اكدت مستشار البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، سمية البرغوثي، أمام لجنة وضع المرأة في دورتها التاسعة والخمسين، في نيويورك، على عمق العلاقات بين دولة فلسطين ودول العالم.
وطالبت بدعم المجتمع الدولي لضرورة العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والإفراج عن الأسيرات والأسرى الذين لا يزالون يرزحون خلف قضبان الظلم والاحتلال، ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، وتحقيق استقلال دولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وتحقيق هدف العضوية الكاملة لها في الأمم المتحدة، لبناء مجتمع ديمقراطي خالٍ من العنف، تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل.
وأعربت المستشار البرغوثي عن عميق الشكر والتقدير للأمين العام للأمم المتحدة على تقريره الوارد في الوثيقة (E/CN.6/2015/5) حول حالة المرأة الفلسطينية وتقديم المساعدة إليها، والذي تناول فيه الأوضاع المأساوية للمرأة الفلسطينية. فقد أعرب التقرير 'عن قلقه البالغ إزاء الحالة الخطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة' .وأضاف 'لاتزال حياة النساء الفلسطينيات وأسرهن تتأثر سلباً من القيود المفروضة على التنقل وإمكانية الوصول، وزيادة التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين، وهدم البنية التحتية الفلسطينية وتشريد السكان، وكذلك من تجزؤ الأرض الفلسطينية المحتلة وإغلاقها، ولاسيما قطاع غزة'.
وقالت البرغوثي، بهذا الخصوص: 'إنه وفي الوقت الذي يعتبر وفدي هذا التقرير في غاية الأهمية نود أن نسجل قلقنا تجاه تصوير هذا الوضع المأساوي وكأنه نتيجة صراع بين طرفين متساويين، إسرائيل وفلسطين، بدلاً من أن هناك شعب فلسطيني يرزح ولأكثر من 48 عاماً تحت الاحتلال العسكري الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني وممارساته القمعية والعنصرية'.
وأشارت إلى أن دولة فلسطين قد التزمت كباقي دول العالم الاخرى بمنهاج عمل بيجين لتحقيق المساواة بين الجنسين ولضمان حقوق المرأة، وتمكنت، وبالرغم من الصعوبات والتحديات والعقبات التي تواجهها من جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي، من تحقيق انجازات ملموسة وفي مختلف المجالات باتجاه تحسين أوضاعها وتحقيق المساواة الكاملة وتعزيز دورها في المجتمع. فسنت القوانين وعدلت في التشريعات بهدف تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والفتاة، وحماية المرأة والطفلة من العنف بمختلف أشكاله.
ونوهت الى أن دولة فلسطين انضمت في شهر ابريل 2014 الى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، كما انضمت الى اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة في ديسمبر من نفس العام وبدون أية تحفظات.
وقالت البرغوثي في معرض كلمتها: 'على الصعيد الوطني وعلى كافة المستويات ومكونات وشرائح الشعب الفلسطيني، حكومةً ومجتمع مدني وقطاع خاص، وفي اطار من الشراكة الكاملة والفاعلة بين هذه المكونات، تمكنت فلسطين وبعزم واصرار من تحقيق تقدم ملموس على صعيد دور المرأة في المجتمع، فشهدت العشرون عاما الماضية تحسنا في مستوى وصول النساء إلى مناصب عالية في صنع القرار وارتفاع كبير في نسبة الفتيات الملتحقات في مجال التعليم، حيث تمكنا من تعميم التعليم الأساسي للفتيات فلا توجد فتاة في سن التعليم خارج المدرسة. وفي مرحلة التعليم الثانوي ارتفعت نسبة البنات الى البنين من 84% عام 1994/1995 لتبلغ 120% في عام 2011/2012. وارتفعت نسبة البنات الى البنين في مرحلة التعليم العالي من 87% في عام 1995 الى140% في العام 2011/2012. وارتفعت نسبة اللواتي مستوى تعليمهن بكالوريوس الى 4.3% حـسب تعـدادي الـسكان 1997و2007. '
وعلى صعيد الصحة، أضافت البرغوثي ' لقد سجلت المؤشرات العامة لصحة المرأة تقدما ملموسا منذ عام 1995، فانخفضت معدلات وفيات الامومة، وارتفعت معدلات رعاية المرأة خلال الحمل والولادة حيث ارتفعت نسبة النساء اللواتي تلقين رعاية اثناء الحمل ( اربع زيارات على الاقل) لتصل الى 94% في عام 2010، وارتفعت نسبة الولادات تحت اشراف طبي لتصل الى 99% في عام 2010. وتحسن مستوى تعميم خدمات الصحة الانجابية، فارتفع معدل انتشار استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 45.2% في عام 1996 الى 55% في عام 2014.'
وتابعت: 'على الصعيد القانوني فقد شهدت فلسطين بعد عام 1995، عملية إصلاح قانوني لتوحيد القوانين والتشريعات النافذة، وحققت هذه العملية إنجازات قانونية تنطوي على جوانب إيجابية لإنصاف المرأة، ومنها القانون الاساسي الفلسطيني، والوثيقة الحقوقية للمرأة الفلسطينية وقانون العمل الفلسطيني، كما كان للمرأة أيضا الدور البارز في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، من خلال استصدار قرار بشأن إنشاء وحدات النوع الاجتماعي في جميع الوزارات الفلسطينية، ومراكز تواصل بجميع المحافظات لتبقى وزارة شؤون المرأة على تواصل كامل ودائم مع المؤسسات النسوية في كافة أنحاء الوطن، وكذلك استطاعت العمل على استصدار قرار بشأن الموازنة الحساسة للنوع الاجتماعي'.
وتواصل وزارة شؤون المرأة جهودها، بحسب المستشار البرغوثي، بالتنسيق مع الجهات المعنية، لتنفيذ هذه القرارات ورفع الوعي حول أهمية إدماج قضايا النوع الاجتماعي في الخطط والسياسات والميزانيات العامة وبناء القدرات الوطنية في هذا المجال، وكذلك أيضا استصدار قرار بإنشاء اللجنة الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، وبالتالي اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة للأعوام 2011 – 2019، من قبل مجلس الوزراء. وأيضا المصادقة على الاستراتيجية عبر القطاعية للنوع الاجتماعي، واستصدار قرار من مجلس الوزراء بشأن تشكيل لجنة وطنية عليا لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325.
وعلى صعيد توفير بيئة ملائمة لعمل المرأة، قالت البرغوثي: 'إن دولة فلسطين اتخذت عدداً من الإجراءات لتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة تتمثل في توفير البيئة القانونية الملائمة والمساندة لعملها، فكفل قانون العمل الفلسطيني عدم التمييز بين الرجل والمرأة في سوق العمل على صعيد الاستحقاقات، ووضع قيود تحول دون تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة ونص على إجازات خاصة بالمرأة تراعي ظروفها واحتياجاتها الخاصة، كإجازة الأمومة والرضاعة'.
وشددت البرغوثي على انه على الرغم من التقدم الملحوظ، الا ان الظروف الاقتصادية التي تمر بها دولة فلسطين، والناتجة عن السياسات والممارسات الاسرائيلية غير القانونية الهادفة إلى تقويض كل فرص تحقيق النمو والازدهار الاقتصادي، اعاقت من زيادة مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية. كما أن تأثير هذه السياسات والممارسات طال الأسرة الفلسطينية وزاد من انكشافها واضعاف قدرتها في الصمود أمام الازمات وبالتالي زيادة معدلات الفقر، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، وازدياد في العنف الممارس داخل الاسرة ضد المرأة. في الوقت ذاته ما زال الاحتلال يمارس العنف بكافة اشكاله وفي كل الاتجاهات، فهو لا يأبه لمرأة أو لرجل، لشيخ أو لطفل، وبهذا فهو يطبق سياسة العنف العنصري، الذي يمارسه دون قانون أو رقابة دولية، فيقتل، ويعتقل، ويعتدي، دون محاكمة من أحد، ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها