قبل فترة وجيزة هذا العام بادرت مجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الاميركي للانتقاص من العودة للاجئين الفلسطينيين، والسعي التدريجي لتصفيته. ومازالت محاولات القوى المعادية للسلام في المؤسسات التشريعية والتنفيذية الاميركية تنسق حملتها المضادة لحق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194 مع حكومة اقصى اليمين الصهيونية وخاصة وزارة الخارجية. التي بادرت يوم الثلاثاء الماضي لشن جولة جديدة لخدمة الهدف الاسرائيلي.

بادر داني ايالون، نائب وزير خارجية إسرائيل للحملة الجدية بعنوان :" انا لاجىء يهودي!" ، ودعا الصهيوني الكريه اليهود، الذين دفعتهم الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل رغما عنهم الى مغادرة بلدانهم الى دولة الابرتهايد في نطاق الشعار الصهيوني التاريخي " شعب بلا ارض ، لارض بلا شعب!" ، وتجسيدا لوعد بلفور، الذي دعى ل"اقامة وطن قومي لليهود" في فلسطين، وعلى حساب حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، الذي تكرس في نكبة 1948، حيث تم تشريد وطرد ما يزيد على ال (750,000) فلسطيني عبر خطة التطهير العرقي، التي نفذتها عصابات "الهاجاناة" و"شتيرن" الصهيونية، وفي نفس الوقت إحلال يهود من دول وقوميات العالم المختلفة ، مستغلة الحركة الصهيونية جرائم الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية ضد اليهود، بالاضافة الى قيام عصاباتها (الصهيونية) بعمليات ضد مصالح اليهود العرب في مصر والعراق واليمن والخليج وسوريا ولبنان والمغرب العربي لدفعهم للسفر الى إسرائيل "بلد المن والسلوى!" .

تهدف الحملة الصهيونية الجديدة الى دفع يهود الدول العربية الى "نشر شهادات توثيقية على شبكة الانترنت" تهدف الى نشر اكاذيب عن "سلب اموالهم وممتلكاتهم" من قبل الدول العربية. كما سيترافق مع عملية التزوير المذكورة، انتاج فيلم بعنوان "القصة الحقيقية للاجئين بمناسبة مرور (60) عاما على تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، الهدف منه، تزوير موقف اللاجئون الفلسطينيون، من حيث الادعاء بأن "الفلسطينيين هم الوحيدون، الذين يرفضون ومعهم الدول العربية إنهاء ملف اللاجئين. وان اللاجئين الفلسطينيين، هم الوحيدون في العالم الذين توارثوا اللجوء ويرفضون التوطين!؟"

اهداف الحملة الاسرائيلية – الاميركية تتمثل في الآتي:

اولا تزوير الحقائق بشأن اليهود العرب، الذين سافروا الى دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية بارادتهم، او عبر حملات التسفير، التي نظمتها الحركة الصهيونية عبر سياسة الاكراه او من خلال حملات الاقناع الايديولوجية. والادعاء الان ، ان العرب قاموا ب"طردهم" ، وهو ما لا يتوافق مع الوثائق والوقائع الملازمة لاقامة الدولة العبرية عام 1948.

ثانيا العمل على الوصول الى هدف "التوطين " للفلسطينيين في الدول العربية من خلال طرح خيار "المبادلة". حيث تشير الحملة الاسرائيلية الى ان عدد اليهود، الذين  تركوا البلدان العربية يبلغ (865,000) يهودي.

ثالثا نفي حق الابناء الفلسطينيين في العودة، من خلال الادعاء بعدم جواز "توريث" العودة للابناء. وهذا ما يتناقض مع الشرائع والقوانين الدولية وخاصة قوانين حقوق الانسان. وايضا للالتفاف على عدد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحق لهم العودة، والذي يفوق عدد اليهود، الذين ولدوا بعد النكبة، هذا في حال تم "التساوق" مع الرؤية الصهيونية – الاميركية المعادية لحق العودة للفلسطينيين.

رابعا "تحميل الفلسطينييون المسؤولية والدول العربية في استمرار ملف اللاجئين قائما حتى الآن، وبالتالي "تبرئة" الحركة الصهيونية ودولة الابرتهايد الاسرائيلية من مسؤوليتها التاريخية السياسية والقانونية والاقتصادية تجاه ابناء الشعب الفلسطيني، الذين طردوا من مدنهم وقراهم وبساتينهم ومصانعهم ومصالحهم في نطاق حملة التطهير العرقية، التي كشف عنها الكاتب اليهودي " الآن بابيه" وغيره من الكتاب واصحاب الرأي اليهود.

مع ان الوقائع وقرارات الشرعية الدولية والمنظمات الاممية المختلفة، واستمرار دوامة الصراع، ورفض دولة إسرائيل خيار السلام وتطبيق القرار الدولي 194، الذي ربط بين عودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بالدولة العبرية، جميعها تؤكد، ان اسرائيل وحدها ومن يقف خلفها، هم المسؤولون عن حرمان الفلسطينيين من حق العودة لوطنهم الام.

الحملة الاسرائيلية – الاميركية ستبوء بالفشل. ولن تفلح في العبث بحقوق اللاجئين الفلسطينيين. ولن تجد قائدا فلسطينيا مهما كانت خلفيته السياسية وبراغماتيته، يمكنه القفز عن هذا الحق التاريخي لابناء جلدته، لا يمكن ايضا لاي قيادة عربية رسمية، مهما تساوقت مع التوجهات الاسرائيلية والاميركية تجاوز حق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنهم. كما لا يمكن لاي عملية تجنيس إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين العرب لديارهم ووطنهم الام. والابناء اكثر تمسكا من الاباء بحق العودة. ولا يمكن للاجيال الفلسطينية الجديدة إسقاط حقها في العودة الى ارض الوطن الام حتى لو لم تتحدث اللغة الام ، اللغة العربية. ومن يعود ويراقب الريبورتاجات، التي اجرتها وسائل الاعلام مع ابناء الشعب العربي الفلسطيني في دول الشتات، يستطيع تلمس ذلك بالعين المجردة.

لذا على داني ايالون وافيغدور ليبرمان وزعيم حكومتهم نتنياهو وغيره من قادة الائتلاف الاكثر تطرفا في تاريخ الدولة الاسرائيلية ، وعلى حلفائهم الاميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري التوقف عن العبث بالملف الاكثر حساسية عند الفلسطينيين، لان جذر القضية الوطنية ينحصر في عودة الارض واصحاب الارض اللاجئين.