اظهرت نتائج تشريح جثمان الأسير عرفات جرادات الذي استشهد السبت في سجن مجدو انه توفي نتيجة تعرضه للتعذيب. وقد أثار استشهاده حالة من الغضب في الاراضي الفلسطينية ما أدى الى اندلاع مواجهات عنيفة في العديد من مناطق الاحتكاك بالضفة الغربية المحتلة، ما دفع رئيس الحكومة الاسرائيلية الى اصدار أمر بسرعة تحويل الاموال المستحقة للسلطة الفلسطينة من العائدات الضريبية والطلب من السلطة تهدئة الوضع قبل زيارة الرئيس الاميركي للمنطقة، دون ان تخفي اسرائيل تخوفها من اندلاع تظاهرة ثالثة. وكشف التلفزيون الاسرائيلي الليلة الماضية ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري يتابع تطورات الاحداث الميدانية في الضفة الغربية ويحاول جاهدا تهدئة الامور من خلال اتصالات هاتفية مع الجانب الاسرائيلي والجانب الفلسطيني دون توقف.
وبالعودة لظروف استشهاد الاسير جرادات، قرأ وزير شؤون الاسرى والمحررين عيسى مساء امس التقرير الاولي الذي اعده مدير الطب الشرعي لدى السلطة الطبيب صابر العالول الذي شارك في عملية تشريح جثمان الاسير عرفات. وقال قراقع «اظهرت النتائج وجود آثار كدمات في الجهة العلوية من الظهر وكسر في الضلعين الثاني والثالث من الصدر وكدمات عميقة في عضلة الكتف اليسرى وكدمات في العضلة اليمنى للوجه وكدمات تحت الجهة اليمنى من الصدر».
واضاف «لقد اثبت التقرير تعرضه (الاسير) الى تعذيب شديد. الرواية الاسرائيلية كاذبة ومزورة». وتابع قائلا «نتائج التشريح اظهرت ان القلب خال من اي امراض والشرايين القلبية مفتوحة. لا يوجد اثر للتجلط. هذا رد على الادعاء الاسرائيلي.
ووصف رئيس نادي الاسير الفلسطيني قدورة فارس وفاة الاسير عرفات جردات بانها « جريمة قتل بدم بارد
ومن المقرر ان يتم تشييع جثمان الاسير اليوم الاثنين في مسقط رأسه في بلدة سعير بعد ان تسلم الجانب الفلسطيني جثمانه مساء امس.
واندلعت مواجهات امس لليوم الثاني على التوالي في الضفة الغربية المحتلة حيث تتصاعد الاحتجاجات تضامنا مع الاسرى وايضا ضد التوسع الاستيطاني. وقالت مصادر طبية في مستشفى رام الله ان ثلاثة شبان اصيبوا بالرصاص الحي احدهما أصيب في البطن والآخران بالكتف خلال مواجهات جرت بالقرب من سجن عوفر غرب رام الله ووصفت حالتهما بأنها مستقرة.
وقالت متحدثة باسم جيش الاحتلال انه كان «في الخليل 200 فلسطيني يرشقون قوى الامن بالحجارة والزجاجات الحارقة ويحرقون الاطارات». وذكرت بانه وقعت اشتباكات بالقرب من الخليل وبالقرب من بيت لحم كما اصيب جندي اسرائيلي بجروح طفيفة في الخليل.
ونقل الشاب حلمي عبد العزيز الذي اصيب السبت بجروح خطيرة بعد ان اطلق عليه مستوطنون النار في قرية قصرة شمال الضفة الغربية الى مستشفى هداسا عين كارم الاسرائيلي في القدس بحسب متحدثة باسم المستشفى.
من جانبها طالبت منظمة بتسيلم الحقوقية الاسرائيلية بفتح «تحقيق مستقل، فعال وشفاف يتم انجازه سريعا». وقالت في بيان ان «التحقيق يجب ان يشمل كامل ملابسات (الوفاة) ويدرس المعاملة التي تلقاها المعتقل خلال استجوابه، والاجراءات المتبعة من جانب محققي الشين بيت والمسؤولية عن القيام بهذه الاجراءات».
وبالتوازي مع الاحتجاجات في الخارج، نفذ اكثر من أربعة آلاف أسير في سجون الاحتلال اضرابا عن الطعام ليوم واحد احتجاجا على استشهاد جرادات.
وقالت سيفان وايزمان المتحدثة باسم مصلحة السجون الاسرائيلية لوكالة فرانس برس ان جميع الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية تقريبا خاضوا الاحد اضرابا ليوم واحد عن الطعام. وقدرت وايزمان عدد المضربين عن الطعام بنحو 4500 معتقل.
وطالبت إسرائيل امس السلطة الوطنية الفلسطينية بوقف الاحتجاجات قبل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة الشهر القادم.
وكان مبعوث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب امس من السلطة الفلسطينية تهدئة موجة التظاهرات في الضفة، وقال بيان رسمي اسرائيلي ان «اسرائيل قدمت طلبا واضحا الى السلطة الفلسطينية بتهدئة اراضيها» عبر مبعوث نتنياهو الخاص اسحق مولخو.
واضاف البيان ان نتنياهو أمر ايضا بتحويل الرسوم الضريبية لشهر كانون الثاني التي تجمعها اسرائيل نيابة عن السلطة بعد ان احتجزتها.
وربطت وسائل الاعلام الاسرائيلية بين حالة عدم الاستقرار الحالية ومخاوف اسرائيل من التصعيد وبين زيارة الرئيس الاميركي لاسرائيل وفلسطين الشهر المقبل.
وتؤكد المصادر الاسرائيلية ان الادارة الاميركية تلاحظ سخونة الاوضاع واشتداد المواجهات على الارض قبيل الموعد المقرر لزيارة اوباما وتسعى الى ان تعيد الامور الى مربع الهدوء وسط قلق من اندلاع انتفاضة ثالثة.
وقال التلفزيون الاسرائيلي ان القيادة الاسرائيلية حائرة فيما اذا كانت اية بوادر حسن نية يمكن ان تعيد الامور الى سابق عهدها قبل اسابيع.
بعض قادة الامن الاسرائيلي بينهم رئيس «الشاباك» ورئيس الاركان يريان ان التظاهرات وإلقاء الحجارة والمواجهات ستستمر لعدة أيام قادمة فقط وبعد ذلك تسير الامور باتجاه التهدئة، إلا ان هناك من يعتقد بأن الامور تسير باتجاه مختلف وان لا احد سيسيطر على الاوضاع ميدانيا اذا ما اشتعلت الامور لا سيما في ظل عودة الخلاف بين فتح وحماس.
التقارير اسرائيلية تشير الى ان حماس بعيدة والسلطة ضعيفة ... ولكن كبار المحللين في الاستوديو قالوا ان اسرائيل دائما تخطئ الظن والتقدير وإنها لم تتنبأ باندلاع الانتفاضة الاولى ولا الثانية وبالتالي لا أحد يصدق انها تحسن التنبؤ الآن. بكل حال ترى القيادة الامنية والعسكرية الاسرائيلية انها يجب ان تسارع للقيام بسبع خطوات لمنع اندلاع الانتفاضة وهي:
اولا: رفع الحواجز وتخفيف الضغط على السكان في مدن الضفة.
ثانيا: منع الاحتكاك وتخفيف اصطدام المدنيين بالجنود الاسرائيليين.
ثالثا: عدم استخدام الرصاص الحي لمنع سقوط شهداء والاكتفاء بالغاز والرصاص المطاطي.
رابعا: الاعتماد على قوات تفريق الشغب المدربة وليس على الجيش والجنود الذين ينفعلون ويطلقون النار ضد المتظاهرين.
خامسا: اعادة الاموال المحتجزة في اسرائيل وتسهيل حصول موظفي السلطة على الرواتب حتى قبل موعدها.
سادسا: محاربة ومنع اعتداءات المستوطنين مثلما في بلدة قصرة وغيرها من البلدات التي شهدت ارهابا يهوديا.
سابعا: تحريك الملف السياسي والطلب من الرئيس اوباما تقديم اي شيء للقيادة الفلسطينية.
هذا وركّزت تقارير اسرائيل على ان وزير الاسرى عيسى قراقع يحمّل اسرائيل مسؤولية استشهاد عرفات جرادات وان الامر قد يؤدي الى تسخين اهالي مدينة الخليل لا سيما عند تشييع جثمان الاسير الشهيد.