من دون شك أن موقفًا عربيًا قويًا قد تُشكل، وأصبحت الرسالة العربية والفلسطينية واضحة للرئيس الأميركي ترامب، وإلى الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بأن التهجير، واقتلاع الفلسطينيين من قطاع غزة، ومن أي منطقة أخرى من أرضهم الوطنية، هو أمر مرفوض وخط أحمر لا تقبل الدول العربية تخطيه، كما أكدت الشقيقة السعودية على موقفها الثابت بأن التطبيع ووجود علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مرتبط بوجود دولة فلسطينية مستقلة، وأن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية هي حصريًا صاحبة الولاية.
بهذا المعنى فإن النص السياسي للقمة أصبح جاهزًا ومتفق عليه، لكن يبقى أن نجيب على مقترح الرئيس ترامب بخطة عملية، أن نقدم عربًا وفلسطينيين بديلاً لخطته الجهنمية، خصوصًا أنه وفي أحد تصريحاته تحدى العرب بأن يقدموا له بديلاً إن هم رفضوا مشروعه.
ومن الناحية العملية، فإن البديل، أو المشروع العربي الفلسطيني المضاد بالضرورة أن يتضمن العناصر التالية:
- أولاً: المضمون السياسي للمشروع، ويستند إلى حل الدولتين المتفق عليه دوليًا، وإن الشرق الأوسط الجديد يحتاج أن تكون فيه دولة فلسطينية تؤمن الاستقرار، دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وعلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، دولة قابلة للحياة.
- ثانيًا: أن يشار بشكل واضح إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية هي صاحبة الولاية في اليوم التالي على الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية.
- ثالثًا: ضمان الأمن للجميع، بأن يتم الإشارة إلى نظام أمني متفق عليه للشرق الأوسط الجديد يسهم في التصدي المشترك لأي ظواهر من التطرف العابرة للحدود.
- رابعًا: مضمون الدولة الفلسطينية وطبيعة نظامها السياسي وتسليحها، والثقافة المنوي تنميتها في هذه الدولة، بأن تكون دولة مدنية عصرية، نظامها مبني على مبدأ فصل السلطات، ومبدأ سيادة القانون، وتنمية اقتصادية مستدامة وثقافة تدعو للحوار والتسامح، ومناهج تعليم خالية من اية مواد يمكن ان تنشر الكراهية والتطرف.
- خامسًا: الكيفية التي سيقدم خلالها للسلطة الوطنية الفلسطينية الدعم وتمكينها لتكون قادرة على تلبية متطلبات مضمون الدولة الفلسطينية المشار إليه.
- سادسًا: عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة والضفة، وفي قطاع غزة تحديدًا، وهذا يتطلب تفاصيل حول التمويل والمراحل، وكيف سيتم التعامل مع السكان الموجودين. من ناحية إغاثته وتأمين مساكن مؤقتة وبنى تحتية تخدم بقائهم على أرضهم. وأيضًا الدول المشاركة في التمويل، ومع التأكيد عن عملية البناء يمكن أن تستوعب كافة المستثمرين من دول وشركات.
- سابعًا: أن تقدم السلطة الوطنية الفلسطينية مشروعًا متكاملاً لكيفية إعادة بناء مؤسساتها بشكل عام، وفي قطاع غزة تحديدًا، المؤسسات السياسية والأمنية والخدماتية وغيرها، وأن تضع خطة للنهوض بالإنسان الفلسطيني ووعية بحيث يضمن تفعيل المجتمع وطاقاته، وضمان مشاركة متساوية لكل أفراد المجتمع رجال ونساء.
- ثامنًا: أن تفعل شبكة الأمان المالية العربية فورًا وأن يقدم الدعم المالي للسلطة الوطنية، لتكون قادرة على القيام بواجباتها، إذ لا يمكن المضي بترداد مقولة السلطة ضعيفة وغير قادرة دون النظر إلى أنها لا تتلقى الدعم الكافي من أشقائها العرب.
- تاسعًا: أن تعلن الدول العربية في القمة أنها لن تمول أو تدعم أي ظاهرة انقسامية، وأن يسهم دعمها في تماسك ووحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته.
هناك حاجة إلى أن تكون الخطة البديلة مكتملة سياسيًا وأن تضمن رؤية للمستقبل. ولكن بالأساس أن يتم دعم الكيانية السياسية الوطنية الفلسطينية، وأن ينتهي زمن سياسات إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن ثم وبعد إضعافها يقال أن هذه السلطة ضعيفة لا تستطيع تحمل مسؤوليتها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها