أكد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، يوم أمس الثلاثاء 2025/03/18، على أن "إسرائيل خرقت الليلة الماضية بشكل متعمد اتفاق وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية، بمصادقة أميركية، لأنها لم تشأ تطبيق جميع الشروط التي تعهدت بها قبل شهرين، ولا توجد طريق أخرى لتفسير القرار باستئناف القتال في القطاع".
وأضاف: "لا يمكن اعتبار تنكيل الفصائل الفلسطينية النفسي بالاسرى وأفراد عائلاتهم طوال دفعات التحرير (تبادل الأسرى) الأخيرة أنه خرق كبير للاتفاق من جانبها، فحكومة إسرائيل هي التي لم تنفذ الاتفاق، عندما لم تستكمل في الأسابيع الأخيرة انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وخاصة من محور فيلادلفيا، مثلما التزمت، والفصائل الفلسطينية رفضت غض الطرف والتقدم في تحرير اسرى بموجب مبادرات الوساطة الجديدة التي طرحها الأميركيون، وأصبحت المفاوضات عالقة".
وتوقع هرئيل أن تواصل إسرائيل غاراتها الجوية لاحقًا، "وكذلك تنفيذ خطة رئيس هيئة الأركان العامة إيال زامير، باجتياح بري جديد وواسع في القطاع، أملاً بأن تهزم هذه المرة نهائيًا الفصائل الفلسطينية، وأن تشارك في الاجتياح، عدة فرق عسكرية، بعد استدعاء واسع لقوات الاحتياط مرة أخرى، وسيتم لأول مرة في ظروف لا يوجد فيها إجماع حقيقي في الجمهور على عدالة العودة إلى الحرب".
ويدعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أنه فقط من خلال الضغط العسكري على الفصائل الفلسطينية سيكون بالإمكان إعادة الأسرى الإسرائيليين الـ59 الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.
لكن هرئيل شدد على أن "هذه ذريعة مفندة منذ فترة طويلة، وعمليًا، هناك 40 اسيرًا تقريبًا ماتوا في القطاع، في ظروف مختلفة، بعد أن اسروا أحياء من الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر، واستئناف الضغط العسكري يشكل بكل تأكيد خطرًا على الاسرى الأحياء، ومن شأنه أن يؤدي إلى تشديد آخر في ظروف أسرهم المستحيلة، وفي سيناريو أكثر تطرفًا يمكن أن يدفع الفصائل الفلسطينية إلى استهداف بعضهم كانتقام".
وتبرر الحكومة الإسرائيلية استئناف الحرب على غزة بهدف إخراج المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى من الجمود، وأن تنفذ تعهدها بهزم الفصائل الفلسطينية، "بالرغم من أن الجداول الزمنية لتحقيق هذين الهدفين ليسا متزامنين، إذ أن الاسرى يمكن أن يموتوا قبل أن تهزم الفصائل الفلسطينية، إذا سيحدث هذا الأمر أصلاً"، وفقًا لهرئيل.
وأشار المحلل إلى "وجود سلسلة من الأهداف السياسية الملحة التي لا يتحدث نتنياهو عنها بصوت مرتفع، وهي إعادة بن غفير وحزبه إلى الحكومة، والمصادقة على الميزانية واستقرار الائتلاف، وهذه المرة، هذه فعلاً حرب سلامة نتنياهو بالكامل، وبضمن ذلك المحاولة لصرف أنظار وسائل الإعلام عن الاحتجاجات المتجددة ضد الحكومة، على خلفية عزم نتنياهو إقالة رئيس الشاباك".
ورأى هرئيل أن "الغاية الحقيقية التي يسعى نتنياهو إليها هي الانزلاق تدريجيا إلى نظام ذي مميزات ديكتاتورية، بحيث يحاول ضمان بقائه بواسطة الحفاظ على حرب أبدية في عدة جبهات. ويبدو أنه بالنسبة له بإمكان المخطوفين أن يموتوا في الأنفاق، مع عِلمه بأنهم ساهموا في بقائه في الحكم".
كذلك رأى المحلل السياسي في موقع "واللا" الإلكتروني باراك رافيد، أنه "على عكس تصوير الأحداث في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن وقف إطلاق النار لم ينهر، وإنما الحكومة الإسرائيلية تسببت بانهياره".
وأضاف: "قرار استئناف الحرب من شأنه أن يؤدي إلى أشهر طويلة أخرى من الحرب في غزة، ولمقتل جنود كثيرين في عملية برية متجددة، ولمزيد من الدمار الهائل في غزة ولمقتل آلاف أخرى من الفلسطينيين، ويشكل خطرًا كبيرًا على الـ22 اسيرًا الذين بموجب التقديرات الإسرائيلية لا يزالون على قيد الحياة".
ولفت رافيد إلى أنه "وفقًا لإفادات مخطوفين تحرروا وخلافًا لادعاءات الحكومة، فإن الضغط العسكري أدى بالأساس لمقتل مخطوفين وليس لتحريرهم أحياء، وقررت الحكومة استئناف الحرب عشية استئناف الاحتجاجات العامة ضدها على خلفية خطواتها لدفع الانقلاب على القضاء واستهداف المؤسسات الديمقراطية".
ووفقًا لرافيد، فإن "نتنياهو والوزير المقرب منه رون ديرمر، حاولا إقناع إدارة ترامب بالتنكر للصفقة التي تحققت بوساطة إدارة بايدن، وهذه لم تكن مهمة شاقة على إثر الاحتقار البنيوي الذي يكنه ترامب تجاه أي خطوة نفذها سلفه في المنصب".
وأضاف: "نتنياهو دفع الأميركيين إلى طرح سلسلة مقترحات جديدة في محاولة للالتفاف على التعهد المركزي الذي وافقت الفصائل الفلسطينية عليه في الصفقة الأصلية، وهو موافقة إسرائيلية على وقف إطلاق نار دائم".
وتابع: "ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحرب في غزة، قد يجد نفسه الآن في الوضع نفسه الذي تواجد فيه بايدن، بمنحه دعمًا لحرب لا تنتهي، ومن دون قدرة على التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تحرير الاسرى ووقف إطلاق نار دائم، وفي وضع كهذا، قد يواجه ترامب صعوبات في تنفيذ خطوات أخرى أراد تنفيذها في الشرق الأوسط".
وأشار رافيد إلى أن تقديرات مسؤولين إسرائيليين تفيد بأن "الفصائل الفلسطينية ستواجه غزوًا إسرائيليًا متجددًا بواسطة تفجير ألغام وحرب عصابات بالأساس، وطريقة القتال هذه أدت لمقتل جنود كثيرين في الأشهر التي سبقت وقف إطلاق النار، والتقديرات في إسرائيل هي أن هذا ما سيحصل هذه المرة أيضًا".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها