يكن له دوام عمل، كان يعمل ليل نهار قد يتعب كل من حوله وهو لا يتعب، كان مؤمناً يستمد من إيمانه الصبر والشجاعة والإخلاص لشعبه.

كنا نجتمع معه دائماً خلال سنوات طويلة في الأردن ودمشق كما في بيروت وخاصة في الجنوب، أحياناً قبل الظهر وأحياناً على الغداء، وأحياناً بعد الظهر أو في المساء لكن أحلى الاجتماعات معه كانت ما بعد منتصف الليل فما أن يغادر السفراء والوزراء حتى يطيب السهر مع الختيار ويحلو الجو للتأمل والتفكير والمراجعة فيحضر أرسطو وابن رشد دون ان يغيب المتنبي.

وختم مرهج قائلاً: لن استطرد في الروايات مع إني أميل لذلك لكنني أرى من حق الشهيد الكبير أن أقول عنه كلمتين، فهو جاهد للحؤول دون انفجار الحرب الأهلية في لبنان، وجاهد للحؤول دون انفجار الصراع مع سوريا والقوى الوطنية والفلسطينية وقد بذل جهوداً جبارة للحؤول دون وقوع تلك الحرب.

العميد يحيى محمد عبد الله صالح رئيس جمعية كنعان – فلسطين، عضو مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات التي تضم أكثر من مئة شخصية عربية وهي ممثلة باثنين من اليمن.  كنت منذ الصغر من خلال متابعة القضية الفلسطينية عبر صوت فلسطين، وانتظر صورة ياسر عرفات بالكوفية الفلسطينية، طبعاً ياسر عرفات كان له الدور الكبير والشأن الكبير في الشأن اليمني ، خصوصاً عبر حل الخلافات بين القوى اليمنية وخاصة عندما كان هناك مشاكل قبل الوحدة.

وأضاف: "أتذكر يوم إعلان الوحدة وتشكيل مجلس الرئاسة وانتخاب علي عبد الله صالح رئيساً، توجه مع المجلس إلى قاعة فلسطين وكان في انتظارهم الشهيد ياسر عرفات وهناك أعلن أن فلسطين كانت الشطر الثالث من اليمن والآن بعد الوحدة اليمنية نعلن أن فلسطين الشطر الثاني من اليمن، وفي عيد الوحدة كان أول المشاركين  بعيد الوحدة وارتبط اسمه بالوحدة اليمنية خاصة وأن اليمنيين لهم دور كبير في النضال الفلسطيني وفي مقاومة الاحتلال".

 

عند استشهاده طُلب مني المشاركة في تشييعه في مصر، وطبعاً كان لي تواصل مع الرئيس الشهيد في المقاطعة  وعرفت وقتها أنَّ الكثير من القادة العرب كان ممنوعين من التواصل معه وكان حزيناً لأن الكثير من القادة العرب رضخوا للضغوط الغربية. وأنا أعلن أنه كان لي الفخر بأن الرئيس الشهيد ياسر عرفات قد منحني الجنسية الفلسطينية.

كلمة السفير دبور جاء فيها: "نلتقي اليوم بعد أحد عشر عاماً على استشهاده، استشهاد المؤسس في الصحوة النضالية الفلسطينية  مع مجموعة من إخوانه لنتحدث عن موعد من رماد النكبة إلى جمرة الثورة إلى موقد الشعلة سيد الفكرة من حول القضية الفلسطينية وقضية إنسانية إلى قضية ثوار من أجل الحرية من خلال إطلاق مسيرة الكفاح المسلح والرصاصات الأولى صاحب المقولة الشهيرة الكفاح المسلح سبيلاً للتحرير وصاحب المقولة الشهيرة بعد نكسة 76 إننا إذا كنا كشعب جديرين بالعيش بكرامة فعلينا أن نقاتل لنمحي عار تلك الهزيمة".

وقال دبور: إن أبو عمار كان يزاوج بين العمل العسكري والسياسي، ونتيجة تواصله مع حركات التحرر العالمية امتلك المعلومة الدقيقة .

وعن الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 قال دبور: إن معركة بيروت والحصار الإسرائيلي لبيروت والاجتياح أن أبا عمار في بيروت كان ينام في السيارات إلى جانب الشارع، وكان لا يستقر في بناء أكثر من دقائق لأنه كان لا يريد أن يتم إيذاء أي أحد من المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين في المبنى فكان يقضي  معظم أوقاته في السيارات أو عند الأصدقاء أو في المواقع مع المقاتلين.

وعن خروج المقاومة من بيروت قال: عندما وصل إلى الميناء وسألوه إلى أين ستذهب يا أبا عمار قال القدس، الجميع لم يصدقه، قال إلى فلسطين الجميع لم يصدقه وفي النهاية ذهب إلى فلسطين ودفن في فلسطين هذه كانت أمنيته أن يدفن في فلسطين في القدس وإن شاء الله سنحمل جثمانه إلى القدس.

وتحدث دبور عن أحداث حصلت مع الشهيد أبو عمار في مجزرة صبرا وشاتيلا وعن سفره إلى الدول الإفريقية بعدما سدت كافة الأبواب بوجهه.

 وعن الحرب العراقية – الإيرانية  قال كان أبو عمار يردد التالي عندما كان يسمع أنَّ هناك خسائر من الطرفين فكان يجمعهم معاً كان يقول خسرنا اليوم مجموعة دبابات وطائرات، فلسطين خسرت هذا العدد.

