انعقد المؤتمر الثامن لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في الخرطوم في جمهورية السودان في الفترة الممتدة ما بين 17 و22 يناير/ كانون الثاني 2013 بحضور رؤساء وممثلين عن برلمانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.

وشاركت في هذه الدورة 46 دولة من أصل 54 دولة بعد انضمام دولة جزر القمر، وكان بين الوفود 14 رئيس برلمان و8 نواب رؤساء، وسط حضور إعلامي ودبلوماسي كثيف. هذا وقد تم اعتماد تقارير اللجان الدائمة الأربع، السياسية والخارجية، والاقتصادية، والبيئية وحقوق الإنسان، والمرأة والأسرة، والثقافية والقانونية وحوار الحضارات والأديان، إلى جانب "وثيقة المرأة المسلمة" التي أصدرها المؤتمر الثاني لمؤتمر البرلمانيات المسلمات والذي انعقد في الخرطوم على هامش مؤتمر إتحاد المجالس.

ومثَّل دولة فلسطين في أعمال المؤتمر وفد فلسطيني من أعضاء المجلس الوطني ضمَّ كلاً من:

خالد مسمار رئيساً للوفد

فتحي أبو العردات

الدكتورة نجاة أبو بكر

فيصل أبو شهلا

نجيب القدومي

وألقى رئيس الوفد الفلسطيني خالد مسمار كلمة فلسطين داعياً إلى تبني آلية سريعة وعملية لإنقاذ فلسطين من أزمتها المالية التي وصفها بالخانقة جراء الحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والرئيس محمود عباس بسبب مصادرة الحكومة الإسرائيلية للعائدات الجمركية الفلسطينية.

وعبر مسمار عن احتجاجه على تخلي البعض عن الشعب الفلسطيني في ظل تعرضه لمخاطر سياسية مصيرية واستباحة الصهاينة لأرضه، وندد بعدم الاكتراث لمصير القدس في مواجهة محاولات تهويدها مشيراً إلى أن فلسطين أعدَّت المقومات للازمة لقيام لدولة المستقلة، ومضيفاً: "لا زلنا بانتظار تأمين شبكة الأمان الاقتصادية والمالية التي وعد بها الأشقاء بمشاركة المملكة العربية السعودية".

كذلك دعا مسمار إلى ضرورة تقديم المساعدة العاجلة للنازحين الفلسطينيين من سوريا الذين قدموا إلى لبنان ويعيشون أوضاعاً صعبة ومزرية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، مطالباً بتحييد المخيمات الفلسطينية في سوريا وخاصة مخيم اليرموك عن الأحداث المؤلمة التي تجري في سوريا.

كما أكد مسمار وقوف الشعب الفلسطيني مع السودان الشقيق في مواجهة المؤامرات التي تُحاك ضده، ومع وحدة سوريا والجزائر ضد أي عمل تخريبي ومع المسلمين المضطهدين والأقليات المسلمة التي تعاني التمييز.

 وأشار مسمار إلى أن الشعب الفلسطيني توحَّد وأحرز تقدماً باختيار فلسطين بصفة مراقب، لافتاً إلى أن هذه الانجازات قابلتها إسرائيل بمضاعفة المستوطنات والاستخفاف بالقرار الدولي بقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ومنوهاً إلى أن ذلك أدى إلى تحمل حركتَي فتح وحماس للمسئولية التاريخية لإعادة اللحمة وتوحيد الشعب الفلسطيني.

وقد ناقش المؤتمر على مدى الأيام الخمسة عدة قضايا وشؤون تهم الاتحاد وفي مقدمها القضية المركزية للعرب والمسلمين "قضية فلسطين" وكافة التحديات التي تمر بها الأمتين العربية والإسلامية بما فيها القدس الشريف والقضية الفلسطينية والأراضي المحتلة من سوريا ولبنان، والوضع في السودان، والوضع في الصومال، ووضع المسلمين في مينامار، ومكافحة التعصب والإسلاموفوبيا، وكراهية الأجانب، ومكافحة الإرهاب، وتسهيل إجراءات تأشيرة الدخول بين الدول الإسلامية، وتشكيل برلمان إسلامي موحَّد، ومكافحة مشاكل البطالة والهجرة والفقر. كما ناقش المؤتمر التقارير المقدَّمة من قِبَل الأمين العام للاتحاد البروفيسور محمود إرول قليج، إضافةً إلى أوضاع اللجنة الدائمة للشؤون الفلسطينية ومتابعة تشكيل وفد من الدول الأعضاء لزيارة برلمانات الدول الغربية.

وصدر عن المؤتمر القرارات والتوصيات التالية فيما يخص القضية الفلسطينية:

شدَّد المؤتمر على أن قضية فلسطين، باعتبارها لب الصراع في الشرق الأوسط، يجب أن تبقى القضية الرئيسية التي على الدول الأعضاء اتخاذ موقف موحَّد بشأنها في المحافل الدولية، حتى تتحقق الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني والمتمثِّلة في التحرر من الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

ورحَّب المؤتمر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الاعتراف بدولة فلسطين وأكد على ضرورة اعتراف دول مجالس الاتحاد بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ودعا المؤتمر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي التي لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن إلى القيام بذلك ورفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع فلسطين إلى منزِلة سفارة.

كذلك دعا المؤتمرون إلى تقديم المساعدات المالية لدولة فلسطين حتى تستطيع رفد مؤسساتها لتتناسب مع وضعها كدولة.

ودان المؤتمر الجرائم المستمرة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين خاصة في قطاع غزة والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين والأبرياء في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.

وطالب المؤتمر بمعاقبة المسؤولين الإسرائيليين على كل جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني.

وندد المؤتمر باستمرار ممارسات عزل وحصار الشعب الفلسطيني وقيادته والإجراءات القمعية الإسرائيلية القائمة على الاغتيالات والاعتقالات وهدم النازل وتجريف الأراضي وإقامة المستوطنات وبناء جدار الفصل العنصري العازل.

ودعا المؤتمر إلى تحركات واسعة لإنهاء الحصار وطالب بسرعة التحرك لإعادة إعمار قطاع غزة.

إضافةً إلى ذلك أكد المؤتمر ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتصميمه على مواجهة العدوان الإسرائيلي لاسترجاع جميع أراضيه المحتلة.

ورحَّب المؤتمر باتفاق الفصائل الفلسطينية بشأن إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية بما فيها حق العودة لكل الفلسطينيين، منوهاً بجهود جمهورية مصر العربية في هذا المجال.

ورفض المؤتمر إعلان دولة إسرائيل بأن القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وللعشب اليهودي، مؤكداً أن هذا الإعلان يشكِّل عدواناً مباشراً على الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف.

وأعلن المؤتمر أن مدينة القدس الشريف ستبقى عاصمةً روحيةً ودينيةً للعرب والمسلمين وعاصمةً أبديةً لدولة فلسطين.

ورفض المؤتمر بقوة الإجراءات الإسرائيلية في القدس وأعمال الحفر تحت المسجد الأقصى باعتبارها تمثِّل مساساً صارخاً بالمقدسات الإسلامية وبوضع مدينة القدس الشريف، ودعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحمُّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية الكاملة وممارسة كافة أشكال الضغط على دولة إسرائيل لوضع حد لتصرفاتها غير المشروعة.

ودان المؤتمر بشدة سياسة إسرائيل الاستيطانية والتوسعية، ودعا إلى ضرورة وقف جميع أعمال الاستيطان والإجراءات التشريعية والإدارية التي تهدف إلى تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس وطابعها الديموغرافي، مطالباً مجلس الأمن بالتحرك السريع لإزالة المستوطنات الإسرائيلية وفق قراره رقم (465).

وأكد المؤتمر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم التي هُجِّروا منها، ووجه التحية إلى الناشطين الفلسطينيين الصامدين في قرية"باب الشمس" الذين يقاومون الاستيطان بطرق سليمة مستنكراً ما قام به جيش الاحتلال لجهة إخلائهم بالقوة وهدم الخيام التي أقاموها على أراضٍ فلسطينية.

ودان المؤتمر ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتعلِّقة باعتقال عدد من النواب والشخصيات الفلسطينية، معرباً عن تضامنه الكامل مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ومطالباً بالإفراج الفوري عن كافة الأسرى.

كما حمَّل المؤتمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى المضربين عن الطعام منذ أشهر احتجاجاً على الأعمال التعسفية التي يتعرضون لها في المعتقلات.

كذلك دعا المؤتمر إلى ضرورة تقديم المساعدة العاجلة للنازحين الفلسطينيين من سوريا الذين قدموا إلى لبنان ويعيشون أوضاعاً صعبة ومزرية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، مطالباً بتحييد المخيمات الفلسطينية في سوريا وخاصة مخيم اليرموك عن الأحداث المؤلمة التي تجري في سوريا.

وطالب المؤتمر بتجميد عضوية إسرائيل في الاتحاد البرلماني الدولي بسبب انتهاكاتها بحق البرلمانيين الفلسطينيين.

واختتم المؤتمر الثامن لإتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، والذي عُقد تحت شعار "نحو أمة إسلامية راشدة موحدة ومقتدرة"، أعماله مساء يوم 22/1/2013 بإصدار البيان الختامي و"إعلان الخرطوم".