خسرت قارئاً غزياً مزمناً، لم يعجبه عنوان عمود 'زوبعة فياض؛ العبء الغزي' مع أن محتواه إيجابي خلاف عنوانه اللافت، وقد يخسرني الزملاء من كتاب غزة في صحيفة 'آراء' الأيام. السبب؟ قلما أجد صدى لمشاكل غزة غير السياسية في مقالاتهم السياسية جداً!يهمني، طبعاً، الحوار والوفاق والاتفاق (من مكة الى الدوحة مروراً بالقاهرة) ويهمني بدرجة أقل تباين الآراء الحمساوية في اتفاق الدوحة، بين مشعل وهنية والزهار (اقرأوا رأي الأخير على الصفحة الأولى من 'أيام' أمس)لكن، يهمني أكثر صادرات غزة، الزراعية وغير الزراعية. الزراعية: تصدير البندورة والبندورة العنقودية-الكرزية، والفليفلة والفراولة.. والقرنفل؛ وغير الزراعية الأثاث والثياب، وهل ستتمكن محطة كهرباء غزة من تشغيل كل طاقتها بالغاز المصري، ومحطات تنقية المياه المستعملة ومياه الشرب أيضاً.للقارئ الذي زعل من عنوان 'عبء غزة' أقول إنني قصدت العبء المالي والإداري على ميزانية سلطة رام الله وليس عبء المشروع الإسلامي على المشروع الوطني، كما قال السيد الزهار، الذي رأى في اتفاق الدوحة 'خطراً على مشروع الحركة الإسلامية'.كان هناك مشروع دولي، بعد الانسحاب الاسرائيلي، لدفع القطاع نحو عتبة 'هونغ كونغ' فلسطينية، بدءاً من مرفأ حقيقي ومطار واستثمار حقل الغاز قبالة القطاع. لو تحقق هذا، ربما ما عقدوا مؤتمراً اختصاصياً في غزة عن حل أزمة وفرة الأيدي العاملة، الماهرة والأكاديمية، بتصديرها شرقاً وغرباً.في العدد ذاته من 'الأيام' حيث تحدث السيد الزهار عن خطر الاتفاق على مشروع الحركة الإسلامية، تحدث التاجر الغزي عبد الرؤوف أبو صفر عن فشل مشروع تصدير البندورة الغزية لأسواق السعودية. والسبت؟ سعر الكيلو في غزة شيكل واحد، ويصل السعودية بسعر ثلاثة شواقل، محسوبة بكلفة النقل الى معبر أبو سالم، ثم جسر الأردن، ومنه الى السوق السعودية.. التي يباع الكيلو المنافس فيها بشيكلين.. وهكذا، خسر التاجر 45 ألف شيكل من تصدير ثلاث شاحنات.في المقابل، في زمهرير أوروبا يشترون القرنفل الغزي والفراولة والفليفلة بسعر مجزٍ، أو لأن المستهلك هناك تهمة نوعية البضاعة قبل سعرها، كما حال زيت الزيتون الفلسطيني-البكر، الذي رفعت المفوضية الأوروبية المكوس عنه تشجيعاً.هذا الموسم الزراعي الغزي الوافر، بسبب غزارة الأمطار حتى الآن، كان ملائماً لدخول شركة تصدير فلسطينية هي 'هرفست' التي اخترقت احتكار شركة 'اغريسكو' الاسرائيلية، وحصلت منها على الحصة الأكبر في التصدير للمرة الأولى.قد يكون 'اقتصاد الأنفاق' ساعد في حلحلة الحصار الاسرائيلي، لكنه ألحق أضراراً في الإنتاج والتصدير والصناعة الغزية، بينما اقتصاد التصدير له نتائج معاكسة لاقتصاد الاتفاق.حتى الآن، لم تصل فراولة غزة أسواق رام الله والضفة الملأى بالفراولة الاسرائيلية غير شهية المذاق الحلو، رغم موافقة اسرائيلية على تصدير 150 طناً لأسواق الضفة.حتى الآن، أيضا، لم يسفر اتفاق الدوحة عن عودة صحف الضفة الى غزة..وبالعكس. وهكذا، يضطر كتاب غزة في 'الأيام' لقراءة مقالاتهم وأخبارهم عبر 'الانترنت'، ويضيف الزهار في اعتراضه على الاتفاق أنه سيمكن كوادر 'فتح' من العودة للقطاع لذلك فالاتفاق 'يصب في مصلحة فتح وليس لصالح مشروع المصالحة'.. وأيضاً 'مشروع الحركة الإسلامية'.هناك مشروعان، إذاً، المشروع الوطني الذي تقوده 'فتح' ومشروع الحركة الإسلامية.. ولكتاب الرأي في 'الأيام' أن يضربوا على هذا الوتر... لكنني أكثر اهتماماً بمشروع إعادة إعمار غزة، وفتح أسواق لصادراتها الزراعية وغير الزراعية، وحل مشكلة جودة المياه هناك.. وأيضاً أن نتمكن لجنة الانتخابات المركزية من تحديث السجل الانتخابي في غزة... وأخيراً، بماذا نصح مرشد الثورة الإيرانية رئيس وزراء حكومة غزة 'يجب الحذر دائماً من تسلل أنصار التسوية الى منظمة المقاومة لإضعافها تدريجياً:.بندورة وفليفلة، فراولة وزهور، أثاث وثياب.. هذا هو المهم، لأنه ما ينفع الناس وصمودهم فعلاً!