يجمع المعتقلون الذين أفرجت عنهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن ضمن اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة، أن ما تعرضوا له من تعذيب وانتهاكات خلال الأشهر الأخيرة، وتحديدًا بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 يفوق كل الانتهاكات التي تعرضوا لها على مدار سنوات اعتقالهم السابقة.
وقال المعتقل المحرر وائل النتشة (58 عامًا) من مدينة الخليل، والذي أمضى 27 عامًا في معتقلات الاحتلال وكان محكومًا بالسجن المؤبد: إن إدارة معتقلات الاحتلال شنت خلال آخر 16 شهرًا هجمة شرسة على المعتقلين، من تجويع وضرب وتنكيل وتنويم في البرد، وسحب الملابس والأغطية.
وأضاف: أن الأسبوع الأخير في المعتقل كان مقلقًا لأنه كان من المفترض أن ينال الحرية في الدفعة السابقة، وتم حجزه ومعتقلين آخرين في معتقل عوفر، وحتى اللحظة الأخيرة من الإفراج عنهم كانت إدارة معتقلات الاحتلال تتلاعب بأعصابهم، دون معرفة أي معلومة، ما أدى لضغط وإرباك بين صفوف المعتقلين، حتى ظنوا أنه سيتم توزيعهم على أقسام المعتقل مرة أخرى.
من جانبه، قال المعتقل المحرر هيثم جابر (51 عامًا) من بلدة حارس شمال سلفيت، والذي أمضى 23 عامًا في معتقلات الاحتلال وكان محكومًا بالسجن 28 عامًا: إنه قبل الإفراج عنه قامت إدارة معتقلات الاحتلال بالحلاقة لهم بالقوة، وأنه حتى اللحظة الأخيرة كانت تتم معاملتهم بشكل غير إنساني من قبل الاحتلال، مناشدًا بأن يتم الاهتمام بأوضاع المعتقلات وتحسين أوضاع المعتقلين فيها.
وأضاف: أن الواقع في المعتقلات يُرثى له، لدرجة أنه كان يتم إعطاؤهم زجاجة ماء واحدة لعشرين معتقلاً طوال 24 ساعة، وكانوا يقطعون المياه عنهم ما يجعلهم غير قادرين على قضاء حوائجهم اليومية.
ومن جهته، قال المعتقل المحرر قتيبة مسلم (56 عامًا) من قرية تلفيت جنوب نابلس والذي أمضى نحو 25 عامًا في معتقلات الاحتلال: إنه منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 يتواصل استهداف المعتقلين، حيث تعرضوا للضرب والتنكيل وعمليات التفتيش في معظم الأحيان، وأنه تعرض للضرب المبرح ما يقارب الـ60 مرة خلال تلك الفترة.
وأضاف: أن أوضاع الحركة الأسيرة كارثية جدًا، ولم تشهد أوضاعًا بهذا السوء وبدرجة من الكارثية كما تشهده اليوم، لكن معنويات المعتقلين عالية وإرادتهم حديدية، وأن كل معتقل ينتظر لحظة الحرية.
ومن جانبه، قال المعتقل المحرر سعيد قمبز (38 عامًا) من القدس، والذي أمضى 10 سنوات في معتقلات الاحتلال: إن ظروف المعتقل صعبة جدًا ولا يستطيع وصف صعوبتها، وتعرضوا للضرب وتم عزلهم في الأيام العشرة الأخيرة قبل موعد الإفراج، وأن اليومين الأخيرين كانا الأصعب.
ومن جهته، قال المعتقل المحرر سامح الشوبكي (44 عامًا) من قلقيلية والذي أمضى 22 عامًا في معتقلات الاحتلال وكان محكومًا بالسجن المؤبد: إن كلمة صعب لا تعبر عما مروا به خلال 16 شهرًا الماضية، حيث "دخلت الحرب عليهم إلى الزنازين".
وقال نادي الأسير الفلسطيني في تقرير له: إنه "في كل مرة يتم تحرير معتقلين، نجد هيئات المعتقلين تعكس مستوى الجرائم التي مورست بحقهم، ومنها عمليات التعذيب غير المسبوقة بمستواها بعد السابع من أكتوبر 2023، وجرائم التجويع، والجرائم الطبيّة الممنهجة، وإصابة عدد منهم بمرض الجرب (السكايبوس)، إلى جانب عمليات الضرب المبرّح التي تعرض لها المعتقلون قبيل الإفراج عنهم والتي استمرت لأيام بحسب العديد من إفاداتهم، والتي أدت في بعض الحالات إلى إصابات بكسور في الأضلاع".
وأكد نادي الأسير أن "الاحتلال يمارس إرهابًا منظمًا بحق المحررين وعائلاتهم، من خلال عدة أساليب، تم رصدها وأبرزها، الضرب المبرح الذي طال المحررين، والتهديدات التي وصلت إلى حد القتل في حال تم تنظيم أي حفل استقبال أو إن أبدت العائلة أي مظهر من مظاهر الاستقبال".
كما أكد نادي الأسير، أن الاحتلال يهدف من كل ما يقوم به إلى استهداف رمزية المعتقل الفلسطيني في الوعي الجمعي الفلسطيني.
وفي آب/أغسطس الماضي، أصدر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، تقريرًا تتضمن شهادات أدلى بها 55 معتقلاً فلسطينيًا بعد الإفراج عنهم من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، تؤكد تعرضهم للتعذيب والاعتداء الجنسي والإهانة والتجويع.
وتألف التقرير من 90 صفحة، وحمل عنوان: "أهلاً بكم في جهنم: تحول السجون الإسرائيلية إلى شبكة من معسكرات التعذيب"، وجرى نشره باللغات: العبرية والإنجليزية والعربية.
وقالت "بتسيلم": يتناول تقرير "أهلاً بكم في جهنم" مُعاملة المعتقلين الفلسطينيين وحبسهم في ظروف لا إنسانيّة في السجون الإسرائيليّة منذ 7 تشرين الأول 2023.
وأضافت: "في إطار البحث والإعداد لهذا التقرير تم تسجيل إفادات أدلى بها 55 فلسطينيًا وفلسطينية، ممّن احتُجزوا في السّجون ومرافق الاعتقال الإسرائيليّة خلال هذه الفترة. الغالبية الساحقة من الشهود لم يُحاكموا".
وتابعت: "تبيّن إفادات المعتقلين نتائج عملية سريعة، تحوّل في إطارها أكثر من اثني عشر من مرافق الاعتقال الإسرائيليّة، مدنيّة وعسكريّة، إلى شبكة معسكرات هدفها الأساسيّ التنكيل بالبشر المحتجزين داخلها. كلّ من يدخل أبواب هذا الحيّز، محكوم بأشدّ الألم والمُعاناة المتعمّدين وبلا توقّف، حيز يشغل عمليّاً وظيفة مُعسكر تعذيب".
وأشارت "بتسيلم" إلى أنه استنادًا إلى الإفادات التي أوردها التقرير "يتضح واقع تحكمه سياسة هيكلية وممنهجة قوامها التنكيل والتعذيب المستمرين لكافة المعتقلين الفلسطينيين، بما يشمل العنف المتكرر القاسي والتعسفي والاعتداء الجنسي والإهانة والتحقير والتجويع المتعمد وفرض ظروف نظافة صحية متردية والحرمان من النوم ومنع ممارسة العبادة وفرض عقوبات على ممارستها ومصادرة جميع الأغراض المشتركة والشخصية ومنع العلاج الطبي المناسب".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها