بقلم: الحارث الحصني 

بين حقول الزيتون في بلدة حوارة جنوب نابلس، ليست الأجواء الجميلة فقط ما يوفره موسم قطف الزيتون. فصباح يوم الأربعاء، أصيب شابان برضوض نتيجة اعتداء المستعمرين عليهما، وهو أمر يعطي صورة أكثر شمولية عما يجري في قرى وبلدات نابلس عموما.

ورغم الطقوس المبهرة في واحد من أهم المواسم الشعبية لدى الفلسطينيين، لكن في قرى وبلدات نابلس، يكون الأمر محط خطورة على المواطنين.

فالمناطق الجبلية المزروعة بحقول الزيتون والبعيدة عن مراكز القرى بخاصة، تكوّن بيئة خصبة لاعتداءات المستعمرين "بحماية قوات الاحتلال" ضد قاطفي الزيتون.

وتظل قصة الشابين صقر خالد عودة، وعبد الرحيم عودة، هي الاعتداء الأحدث لهذا اليوم في حوارة، بعدما اعتدى عليهما المستعمرون وأصابوهما برضوض.

وقصه هذين الشابين هي الوجه الحقيقي لشكل موسم قطف الزيتون في المناطق التي تصل إليه أيدي المستعمرين في قرى نابلس.

قال عبد الرحيم: "كنا قد وصلنا إلى الحقل للتو.. جاء مستعمر برفقة الاحتلال وطوقونا واعتدوا علينا بالضرب".

يعاني عبد الرحيم من كسر بالقدم، فيما يعاني صقر من رضوض في الرأس.

في الشهر الماضي نفذ المستعمرون حسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، 234 اعتداء في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، منها 41 في نابلس.

وموسم قطف الزيتون بالنسبة للفلسطينيين، موسمًا يحتاج إلى جهد بشري على طول ساعات اليوم، وتكون معظم المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في المناطق الجبلية والبعيدة عن أماكن البنيان العمراني.

والاستماع لشهادات من أصحاب الشأن، يعطي إجابة واضحة عن كيف يحدث الفعل.

يقول حمدان عودة، شاب من بلدة حوارة: إن "الاحتلال اعتدى عليه أمس واستولى على محصول الزيتون، وطرده من كرم الزيتون".

ويعيش المواطنون في تلك القرى الواقعة تحت لهيب الاستعمار، سباقًا مع الزمن كي لا يفقدوا محصولهم بالكامل.

قال عودة: "بدأنا بقطف الزيتون لاستخراج الزيت منه، أنت لا تعلم متى سيأتي المستوطنون ويحطمون أشجار الزيتون أو يحرقوها".

ونحن لا نتحدث عن التاريخ المناسب لبدء قطف محصول الزيتون.

نشر المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" في تقرير بعنوان "عنف المستعمرين.. عنف الدولة": "يشمل عُنف المستعمرين الضرب ورشق الحجارة والتهديد والوعيد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار وشتّى المزروعات وسرقة الثمار واستهداف المنازل وتخريب السيّارات وإغلاق الطرق وإطلاق النّار، وفي حالات نادرة القتل أيضاً".

وتشهد مناطق جغرافية واسعة في الضفة الغربية اليوم، اعتداءات متكررة ينفذها المستعمرون تحت حماية قوات الاحتلال، وموسم قطف الزيتون أكثر المواسم التي تسجل فيها حالات اعتداء.

في الموسم الماضي، رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 333 اعتداءً ضد قاطفي الزيتون منذ بدء الموسم في الأسبوع الأول من شهر اكتوبر/ تشرين أول.

وأشار التقرير الصادر عن الهيئة، إلى أن قوات الاحتلال والمستعمرين منعوا المواطنين من الوصول إلى مساحة 500 ألف دونم من أراضيهم، منها 200 ألف دونم حاصرها الاحتلال بالمستعمرات، و300 ألف دونم معزولة خلف جدار الضم والتوسع العنصري.

إن اعتداءات المستعمرين ضد الفلسطينيين في موسم قطف الزيتون، لا حدود لها.

ففي العام الماضي استشهد المواطن بلال محمد صالح في قرية الساوية برصاص مستعمرين أثناء قطف ثمار الزيتون.

وفي تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن العام الماضي، أوضح أن الاعتداءات توزعت على 40 عملية إطلاق نار وتهديد بالأسلحة تعرض لها المزارعون، و55 عملية اعتداء جسدي وترهيب، و31 عملية منع وصول إلى الحقول والمزارع، و38 عملية طرد من الحقول، و29 عملية سرقة محاصيل.

وأضاف التقرير: أن 126 عملية اعتداء تعرضت لها الأراضي المزروعة بالزيتون في الموسم الأخير، منها 37 عملية قطع وتكسير وتجريف أراضٍ مزروعة بالزيتون أدت إلى تخريب ما مجموعه 3852 شجرة زيتون تركزت في محافظات نابلس والخليل وسلفيت، مشيرًا إلى أن تسجيل 29 عملية استيلاء وسرقة للمعدات الزراعية بهدف عرقلة جهود المواطنين في استكمال الموسم الزراعي، وفرض تكاليف باهظة تعرقل عملهم.

منذ عام، وتحديدًا منذ السابع من أكتوبر الماضي، ذهبت الأمور بالضفة الغربية إلى تصعيد اعتداءات الاحتلال والمستعمرين بشكل ملحوظ.

ففي الشهر الماضي وثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 1344 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه.