بقلم: عبد الباسط خلف

كان رئيس بلدية جنين، نضال عبيدي، يستعد ظهر يوم الأربعاء لتوقيع وثيقة مع مقاول محلي، لإصلاح الأضرار الكبيرة في البنية التحتية والمباني التي خلفها اجتياح جيش الاحتلال قبل 19 يومًا، لكن الاقتحام الجديد حال دون ذلك.

ومنع توغل الاحتلال في معظم الأحياء الشرقية للمدينة ومخيمها، وإطلاق صافرات الإنذار منتصف النهار من المضي في الإجراءات البروتوكولية لرزمة إعادة إعمار بـ 5 ملايين شيقل.

وقال عبيدي: إن "طواقم البلدية والمؤسسات الخدماتية الأخرى أنهت منذ يومين أعمالها، وحصرت الأضرار في المباني والممتلكات، لكن العدوان الجديد سيعقد كل شيء، وسيخلط الأوراق".

وشرعت ثلاث جرافات ثقيلة "D9" في تدمير طرقات الحي الشرقي، كما استهدفت البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي وخطوط المياه، وذهبت بجهود الموظفين والمتطوعين أدراج الرياح.

وأكد عبيدي أن مشاريع إصلاح الأضرار كانت ستدفع على مراحل، وستبدأ بنصف مليون شيقل، وتهدف إلى ترميم البيوت، مبينًا أن ما يعقد المهمة قرب حلول الشتاء، وتكرار عمليات التدمير، الذي لن يسمح للعاملين والمتطوعين وللآليات بحرية العمل، خاصة مع عدم معرفة ما الذي يمكن أن يجري.

- نذير شؤم

وأصبحت جرافات "الدي ناين" ترافق أهالي المدينة ومخيمها وريفها، ونذير شؤم، لأن تداول أخبار تواجدها في حواجز الاحتلال المحيطة بالمدينة، ومشاركتها في الاقتحامات، يعني أن جولة تدمير جديدة ستبدأ.

ووصفت سارة علي، وهي ناشطة شبابية، أن جرافات الاحتلال الثقيلة أصبحت إحدى الأدوات التي يربطها المواطنون بالتدمير والتخريب، بعد أن كانت بالنسبة إليهم وسيلة بناء في الأوقات الاعتيادية.

بدوره، أوضح مدير عام الحكم المحلي في جنين، عبد المجيد مدنية أنه كان من المقرر تسليم القوائم النهائية لحصر الأضرار في المباني والمتاجر والطرقات والبنية التحتية إلى مجلس الوزراء، بعد ثلاثة أيام، مشددًا على أن المجلس منح المجالس بعدم طرح عطاءات مركزية، ورفع القيود عن الشراء المباشر؛ للإسراع في وتيرة العمل.

وقلب اقتحام جنين في ذروة العمل المدينة ومخيمها رأسًا على عقب، إذ تم تفعيل صافرات الإنذار في المساجد، وشهدت الأسواق والطرقات أزمة مرورية خانقة، فيما أقفلت المؤسسات العامة والخاصة أبوابها، وبدأت مديرية التربية بتأمين وصول طلبة المدارس المحيطة بالمستشفى الحكومي، إلى بيوتهم.

وقال مدير عام التربية والتعليم، طارق علاونة: إنه "جرى إخلاء الطلبة كافة في غضون 90 دقيقة، وتم تأمين 25 طالبًا من بلدة قباطية إلى مقر "الأمن الوطني"، ثم سلموا إلى عائلاتهم".

وأوضح مدير مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي وسام بكر، أن دوريات الاحتلال حاصرت المستشفى، وبدأت بالتدقيق في هويات الأطباء والمرضى الداخلين والمغادرين.

وأضاف: أن المستشفى يتم استهدافه في كل اجتياح، بسبب موقعه الملاصق لمخيم جنين، ولتكرار الاشتباكات حوله.

- تجريف وذئاب

بينما أفاد مدير مركز بلدية جنين الشبابي الكوري، والمقيم في الحي الشرقي، كفاح أبو سرور، بأن جرافات الاحتلال شرعت بعد وقت قصير من الاقتحام في تجريف كل ما جرى إصلاحه بعد الاجتياح الأخير، الذي استمر عشرة أيام.

وذكر بأن التدمير طال، بعد ساعات من الاقتحام البنية التحتية المتاخمة لمسجد خالد بن الوليد، وبطول 300 متر، عدا أسوار لبيوت.

لكن المواطن محمد زكارنة، القاطن في الحي، وصف التدمير الذي حل بأسوار وشوارع وشبكات للبنية التحتية بـ"تجريف فوق تجريف".

وسارع أهالي الحي إلى تفقد الأضرار التي لحقت بطرقاتهم وأسوار منازلهم ومتاجرهم، بعد وقت قصير من التجريف، وليس ببعيد عن أماكن تواجد آليات الاحتلال التي لم تنسحب من المدينة.

فيما نشر مواطنون على صفحاتهم الشخصية مقاطع لأعمال التجريف، وورد في التعليقات عليها: "حفلة الخراب تبدأ مبكرًا هذا الموسم"، و"جاء المتعهدون بالتخريب للعمل في عز الظهر"، و"دولة تركض وراء الشوارع وشبكات الصرف الصحي".

وسخر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مما أشيع عن تسمية العدوان الحالي بـ"وادي الذئاب"، وقال إبراهيم خالد: إن "الموسم الجديد قد انطلق عرضه مع جرافة D9". وكتبت سمر صلاح "انتهت المخيمات الصيفية، وفي الخريف تكثر الذئاب".

ووادي الذئاب مسلسل إثارة درامي وسياسي تركي عرض على الشاشة الصغيرة عام 2003، وذاع صيته في العديد من الدول منها فلسطين، وتمت دبلجته بالعربية، وانتقل اسم العمل ونجومه إلى المتاجر والهدايا والألبسة، كما تحول إلى نغمات للهواتف النقالة.