تنطلق في العاصمة المصرية ، القاهرة اليوم الأحد، أعمال مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة على مستوى وزراء الخارجية تحت رئاسة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بتنظيم مصري نرويجي. ويعقد المؤتمر الذي سيفتتحه الرئيسان محمود عباس وعبد الفتاح السيسي ، بمشاركة أكثر من 50 دولة و 20 منظمة إقليمية ودولية، على رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، وصندوق الأوبك للتنمية الدولية، والصندوق السعودي للتنمية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وصندوق أبو ظبي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية.
واستقبل الرئيس عباس، في مقر إقامته بقصر الضيافة في القاهرة، مساء امس، وزير الخارجية المصري سامح شكري، وأمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، وبحث معهما المواضيع التي ستطرح في المؤتمر، بالإضافة إلى الانتهاكات والاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال ضد المصلين والمعتصمين في المسجد الأقصى، بالإضافة إلى تنسيق المواقف العربية للمرحلة السياسية المقبلة الداعمة للقضية الفلسطينية، وضرورة الوصول لحل عادل بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ويصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى القاهرة اليوم بهدف دعم المساعدات التي تحتاجها غزة، في حين تتنامى المخاوف حيال عدم توفير الجهات المانحة الأربعة مليارات دولار الضرورية لاعادة اعمار القطاع الذي دمرته الحرب. وسيوضح كيري اثناء المؤتمر ان الولايات المتحدة لا تزال تؤيد حل الدولتين وهي على استعداد لتحريك المفاوضات بهدف التوصل الى اتفاق تام بعدما فشلت في نيسان تسعة اشهر من المحاولة التي انطلقت بمبادرة منه. والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري امس، مع ممثل الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف وروبرت سري منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عشية انعقاد مؤتمر لعادة اعمار غزة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إن مشاركة الرئيس عباس في أعمال المؤتمر لها أهمية كبيرة. وأضاف عقب لقائه الرئيس عباس ، إنه تم استعراض الموقف بالمنطقة، خاصة ما يخص القضية الفلسطينية، إضافة إلى المواضيع التي ستطرح في مؤتمر إعادة الإعمار الذي يعد بمثابة مؤتمر لفلسطين وغزة.
وقال العربي "أطلعنا الرئيس على الاتصالات التي تدور حول الإعمار والمعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خاصة أن مجلس الأمن سيعقد جلسة خاصة لفلسطين في 21 الجاري".
وبحث العربي مع المبعوث بوغدانوف، مستجدات القضية الفلسطينية. وقال بيان صادر عن الجامعة العربية، إن اللقاء تناول التحركات والاتصالات الخاصة بالقضية الفلسطينية، إضافة إلى بحث مختلف تطورات الأوضاع في المنطقة، خاصة ما يتعلق منها بالحرب الدائرة على الإرهاب، كذلك تم التطرق إلى التحضيرات الجارية لانعقاد منتدى التعاون العربي الروسي بداية شهر كانون الأول المقبل.
والتقى وزير الخارجية المصري، ممثل الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط. وبحث شكري مع سيري المواضيع التي ستطرح في مؤتمر إعادة إعمار غزة. 
وقال بيان صادر عن الخارجية المصرية، إن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتطورات الأوضاع في المشهد الفلسطيني والجهود التي تبذلها مصر لاستئناف المفاوضات غير المباشرة، والعمل على تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يوفر الظروف لاستئناف مفاوضات السلام للتوصل إلى تسوية نهائية بينهما.
وأضاف أن اللقاء تناول الإعداد الجاري لعقد مؤتمر القاهرة الدولي الخاص بإعادة إعمار قطاع غزة ومغزى وأهمية انعقاده والعمل على نجاحه في هذا التوقيت الهام، بما يسهم بتوفير الموارد المالية الدولية لإعادة بناء ما تم تدميره في العمليات العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، ورفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني هناك، فضلاً عن العمل على دعم جهود حكومة الوفاق الوطني الجديدة في تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني بهذا الشأن، وضرورة العمل على نجاح دور الآلية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة الخاصة بتسهيل دخول السلع والمساعدات ومواد البناء إلى قطاع غزة، من خلال المعابر التي تربط القطاع بإسرائيل.
وأشار البيان إلى أن الوزير شكري شدد على أهمية استئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية وفقاً للمرجعيات المتفق عليها، وبما يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا الاطار، قال دبلوماسيون اميركيون ان وزير الخارجية جون كيري سيدعو اليوم الاحد الى استئناف عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين المتوقفة منذ نيسان وذلك خلال مؤتمر اعادة اعمار غزة. واضاف هؤلاء المسؤولون في الخارجية الاميركية ان كيري سيجري على هامش المؤتمر، محادثات مع الرئيس عباس.
وتوجه كيري امس الى العاصمة المصرية لينضم الى 30 من نظرائه بالاضافة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون للمشاركة في مؤتمر اعادة اعمار غزة والذي ستطلب فيه الامم المتحدة جمع مبلغ 1,6 مليار دولار.
وقال دبلوماسي اميركي "لنا مصلحة في وقف مسلسل الحروب واعادة الاعمار التي نشهدها منذ ست سنوات" في اشارة الى النزاع الثالث خلال ست سنوات في غزة. وقال هذا الدبلوماسي في وزارة الخارجية "سوف تسمعون وزير الخارجية في خطاب سيلقيه في القاهرة وهو يجدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة مساعدة الاطراف على التوصل الى اتفاق من اجل حل الدولتين" فلسطينية واسرائيلية.
واوضح ان الوزير سوف "يعرب عن رغبتنا في استئناف المفاوضات والمساهمة في تسهيل نجاحها". واشار الى ان كيري "سوف يتحدث عن ضرورة تسوية المسائل المتعلقة بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني من اجل التوصل فعلا الى حل دائم لمشكلة غزة".
من جهته، أوضح مسؤول آخر في وزارة الخارجية ان كيري سيجري محادثات مع "(الرئيس عباس) ابو مازن في القاهرة".
لكن المسؤولين الاميركيين اقروا بأن هناك حالة من الانهاك بدأت تظهر من جانب المانحين الذين جرى اللجوء اليهم مرارا لتقديم الهبات على مر عقود من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. واعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية للصحفيين "اعتقد ان من العدل القول ان العديد من المانحين يطرحون اسئلة خطيرة تتعلق (...) بالطريقة الفضلى لكسر هذه الحلقة" من العنف. واضاف انه يتعين اجراء دراسة حول "الطريقة المثلى للتأكد من اننا لن نعود الى النقطة نفسها للقيام بالامر نفسه مرة جديدة في غضون سنة او سنتين".
وأوضح مسؤول اميركي كبير رافضا الكشف عن هويته انه ينبغي التشديد على ضرورة "رسم طريق مختلف لمستقبل غزة ومحاولة تعديل الدينامية الاساسية خصوصا".
وقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية مشروعا لاعادة اعمار غزة من 76 صفحة بقيمة 4 مليارات دولار يخصص القسم الاكبر منها لاعادة بناء مساكن لحوالي 100 ألف مواطن شردوا من منازلهم بعد الحرب.
وقال الدبلوماسي الاميركي "لا اعرف ان كان احد ما يعتقد اننا سنجمع 4 مليارات دولار".
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز أسس اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، الذي تم التوصل إليه في القاهرة في آب الماضي، وتوفير الدعم الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وتعزيز قدرة الحكومة الفلسطينية على تحمل مسؤوليتها بشأن إعادة تأهيل قطاع غزة، وتعزيز آلية الأمم المتحدة القائمة لاستيراد وتصدير البضائع من وإلى قطاع غزة، إضافة إلى توفير الدعم المالي الخاص بإعادة إعمار القطاع.
ويقدم الوفد الفلسطيني المشارك في المؤتمر الذي يترأسه رئيس الوزراء رامي الحمد الله، عرضا بالتنسيق مع البنك الدولي من خلال نائب رئيس الوزراء محمد مصطفى، يتناول فيه احتياجات القطاع وإعادة الإعمار للخمس سنوات المقبلة. وتتضمن أعمال المؤتمر العديد من جلسات العمل المهمة، منها جلسة عمل بعنوان "تأطير التحديات" وأخرى بعنوان "تحديد الاحتياجات"، إضافة إلى مناقشة عامة للمشاركين يتم خلالها التطرق إلى التعهدات.
ويعقد على هامش أعمال المؤتمر العديد من اللقاءات والفعاليات، من بينها لقاء حول "إدخال السلع إلى غزة"، من خلال لجنة تضم إيطاليا (المنسق)، وفلسطين، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والولايات المتحدة. كما يعقد اجتماع للجنة "آليات التحويلات المالية" التي تضم فرنسا (المنسق)، وفلسطين، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكالة الأونروا، والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن اجتماع بعنوان "التعافي المبكر" وتضم الاتحاد الأوروبي (المنسق)، وفلسطين، ومكتب ممثل اللجنة الرباعية، والمملكة المتحدة، والأونروا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والولايات المتحدة.
وشدد الحمد الله، على ضرورة ان يلبي المؤتمر طموحات الفلسطينيين، ويعيد اعمار القطاع ويعمل على إعادة الحياة الطبيعية لأهلنا هناك، بما يحفظ كرامتهم، ويعمل على دعم خطط التنمية، ويحقق النمو الاقتصادي. جاء ذلك خلال لقاء الحمد الله مساء امس في القاهرة، وزير الخارجية النرويجي بورجي برندي والوفد المرافق له، بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد محمد مصطفى، ووزير المالية والتخطيط شكري بشارة، في اجتماع تحضيري قبيل انعقاد مؤتمر المانحين.
واطلع رئيس الوزراء، الوزير النرويجي على آخر التطورات السياسية وزيارته لقطاع غزة، كما وضعه بصورة حجم الدمار الذي أصاب القطاع جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم.
بدوره أكد وزير الخارجية النرويجي على المساعي الحقيقية التي ستبذل من خلال المؤتمر لضمان إعادة اعمار غزة، وتلبية الاحتياجات الطارئة.
وثمن السفير الشوبكي دعوة جمهورية مصر العربية الشقيقة ومملكة النرويج لاستضافة المؤتمر الذي يأتي موعد انعقاده في مرحلة هامة، لتلبية احتياجات الإغاثة العاجلة ومتطلبات إعادة إعمار قطاع غزة بالتنسيق الكامل مع هيئات ووكالات الأمم المتحدة، بعدما دمرته إسرائيل في حربها الأخيرة عليه.