 حرب الخليج الثانية عام91 أراد أن يذهب إلى العراق والجميع يعرف الموقف الفلسطيني أثناءه  دخول الجيش العراقي إلى الكويت كنا نحمل ورقة من خمس نقاط هو انسحاب الجيش العراقي من الكويت، والثاني حل عربي لمشكله وكان همه الوحيد أن يكون الحل عربياً وكان يقول عندما يضع الجندي الأمريكي قدمه في هذه المنطقة لن تكون لنا منطقة ونحن اليوم نشهد ما كان يقوله.

كان يقول بأنني صاحب حق ودولة محتلة من قبل العدو الصهيوني فكيف أقبل أن تحتل دولة عربية أخرى وبذلك أجيز للعدو الصهيوني احتلال وطني أولاً وثانياً كان يؤمن بالحل العربي.

عندما حدثت الحرب أراد أن يذهب إلى العراق لا يريد أن يبقى بعيداً عن ساحة القتال ذهبنا سيراً بالسيارات ضمن الحدود الأردنية إلى بغداد انقطعت السيارات بنا من البنزين ووقفنا حتى رأينا الآثار اللبنانية حتى في العراق، عندما انقطعنا من البنزين فإذا بشباب لبنانيين مهاجرين من الكويت فأرادوا أن يعطونا البنزين الاحتياطي الذي كان معهم فحاول جاهداً أن يمنعهم إلا أنهم أصروا فكتب لهم رسالة إلى الحدود العراقية لتسهيل مهمتهم، هذا هو الشعب اللبناني وهذه الأصالة اللبنانية، عندما وصلنا إلى بغداد فكان اللبنانيون يأتون إلى السفارة الفلسطينية وهي التي تقوم بتأمين كل متطلباتهم.

وحول سقوط الطائرة قال دبور: عندما كان قادماً من السودان وذهبنا إلى ليبيا، عندها دخلنا إلى المستشفى والتقيناه، فوراً بادرنا بالكلام، "روحوا شوفوا إخوانكم"، هذا هو أبو عمار يريد منا أن نطمئن على الشباب، انشطرت الطائرة ووقع هو والأخ فتحي (كبير مرافقيه آنذاك) فوقعوا على بعد 25 متراً من الطائرة.

عن  كامب ديفيد قال: عقدت لقاءات لمدة طويلة اعتقد 12 يوم، في النهاية لم يتم الاتفاق على شيء، قالت اولبرايت لياسر عرفات حينها عندما انتهت المفاوضات في كامب ديفيد ستعود إلى شعبك بطلاً ولكن ستفقد أصدقاءك وتصبح بلا أصدقاء، فقال أبو عمار لو لبيت طلبكم عليكم أن تسيروا غداً في جنازتي.

أنا التقيت معن بشور في أحد المرات كنت في مهمة خارج من فلسطين إلى مطار عمان  سألني عن أحوال أبو عمار فشرحت له الوضع الذي يعيشه أبو عمار، حمَّلني رسالة بأن أبلغه نحن نثق به وبحنكته ولم نشك يوماً بحرصه على قضيته وشعبه وإذا تباينا معه ولكن لا نختلف عليه وقمت بإبلاغ هذه الرسالة إلى أبو عمار والذي جاوبني وقال هذه هي الأصالة هذا هو الشعب اللبناني الذي يقف إلى جانبنا  ودعمنا في السراء والضراء.

هناك بعض القضايا أثناء الحصار في المقاطعة بما أنه شهادة تأخذ الطابع الإنساني، كان أبو عمار وهو محاصراً يتابع كل ما يجري في المدن الفلسطينية من رفح إلى جنين بكل مدينة.

كان يتابع الإعلام والنشرة في الإعلام، وكان يهدف إلى شيء إلا وهو رفع الصوت إلا وأننا شعب محتل من قبل غاصب محتل، ونطلب من العالم أن يقف معنا ويؤمن لنا حماية دولية ولكن ما حصل في 11 سبتمر غير كل شيء أصبحنا بدل من أن نكون نحن مقاتلون من أجل الحرية أصبحنا بنظر العالم  نحن إرهابيون ونقاتل من أجل تحرير وطننا، واشتدت الضغوط حتى الذين  كانوا يقفوا بجانب قضيتنا لم يعودوا يستطيعوا يقفوا بالشكل المطلوب.

هو مكابر جداً في موضوع العلاج والوجع حتى لا يحبط معنويات الشباب يحاول يشد على نفسه إلا أننا نحن كنا نراه، كان يصوم شهر رمضان برغم مرضه الشديد وكان الأطباء يصفون الدواء له ولكنه لم يكن يفطر وكان يصلي وهو على سرير المرض.

بعد ذلك أصبحت الصحافة الإسرائيلية تصدر نشره يوميه حول التقرير الصحي اليومي لصحة ياسر عرفات.  عندما كنا في باريس كيف كانوا الإسرائيليون يصدرون كل يوم صباحاً وظهراً ومساءاً تقريراً حول الوضع الصحي لأبو عمار وكان التقرير يصف نفس الحالة التي كانت لابو عمار بل كانوا يحددون متى سيفارق الحياة .

استشهد ولم يتنازل عن ذرة تراب من القدس وفلسطين وغاب عنا في ليلة القدر هو استشهد في ليلة القدر ودفن في آخر جمعة من رمضان واقسمنا جميعاً أمام ضريحه بأننا سنكمل نهجه ونكمل طريقنا بتحرير وطننا.

وها هم شباب فلسطين بانتفاضتهم اليوم يكملون نهج أبو عمار وطريقه وجهاده من أجل تحرير الأرض.