بقلم: عنان شحادة

في أحد أحياء مدينة بيت ساحور شرق بيت لحم، انفجرت موهبة اللاعبة نغم إبراهيم شعبيات (19 عامًا)، في لعبة كرة القدم، لتستكمل مشوار والدها الذي كان لاعبًا في أرثوذكسي ثقافي بيت ساحور.

اللاعبة الشابة شعبيات سارت على طريق معظم لاعبات منتخبات الوطني لكرة القدم ونجماتها اللواتي احترفن في الخارج، حيث وقّعت مؤخرًا عقدًا احترافيًا مع نادي شيكميكوي بيلجيدوجا سبورتيف التركي الذي ينشط في الدوري الممتاز.

بصوتها الهادئ وطمحوها الكبير وإيمانها بعدالة قضيتها الفلسطينية، لم تُخفِ اللاعبة شعبيات أن دخولها معترك اللعبة لم يكن بمحض الصدفة، بل كان من خلال منارتها التي أضاءت لها الطريق، والدها الذي كان يحرص دومًا على اصطحابها معه إلى الملاعب، سواء في التدريبات أو إجراء مباريات لفريقه ثقافي بيت ساحور، أو حتى الجلوس معه ومشاهدة المباريات عبر شاشة التلفاز، ليزرع فيها بذور الموهبة.

وتابعت: "لم أسمع لأي انتقادات من المجتمع المحيط، ولم أُصغِ بتاتًا إلى كل الانتقادات، بل ضربت بها عرض الحائط وواصلت مشواري بدعم واضح من كل أفراد عائلتي الذين كانوا سندًا لي ومنحوني الثقة، بل تابعوني خطوة بخطوة".

وبينت شعبيات أنها مارست هواية كرة القدم منذ أن كان عمرها 6 سنوات، وبعدها التحقت بأكاديمية جوزيف بلاتر تحت قيادة المدرب رؤوف أبو سعدى وعمري لا يتجاوز 8 سنوات، بعدها وفي عمر الـ 12 انتقلت إلى أرثوذكسي ثقافي بيت ساحور، بإشراف المدربين عامر خير ومجد قمصيه.

وتابعت: "تم استدعائي للالتحاق بمعسكر للفئات العمرية الناشئة وعمري لا يتجاوز الـ 12 عامًا بحضور 60 لاعبة، على إستاد الخضر تحت قيادة المدرب عامر خير، فكان هذا انطلاقة حقيقية نحو تعزيز ثقتي بنفسي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أطور نفسي مع التنقل بين مختلف الفئات العمرية للمنتخب الفلسطيني، وصولاً إلى المنتخب الأول بحمد الله".

وأشارت شعبيات إلى أن تخوفها الوحيد كان بعد انتهائها من الثانوية العامة وطموحها إلى الدراسة في الخارجي، هل هذا سيكون عائقًا أمام مواصلة المشوار؟. لكن بحمد الله التحقت بفريق الجامعة التي أدرس فيها الآن بتركيا بتخصص العلاج الطبيعي، وكانت انطلاقة أخرى نحو الأفضل والنجومية عندما تم استقطابي إلى فريق من الدرجة الثانية، ثم عرض الاحتراف في فريق بإسطنبول "تشيكميكوي" الذي يلعب ضمن الدوري الممتاز للسيدات، بعقد لموسم واحد.

وكشفت أنها تلقت عروضًا للعب في إسبانيا وجمهورية مصر العربية، لكن والدها قابله بالرفض إذ إنه أحرص على التوازن بين ممارسة كرة القدم ومتابعة تحصيلي العلمي.

وأعربت عن فخرها الكبير بما وصلت إليه معتبرًا نفسها سفيرة لفلسطين من خلال التأكيد للعالم أن هناك فئات أطفال وشباب وشابات لديهم المواهب الكبيرة وطموحات نحو تحقيق الأفضل، لكن الاحتلال يحاول دومًا وضع العراقيل لقتل أحلامهم.

ودعت الإعلام الفلسطيني إلى الاهتمام أكبر بالمواهب، خاصة الفتيات لما له من رسالة إنسانية إلى العالم بأن المرأة والفتاة تأخذ حقها في مجتمعنا.

وقالت: "حلمي لم يتوقف، وطموحي بعد توفيق من رب العالمين، أن أحترف في أحد الأندية الأوروبية".

واعتبر والدها أن ما وصلت إليه ابنته هو فخر لكل فلسطيني عامة وتحديدًا الفتاة الفلسطينية التي تؤكد دومًا أنها إلى جانب شقيقها الشاب، وهذا عنوان حقيقي لعظمة شعبنا في حياته اليومية رغم الظروف الصعبة التي يمر بها بفعل الاحتلال.

وأضاف: "لم أبخل يومًا عن ابنتي بأن أقدم لها كل الدعم، وأنا فخور جدًا بما وصلت إليه الآن، وهذا حق مشروع لكل فتاة تريد تحقيق أهدافها المختلفة، أتمنى لها التقدم والوصول إلى نجومية عالمية".

من جانبه، أكد الأمين العام لاتحاد كرة القدم فراس أبو هلال أن الاتحاد يحرص دومًا على دعم الرياضة النسوية، وهو ما يظهر جليًا من خلال تنظيم بطولات لمختلف الفئات العمرية، قبل أن تتوقف بسبب العدوان الأخير على قطاع غزة والاعتداءات المتواصلة على محافظات الضفة الغربية.

وأضاف: أن الاتحاد حرص في ظل توقف النشاط الرياضي على إعطاء العديد من اللاعبات الفرصة للاحتراف في أندية خارجية، لا سيما في الأردن وجمهورية مصر العربية (الأهلي والزمالك) وتركيا وأخرى، واللواتي وصل عددهن إلى 10 لاعبات محترفات.

وأشار أبو هلال إلى أن الاتحاد رغم الظروف التي تمر بها الأراضي الفلسطينية، فإن الاهتمام باق وقائم بالرياضة النسوية، وخير دليل على ذلك الحرص الكبير على مشاركتهن في الاستحقاقات الخارجية.

من ناحيته، وصف المدرب رؤوف أبو سعدى، النجمة نغم بأنها كانت مجتهدة، ورائعة، وطموحة، وماهرة وسريعة في اللعب، وتمتلك كل صفات اللاعب الموهوب.

وأضاف أبو سعدى: أن انضباطها بالتدريبات أوصلها إلى تحقيق طموحها والوصول إلى ما هي عليه الآن، إضافة إلى مثابرة والدها من حيث التشجيع بمرافقتها إلى التدريبات والمباريات.

واحترفت تسع لاعبات فلسطينيات في دوريّات عربيّة، وأعلن نادي الأهلي المصري الموسم الماضي تعاقده مع أحلام نصر (19 عاماً)، ونادين محمد (21 عاماً)، اللتين تلعبان في مركز خطّ الوسط، إلى جانب تعاقده مع المدافعة سارة الكرد (19 عاماً)، فيما وقّع غريمه التقليدي الزمالك مع المهاجمة ميرال قسيس (18 عاماً).

وانطلق أول دوري فلسطيني منتظم لكرة القدم للسيدات في موسم 2008-2009، وتُوّج بلقبه نادي جامعة بيت لحم، الذي تحوّل لاحقاً إلى اسمه الحالي نادي ديار بيت لحم، وكان أول ظهور لمنتخب السيدات أمام الأردن قبل حوالي 20 عامًا.

وعلى مستوى المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، تمكّن الفدائي من الحصول على وصافة اتحاد غرب آسيا 2012، والوصول إلى الدور نصف النهائي للبطولة في نسختي 2010 و2024، علما أن منتخبنا النسوي يعتمد على اللاعبات الناشطات في الدوري المحلي المكوّن من ستة أندية، إلى جانب اللاعبات القادمات من داخل أراضي الـ48، أو المحترفات خارج فلسطين في أندية عربيّة وغير عربيّة.