بقلم: مفوضية الاعلام والثقافة- لبنان
قبل أن يتم بث مقابلة الرئيس أبو مازنمع القناة الإسرائيلية الثانية بدأت الأصوات والأقلام الحاقدة والمشبوهة تتحرك بكلما فيها من سموم إعلامية للنيل من رأس الشرعية الفلسطينية والتشكيك في مواقفهالسياسية والوطنية، ووصلت ببعضهم حدود التخوين والتطاول مما ذكَّرنا بالهجمةالمسعورة على الشرعية الفلسطينية عندما تمت عملية التصويت على المشروع الذي تقدمبه غولد ستن حول العدوان الذي جرى على قطاع غزة تحت عنوان " الرصاص المصبوب" والذي بدأ أواخر كانون أول 2008. ومع أن الدول العربية والإسلامية تتحمل مسؤولية تأجيل التصويت إلاَّ أنالهدف الأسهل والأربح كان تحميل المسؤولية للرئيس أبو مازن.
الآن للأسف العملية ذاتها تتكرر،واختار البعض تأويل بعض المصطلحات والكلمات اكثر مما تحتمل وكل ذلك قبل ان تُبثالمقابلة رسمياً مما يعني أن التحضيرات كانت جاهزة مسبقاً ومنسَّقة بين الجهاتالمعنية للانقضاض إعلامياً وسياسياً على الشرعية الفلسطينية، وتشويه مواقفها،والحؤول دون تمكينها من طلب العضوية لدولة فلسطين لأن هذا الطلب يقضُّ مضاجعالكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، ومن يدور في فلكهما.
نحن نريد في هذا التعميم التوقف عند مجموعة منالقضايا لتوضيح الموقف للذين يجهلونه، وللذين لا يريدون معرفة الحقيقة أصلاً لأنَّنهجهم السلبي والتدميري معروف للجميع. ولانريد هنا الدفاع عن الرئيس أبو مازن لأنَّ الرئيس لا يحتاج لمن يدافع عنه لأنه ليسمتهماً أصلاً، ولكن هناك محاولات مشبوهة من أطراف حاقدة لتشويه مواقفه والتلاعبعلى الألفاظ.
أولاً: إنَّ مواقف الرئيس أبو مازن محكومة بالثوابتالوطنية الفلسطينية التي يؤكد عليها أمام العالم بأسره، وفي الأمم المتحدة، وفيالمؤتمرات والاجتماعات، وهو خاض معركته الرئاسية على أساسها ولم يثبت حتى الآنتنازله أو تراجعه عن أيٍّ من هذه الثوابت وخاصة موضوع حق عودة اللاجئين استناداًللقرار 194 الصادر العام 1949 وهو القاضي بالتعويض لمن لا يرغب بالعودة، والتعويضيكون عن الممتلكات وعن المعاناة. والحلعادل ومتفق عليه، وهذا ما تم اعتماده في مبادرة السلام العربية بموافقة الجميع ثمأقرته المؤتمرات الدولية، وهذا ما أوضحه الرئيس أبو مازن في مقابلته مع قناةالحياة المصرية، وأكَّد عليه قاطعاً الطريق على كل الذين حاولوا تفسير إجابته حولزيارة صفد ورؤيتها " لقد زرت صفد مع احد الأشخاص الجالسين معنا هنا، ولكننيأريد أن أرى صفد، من حقي أن أراها، لا أن أعيش فيها " فهو يريد زيارتها لكنهلا يستطيع أن يعيش فيها لأنه ليس مواطناً إسرائيلياً، وتنفيذ حق العودة لم يتمالتوصل إليه، و "إسرائيل" حتى الآن ترفض حق الفلسطينيين بالعودة أصلاً،فهل من المنطق أن يقول أبو مازن أنا سأظل في صفد ولن أخرج منها. كل الذين جرَّدوا سيوفهم للانقضاض على الشرعيةيعرفون الحقيقة لكنهم مفلسون سياسياً ولا يملكون أمام التحالفات الدولية والإقليميةوالمحلية سوى التركيز على موضوع حق العودة لأنه موضوع حسَّاس بالنسبة لشعبناالفلسطيني، والرئيس يؤكد بأنَّ هذا الحق هو حق فردي وجماعي ولا يستطيع أحد إلغاءهأو الانتقاص منه، فمن حق القيادة أن تفاوض حول هذا الموضوع وحول غيره من الثوابتالوطنية، لكنَّ القرار الأخير يكون بعد استفتاء الشعب الفلسطيني وهذا ما يؤكدهالرئيس أبو مازن دائماً
ثانياً: ليس من حق أحد من القوى السياسية أن يشككبالمواقف السياسية للقيادة الفلسطينية، لأن البرنامج السياسي تم الاتفاق عليهبوجود الجميع، وكما قال الرئيس أبو مازن في مقابلته أمس مع قناة الحياة المصريةبأن آخر اتفاق تم توقيعه في القاهرة كان بحضور ستة وثلاثين قيادياً فلسطينياً ضمَّكافة القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وكان هناك إجماع على البرنامج السياسيالذي أكد على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كافة الأراضي المحتلة العام1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولم يعترضأحد على هذه الصيغة، لأنها الصيغة الواقعية المتفق عليها، مع أن الجميع يتمنى أنتكون هذه الدولة على كافة الأراضي الفلسطينية التاريخية، ولكن التمنيات شيءوالواقع شيء آخر. فلماذا يرتفع أصوات بعضالذين حضروا توقيع الاتفاق ليؤكدوا عكس ما وقَّعوا عليه في العلن بينما ضمنياً هميعرفون الحقيقة. كما أنه في هذا اللقاءالتاريخي تم تفويض الرئيس أبو مازن بالمفاوضات باسم الجميع، والرئيس أبو مازن حملالرسالة بكل أمانة وتصدى للضغوطات الأميركية والإسرائيلية التي تريد منه مواصلةالتفاوض دون وجود المرجعيات الدولية، ودون سقف زمني، وهذا ما رفضه الرئيس، وأوقفالمفاوضات منذ ذلك التاريخ حتى الآن
ثالثاً: الموضوع الثالث الذي تضمنته الهجمة الإعلاميةالمنسَّقة بين أطراف تستهدف الشرعية وحركتها السياسية فهو موضوع الانتفاضةالمسلَّحة وموقف الرئيس منها وهو الموقف الرسمي الآن والذي تلتزمه مختلف الأطرافالفلسطينية والبعض يحاول أن يظهر بأنه مقاوم أكثر من غيره لكن هو يعلم بأنه محكومبالتهدئة المفروضة في الضفة وفي قطاع غزة، هذه المقاومة الشعبية متعددة ومؤثرةوشاملة لكل شرائح المجتمع، ولكل المجالات الحيوية في المجتمع.
رابعاً: الموضوع الرئيس والجوهري فيهذه الحملة المشبوهة هو التغطية على المشروع التآمري الذي يؤسس له البعض في قطاعغزة وهو إقامة كيان سياسي مستقل عن الضفة الغربية. أي نسف المشروع الوطنيالفلسطيني القائم على وحدة الارض والشعب والدولة، ويتم ذلك عبر عرقلة الانتخابات التشريعيةوالرئاسية، وتكريس التقسيم، والحؤول دون المصالحة. وهذا كله يصب في إطار "الدولة ذات الحدود المؤقتة" على 40-60 % من أرض الضفة الغربية على طريقةالابرتهايد أي الكانتونات المتناثرة، واقامة كيان منفصل في قطاع غزة وهذا ما أسسله شارون عندما أمر بالانسحاب العام 2005 من القطاع لينطلق هذا المشروع الذي يتطلبالتخلي عن موضوع حق عودة اللاجئين، والتخلي عن القدس كعاصمة للدولة، وهذا هوالمشروع المتفق عليه الآن للأسف بين أطراف فلسطينية وعربية والكيان الإسرائيليبدعم دولي لتدمير الحلم الفلسطيني بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس،وبحق العودة، وضرب محاولات الرئيس أبو مازن الذهاب إِلى الجمعية العمومية لطلبالعضوية لدولة فلسطين (مراقب) والذي يتطلب الحصول على النصف زائد واحد من الحضور.ولا ننسى أن عدد الدول التي تعترف بفلسطين كدولة مستقلة على حدود العام 67 ولنا فيهاسفارات هي (115 دولة) ويصل العدد إلى 133 دولة بعد الاتصالات الأخيرة، أما عدد دولالعالم فهي (193) دولة نأمل التنبه لمخاطر التضليل الاعلامي، وتحصين أبناءالتنظيم. إن موضوع المقاومة المسلحةوالمقاومة الشعبية تم حسمه أيضاً في إتفاق المصالحة الذي تم توقيعه في القاهرة،وتم اعتماد المقاومة الشعبية، وهذا ما صرَّح به علناً السيد خالد مشعل بعد كلمةالرئيس أبو مازن. والاتفاق على هذا المبدأ جاء من خلال تقدير الموقف بأنَّ العدوالاسرائيلي يريد أن يجرَّنا إلى المربع العسكري، لأنه يريد أن يبطش بنا كما فعل فيالعدوان على قطاع غزة مستفيداً من إطلاق بعض الصواريخ واصفاً عدوانه بأنه دفاع عنالمدنيين الاسرائيليين، وأنها معركة ضد الإرهاب الفلسطيني. كما أن الواقع العربيوالدولي لا يتضامن مع انتفاضة مسلّحة، والانتفاضة المسلّحة الأخيرة " انتفاضةالأقصى" كان لاستخدام السلاح فيها بعض السلبيات التي أربكت المجتمعالفلسطيني، واستفاد العدو الاسرائيلي منها فجيَّر العمل العسكري لمصلحته، وبالتاليالعالم تعاطف مع العدو الاسرائيلي لأنه كان الانجح إعلامياً. والرئيس ابو مازن فيمقابلته الاخيرة يؤكد أن المقاومة الشعبية هي الموجودة في الضفة وفي قطاع غزة، لكنفي قطاع غزة أحياناً تنطلق بعض الصواريخ، ومن يطلق الصواريخ يُعاقب من سلطة الامرالواقع، والدكتور الزهار وصف هذه الصواريخ بأنها عبثية، وبعد إطلاق الصوايخ بنصفساعة يتصل اسماعيل هنية بالمصريين مطالباً بتثبيت التهدئة.
بالتالي المقاومة الشعبية هي الاكثرواقعية، وعلى الجميع أن يدعمها ويطورها، كي تأخذ بعدها الحقيقي في مقاومةالاحتلال، وفي كافة المجالات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها