بقلم: حسين نظير السنوار

يحل الليل ثقيلاً على المواطنين في قطاع غزة، ففيه يزيد الخوف لديهم خاصة الأطفال والنساء، بسبب تركيز قوات الاحتلال الإسرائيلي من حدة قصفها في هذه الأوقات، فلا هم يستطيعون حماية أنفسهم ولا أطفالهم الذين تتعالى صرخاتهم محطمة سكون الليل، ليستيقظوا من نومهم مفزوعين.

وتتعمد قوات الاحتلال تركيز قصفها وإطلاق نيرانها وقذائفها في ساعات المساء والليل بهدف إرهاب المواطنين، وإيقاع أكبر عدد منهم من الشهداء والمصابين، في ظل عدم تمكن الطواقم الطبية والطواقم المختصة من الوصول إليهم بسبب الظلام الدامس وشح الإمكانيات، ما يبقي العديد منهم تحت الركام وفي الطرقات ينزفون إلى أن يرتقوا شهداء.

يقول المواطن خالد زقوت: بعدما كان الليل للراحة والنوم حولته آلة الحرب الإسرائيلية إلى كابوس يقلق راحتهم، ويصب في قلوبهم الرعب والخوف، ويزيد من فزع أطفالهم ونسائهم.

ويضيف: ليس لدينا القدرة على حماية أنفسنا ولا أطفالنا ولا أهلنا، خاصة وأنه وفي لحظة القصف يفقد الشخص أعصابه وكثيرون يفقدون وعيهم من الخوف، وتتجمد الدماء في عروقهم، ويصعب حينها التصرف بحكمة، ويزيد رعب الأطفال والنساء الذين يحتاجون للحماية والرعاية الأبوية.

أما المواطن سالم شراب يقول: لقد أجبرنا العدوان على مدار عام ونصف تقريبًا على السهر القسري خوفًا من أن يصيبنا صاروخ ونحن نائمون، لذا نبقى مستيقظين لا نستطيع النوم، خاصة وأننا نعيش في خيمة بين قطع من القماش الخفيف التي لا تحمي، ونبقى نفكر بمن حولنا.

وتساءل: إن نمنا في الليل من الذي سيحمي أطفالنا وزوجاتنا وبناتنا في الخيام؟ والسهر المتواصل جعل أجسادنا هزيلة ومتعبة، وأصبحنا مع مرور الليالي لا نقوى على ذلك، خاصة وأننا لا نتناول طعامًا ولا شرابًا كما يجب، ففي غالبية الوقت نشرب المياه الملوثة وغير صالحة، لا ندري ما تخبئه لنا الأيام من خوف ورعب وجوع وتشرد.

وتمنى أن تعود الحياة لطبيعتها، وأن تعود السكينة والراحة والنفسية، وأن ينتهي العدوان، ويذهب الخوف ويعود الليل من أجل الراحة والطمأنينة.

من ناحيته، يؤكد المواطن عبد الله حجازي، أن العدوان حرمهم للعام الثاني على التوالي من الصلاة وقيام ليالي رمضان التي ينتظرونها، وأصبحوا يخشون على أنفسهم الخروج من الخيمة للوضوء والصلاة، لأنهم سيموتون في أي لحظة من شدة القصف والخوف.

ويُشير إلى أن مظاهر العبادة وصلاة التراويح وحتى صلاة الفجر، حرم منها الناس في غزة للعام الثاني على التوالي، فهم يخشون التجمهر بأعداد كبيرة، لأن طائرات الاحتلال تستهدف التجمعات، إضافة لعدم وجود مساجد في القطاع بعد تدمير آلة الحرب الإسرائيلية أغلبها.

أما المواطن صالح المدهون يقول: أصبح أطفالي يخشون دخول ساعات المساء والليل من القصف والعتمة حيث لا أضواء ولا إنارة منذ قرابة عام ونصف، أطفالي متعلقون جدًا بي، ويبقون يرتجفون في حضني طوال الليل خاصة عند سماعهم للقصف، أو في لهدير الطائرات، تبقى أيديهم تتشبث بي، لكنني لا أستطيع حمايتهم، نحن نتحدث عن أهوال ومجازر ترتكب بحقنا، كيف سأرد عنهم الصواريخ؟.

وأردف: أصبح لدى أطفال تبول لا إرادي في الليل، هذا لم يكن قبل العدوان، كل ذلك سببه الخوف المتراكم في أجسادهم، يخافون كل شيء، يخافون الخروج من الخيمة والذهاب لقضاء حاجتهم بسبب القصف الذي يتركز في ساعات الليل، ولانتشار الكلاب الضالة حول الخيام ليلاً، أصبحنا لا نأمن على أنفسنا وأطفالنا من الحياة العصيبة التي نعيشها.

ويضيف: نحن نقصف بالطائرات والمدفعية والدبابات والزوارق الحربية في عرض البحر وعن طريق الرشاشات الثقيلة على طول الحدود الشرقية والغربية للقطاع، هذا يكلف المواطنين أرواحهم، خاصة وأن القصف في غالبيته عشوائيًا.

واستأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، فجر الثلاثاء الفائت، وأدى القصف لغاية اللحظة إلى استشهاد أكثر من 591 مواطنًا، وإصابة 1042 آخرين، فيما تشير الإحصائية الأخيرة لأعداد الشهداء في القطاع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى أنه بلغ قرابة 49000 شهيد، إضافة لأكثر من 112000 جريح، إضافة لآلاف المفقودين ومن هم تحت الركام وآلاف الأسرى والمعتقلين.